ما نُلاحظه في إعلانات التّوظيف هو شَرط الخِبرة، وأن المُتقدِّم للوظيفة لا بُدّ من أنّ له العديد من سنوات الخبرة لذات التّخصُّص أو الوظيفة المُراد الالتحاق بها، لذلك فمن الصّعب على الخريجين حَديثاً إيجاد الوظيفة المطلوبة بسُهُولة، ولكونهم خريجين جُدداً، أي بلا خبرةٍ عمليةٍ، ما يجعل الأمر أكثر صُعوبةً. هناك تساؤلٌ يَطرحه الخِريجون الذين لا يملكون شهادة الخبرة ويريدون وظيفة، لماذا يَرفضونا في التوظيف لعدم امتلاكنا شهادات الخبرة؟! في تقديري الخبرة تُكتسب بالمُمارسة والتّطبيق للصقل المَعرفي وصَقل المَواهب، فيُمكن تَعيين المُوظّف الجَديد بدون خبرةٍ، وبالمُراعاة والمُتابعة والتّدريب لذات المُوظّف، يتم اكتساب الخبرة بمُرور الزمن، ويَكون حَاذِقاً لعَمله، عَارِفاً بالمَهارات التي تُناسب وظيفته، كما أنّ هناك التّدريب أثناء الخِدمَة (in-service turning training course) والتطوير المُستمر (ongoing development) في المُقابل هُناك العَمل الطَوعِي(Voluntary work) في المُنظّمات والهيئات الحكومية وغير الحكومية، والذي يُحسب رصيداً جيِّداً للخريج الجديد، وحبّذا أن يكون ذلك في نفس التّخصُّص، حَيث التّطوع يُعبِّر عَن رُوحَ المُبادرة وتَطوير المَهَارات، ومُعظم النّاس يَنظرون إلى التّطوُّع على أنّه توفير الخدمات للآخرين، كتعليم الأطفال أو زيارة كبار السن، لَكن هذا يُعد جُزءاً من التّطوُّع، وكذلك اكتساب الخبرات، يُمكن أن تكون عبر برامج التّدريب الداخلي، وهذه البرامج ليست للطلاب فقط، بل هي في وقتنا الحالي أشبه بوظيفةٍ ينطلق منها المُبتدئون لصقلهم بالمَعَارف والأفكار التي يُمكن عَبرها تَوفير فُرصة تجلب الدخل لاحقاً، فَضْلاً عن اكتساب العلاقات الاجتماعية، فإنّ أغلبية فُرص العمل تأتي عن طريق العلاقات التي نبنيها. وترى ويليامز، بأنّه عندما لا تَتَمَتّع بخبرةٍ كافيةٍ، فإنّ الحَل هو بناء عِلاقات اجتماعيّة مَع الأشخاص الذين يُمكنهم أن يُساعدوك ويشهدوا بجدارتك وترشيحك لوظيفةٍ ما، كَمَا ترى أهمية التّواصل مع الأشخاص المُحيطين في الحياة اليوميّة بشكلٍ مُستمرٍ، فبمحاورتهم والجُلُوس معهم والتّحدُّث إليهم، قد يؤدي ذلك إلى توفير فُرصة للوظيفة، حيث يحتاج الإنسان في هذه الحياة لمدةٍ طويلةٍ وتجارب عديدة في مشاكل الحياة حتى يستطيع اكتساب الخبرة اللازمة له ليصبح أكثر نضجاً وأكثر قُدرةً على حل المشاكل، كما يُمكن اكتساب الخبرة بالقراءة المُكثّفة في شتى مجالات الحياة، وما نعنيه بالقراءة هنا، هي القراءة الجادة في الكتب الثقافية والاجتماعية، وليس قراءة مجلات التسلية وغيرها، كما أنّ الاستفادة من أهل الخبرة والاستماع إلى قصص حياتهم قد يفيد كثيراً، كذلك حُضُور الدورات الاجتماعيّة والنفسيّة يُساعد على تطوير الذات والمهارات ويقوِّي الشّخصية ومن ثَمّ اكتساب الخبرة، كما يُمكن الاستعانة بخبيرٍ لتقييم الأهداف، فيجب ألاّ يضيع الوقت في التدرب على شيءٍ سوف ينتهي بعد سنواتٍ قليلةٍ، وعليك أن تُواكب المُستقبل، كذلك عليك استشارة الآخرين في مَجالك، سواء مديرك أو الزملاء، فقد يرشدونك إلى شيءٍ آخر لم تقع عليه عيناك من قبل. إذاً من الجَيِّد اكتساب الخبرات من قِبل الآخرين والعَاملين القُدامى، وذلك عن طريق مُتابعة مُلاحظاتهم، وتعلُّم الكثير من المهارات اللازمة، ويُعتبر هنا السُّؤال والمُلاحظة والاستماع للنّصائح هو العَامل الأسَاسِي للتّعلُّم، كما أصبحت مواقع التّواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت عاملاً مُهمّاً للتعلم والتدريب، فيُمكنك التّواصل وتبادل الخبرات مع العَديد من الأشخاص في مُختلف المَجَالات لتعزيز المعلومات بشكلٍ أكبر، ويُمكنك التّواصل مع العَديد من المُحترفين في مجالك، كما يُمكن اختيار المركز المُناسب إذا كُنت مِمّن يُفضّلون التدريب الأكاديمي القائم على المُحاضرات والحُضُور والانصراف، فهناك العَديد من المَراكز التي تُقدِّم دَورات تَدريبيّة، ولكن عليك اختيار الأكثر كَفاءةً من حيث المادة التّعليميّة والشهادات المُعتمدة واحترافية المُدرّبين. أكثر الأخطاء التي يقع فيها العديد من الأشخاص تتمثل في الوقوف مع شخصٍ مُعيّنٍ في التدريب والتّعليم والاكتفاء به، في حين أنّه يُمكنهم تطوير أنفسهم بشكلٍ أكبر ومُستمرٍ، فالعِلم لا يتوقّف أبداً، وكذلك التطور في المجالات المُختلفة، فنجد كل يومٍ وكل ساعةٍ بحثاً جديداً يُنشر قد يُقلِّب جميع الموازين، بل قد يُغيِّر مفهوم التخصُّص تماماً، لذلك يجب مُتابعة التدريب والتعلُّم بشكلٍ مُستمرٍ. أخيراً… وطننا العربي مُتمسِّكٌ بشرط الخبرة قبل التّعيين، وفي تقديري الخبرة تُكتسب من خلال مُزاولة العمل، وليس قبل الحُصُول عليه، وتَعيين الخريجين يكون أولاً، ثُمّ إكسابهم الخبرات من خلال العمل.