أخيراً تحدث رئيس وزراء الحكومة الانتقالية الدكتور عبدالله حمدوك بوضوح عن التحديات التي تواجه الحكومة وحذر من حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس، ودعا شركاء السلام للعمل ككتلة واحدة من أجل تحقيق السلام بدلاً من الصراع المؤسف على الكراسي والمناصب وتأجيج الفتن المجتمعية. لأول مرة يعترف د. حمدوك بوجود أياد خفية تعمل على تعطيل عجلة الإنتاج ودولاب العمل الحكومي والتحريض على التفلتات الأمنية وهذا يتطلب من الحكومة ممثلة في أجهزتها الشرطية والأمنية بدعم من القوات المسلحة لحسم هذه التفلتات الأمنية بدلاً من تركها لقوات الدعم السريع ومن والاهم في المجلس السيادي كما نُشر في صحف الجمعة. كذلك أقر رئيس الوزراء بما ظللنا نحذر منه منذ أن طفحت الخلافات الحزبية وسط قوى الحرية والتغيير وقال إن التشظي الذي حدث في مكونات قوى الثورة ترك فراغاً تسلل منه أعداء الثورة وأنصار النظام السبق، ودعا قوى الثورة للعودة لحاضنته السياسية لاسترداد عافيتها وتماسكها وفاعليتها. عندما تحدث عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية اكتفى بالحديث عن ثمار الحراك الخارجي مثل إعفاء 15,5 مليار دولار من ديون السودان الخارجية وتشجُع نادي باريس لإعفاء 23 مليار دولار وقال ان هناك بشريات جديدة باتفاقيات عديدة خلال الأيام المقبلة. مع تقديرنا لهذا التحرك الخارجي التي نأمل أن تتنزل ثماره عملياً عبر مشروعات تنموية واستثمارية تسهم في إنعاش الاقتصاد، ولا يكفي في هذا الصدد مشروع ثمرات أو برنامج سلعتي لأن المطلوب بأعجل مايمكن اعتماد برنامج الإسعاف الاقتصادي ودعم وتشجيع الجمعيات التعاونية الاستهلاكية والإنتاجية وزيادة الاهتمام بالإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية وتشجيع الصادر وترشيد الاستهلاك والصرف الحكومي الذي تضخم أكثر من قبل. بقيت إشارة مهمة جاءت في خطاب الدكتور حمدوك عندما قال : لن نستسلم .. لكن ذلك يحتاج من الحكومة تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادية والقانونية والعدلية واستعجال إجراءات بسط العدل ومحاكمة المجرمين والفاسدين بعيداً عن الجرجرة وتعطيل إجراءات إنفاذ العدالة وسيادة حكم القانون. أما مسألة استرداد عافية الحاضنة السياسية فإنها تحتاج لحراك إيجابي من الأحزاب والقوى المهنية والمجتمعية التي قادت ثورة ديسمبر الشعبية إضافة لشركاء السلام للتضامن بعيداً عن التشاكس وإثارة الخلافات التي يمكن تأجيل حسمها في المؤتمر الدستوري وفي المجلس التشريعي الذي لابد من استعجال تشكيله من قوى الثورة وشركاء السلام بمشاركة مقدرة من الكنداكات والشباب الذين ننتظر منهم المساهمة الفاعلة في الإصلاح المؤسسي في كل الساحات.