لم يكن رئيس وزراء الحكومة الانتقالية المختار من قوى الحرية والتغييرالدكتور عبدالله حمدوك في حاجة لدرس عصر ليعرف الأسباب التي عرقلت مسار الحكومة وعطلت عملية استكمال تحقيق السلام ووضعت العصي أمام برنامج الإسعاف الاقتصادي وخطوات بسط العدالة ومحاكمة المجرمين والفاسدين. إن خارطة الطريق المستقيم وضعتها قوى ثورة ديسمبر الشعبية منذ بداية انطلاقها وعبرت عنها في شعارات واضحة أشهرها- حرية سلام عدالة، والدم قصاد الدم – لكن للأسف بدأت المؤامرات على الثورة من داخل كابينة القيادة. نعلم أن الحكومة الانتقالية تشكلت برأسين ولذلك عانت من تشاكس مدني عسكري، لكنها تشظت أكثر بعد ظهور الخلافات الحزبية المؤسفة وسط قوى الحرية والتغيير التي فاقمت الصراعات المدنية المدنية وعقدت أزمة الحكم أكثر. إن خارطة الطريق التي طرحها الدكتور حمدوك يوم الثلاثاء الماضي في تنوير صحفي تحتاج أول ما تحتاج لاسترداد عافية الحاضنة السياسية التي قادت ثورة ديسمبر الشعبية وليس لطرح مشروع جديد في ظل وجود برنامج ثورة ديسمبر الشعبية الذي أجمعت عليه جماهير الشعب السوداني التي ثارت ضد نظام الإنقاذ من كل مناطق السودان من أجل تحقيق السلام الشامل العادل وبسط العدالة ومحاكمة المجرمين والفاسدين وتفكيك دولة الحزب لصالح دولة المواطنة وتنفيذ متطلبات الإصلاح القانوني والعدلي وبرنامج الإسعاف الاقتصادي وانتهاج سياسة خارجية متوازنة تعيد السودان لوضعه الطبيعي وسط الأسرة الدولية. نعم حدثت خطوات مقدرة في مجال السياسة الخارجية لكنها ظلت متجاذبة بشكل سافر جراء تجاوزات ظاهرة من المكون العسكري، مثلما حدث في كثر من القضايا المصيرية الأخرى كقضية تحقيق السلام وحماية الأمن المجتمعي وإعادة هيكلة القوات المسلحة. ليس هناك من يطالب بإبعاد شركاء السلام لانهم جزء أصيل من العملية السلمية لكن لابد من تنفيذ قرار مجلس الأمن والدفاع بجمع السلاح من كل حملة السلاح خارج القوات المسلحة النظامية حتى تتم عملية إعادة الجيش السوداني القومي الواحد بلا مجاملة او مماطلة او لولوة، بتعاون صادق من كل حاملي السلاح خارج منظومة القوات النظامية بدون فرز. إن إسترداد عافية الحاضنة السياسة لثورة ديسمبر الشعبية ليست مسؤولية الحكومة الانتقالية ولا شركاء السلام إنما هي مسؤولية الأحزاب والمنظمات المهنية والمجتمعية والكنداكات والشباب الذين قادوا ثورة ديسمبر بمؤازرة صادقة من شركاء السلام – ما داموا ملتزمين بأهدف ثورة ديسمبر وطريقها المستقيم – لإنقاذ سفينة الحكومة الانتقالية ودفعها لاستكمال عملية السلام وإنجاز المهام الإصلاحية المؤسسية في كل المجالات واستعجال قيام المجلس التشريعي الثوري والمؤتمر الدستوري، والعمل سوياً لتهيئة الأجواء الصحية للانتقال السلمي للحكم المدني الديمقراطي.