أجرت صحيفة السوداني ممثلة في الزميل أحمد دقش حوارا مع الدكتور أمين حسن عمر أمين امانة الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) والقيادي الكبير بالحركة الإسلامية. لقد كان يوما ما من (جيل الشباب) ومن المعروفين بأنهم (أولاد الترابي) ولكن مرت السنين وكد الدهر منه كدا ... وصار من الشيوخ قولا واحدا. وهو مفكر تجديدي قح وتواتيه الجرأة في النقد أكثر من غيره إذ ربما تميز عنهم بأنه دخل الحركة الإسلامية بعد أن كان شيوعيا ماركسيا وكان لقبه أمين (شارلستون) لتزامن ظهوره مع هذه الموضة في زمان (الخنفسة) في جامعة الخرطوم. ومن داخل المحضن الآيدولوجي الجدلي في الجامعة تعرف أمين على فكر الحركة الإسلامية وانتقده قبل أن يؤمن به ويصبح من أشد المدافعين عنه لاحقا. سياسيا أمين ليس بذاك التنفيذي الذي يغرق في التفاصيل ويؤدي واجبه فيها جيدا وهذا أمر طبيعي بالنسبة للمفكرين ... بل إن إقحامه في المواقع التنفيذية كان ضرورة ... وفائدتها هي الإرتقاء بالعمل التنفيذي وإن أدخله ذلك في قلاقل لا أول لها ولا آخر في (وزارة الإعلام) و (مؤسسة الأنباء) و (الإذاعة التلفزيون). ولكن أمين ناجح في العمل التنفيذي ذي الطابع السياسي والخارجي الذي يبتعد عن إشكاليات الخدمة المدنية ويشهد له بذلك (إتفاقية الدوحة) التي ساهمت في إحلال السلام في دارفور. في خبر صحيفة السوداني: (سخر الدكتور أمين حسن عمر من التقشف الحكومي في الوظائف الادارية والتنفيذية بالدولة، وقال إن التقشف في الوظائف الإدارية لا يوفر أموالا للحكومة، مبينا أن ذلك يظل مجرد (كلام) لا تصدقه الارقام، وأضاف "تخفيض خمسة وزراء وثلاثة مستشارين المقصود به دغدغة سياسية لا اكثر ولا اقل") .... في هذه النقطة لا بد من إنصاف أمين فالرجل دعا لتقشف حقيقي قبل الآخرين ودعا لتغيير الوجوه وقال فليبدأوا بي. واصل أمين السخرية في غير موضعها هذه المرة – حسب تقديري – وجاء في الخبر ما يلي: (ووصف المؤتمر الدستوري الذي تنادي به القوى السياسية المعارضة بأنه مجرد (مخزن فاضي)، وأكد عدم وجود شيء يمكن تسميته بالحل القومي الشامل. وشن د.أمين في حوار أجرته معه (السوداني) هجوماً عنيفاً على القوى السياسية المعارضة (قوى الإجماع الوطني)، وعلى المؤتمر الشعبي، وقال إن الترابي قام بهندسة آخر مؤتمر عام وآخر مجلس شوري للمؤتمر الشعبي بصورة تامة على يده ليبعد الناس الآخرين، وقال إن المعارضة تتهم (الوطني) بشراء الجماهير بالمال والسلطة، وأضاف "ما الجديد في ذلك؟، ونحن أيضاً نستطيع أن نردد ونقول انهم في الماضي كانوا أيضاً يحضرون بالمال والسلطة، وفي المستقبل سيأتون بالمال والسلطة") هذه اللغة التي ظل الحزب يرددها بضعا وعشرين سنة شيخي أمين صارت لغة قديمة وشائخة وبائخة ... وذلك لأن تدهور حال الأحزاب الوطنية السودانية مسئوليتكم في المؤتمر الوطني وما حدث تم بتخطيطكم وتدبيركم على مدى ربع قرن من الزمان ... والنتيجة أن الحركات الجهوية المسلحة صارت هي البديل المشروع للعمل الحزبي وما أسوأه من بديل .... على الدكتور أمين أن يحترم ذكاءه و(يتخارج) من اللغة القديمة ويبتكر لنا لغة جديدة .... الإعتراف بالذنب فضيلة والمؤتمر الوطني ما زال هو الأقدر على جبر ما كسره ... بدلا من (دغدغة الشعب) و (دشدشة) الأحزاب والتهكم عليها...!