(السيناريو) ذاته، الذي كان يمارسه (النظام السابق) في (مسألة) الدواء؛ يستمر الآن في عهد حكومة الثورة، بل بشكل أفظع، حيث (يتشدَّق) المسؤولون بأن الدولة تولي ملف الدواء اهتماماً خاصاً، وما إلى ذلك من تصريحات (وردية) تُقال من داخل (المكاتب المُكندَشة)، لكن على أرض الواقع يموت المرضى بسبب أزمة الدواء المُبعثرة بين الانعدام والغلاء، دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج، حسبما يقول أهل الاختصاص؛ فمعاً إلى تفاصيل ما سردوه لنا. الخرطوم: اليسع أحمد الحكاية انبشقت بهذه العبارة بدأ حديثه عُضو لجنة الصيادلة المركزية د . أنس صديق ل (السوداني)، وأضاف صديق أن استفحال أزمة الدواء يعود إلى السياسات الخاطئة في معالجتها، وأكد نُدرة في أدوية الأمراض المزمنة والمُنقذة للحياة، ونوه إلى انعدام أدوية الأمراض النفسية وأدوية القلب والتخدير وغيرها، وأوضح أن سبب زيادة أسعار أدوية الإمدادات الطبية يعود إلى زيادة (دولار الإمدادات) حيث ارتفع من 18 جنيهاً إلى 55 جنيهاً، وعاود الارتفاع مرة أخرى حتى بلغ الآن 165 جنيهاً، ولفت إلى ثبات أسعار الأدوية المستوردة والتصنيع المحلي، مشيراً إلى أنها خضعت لزيادتين خلال الأشهر الماضية، حيث بلغت نسبة الزيادة للأدوية المستوردة إبان توحيد سعر الصرف 317%، وبلغت نسبة الزيادة لأدوية التصنيع المحلي 25%، وفي الزيادة الأخيرة في يونيو الماضي بلغت 10% للأدوية المستوردة، و25% للتصنيع المحلي، وطالب بتوسعة مظلة التأمين الصحي ليشمل جميع المواطنين لتخفيف الأعباء على الأسر ولضمان صحة المرضى، وحصولهم على الدواء من نوافذ الصيدليات دون أي عناء . ضعف رقابة: وكشف رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك د.ياسر ميرغني في برنامج (دائرة الحدث) على فضائية (سودانية 24) الأربعاء أن تكرار أزمة الدواء يعود إلى أن الحكومة لم تُولِ ملفه اهتماماً، وإهمال قطاع التصنيع الوطني، وصدور قرار باستيراد الأدوية التي يتم تصنيعها داخل المصانع المحلية. وقال ميرغني إن موقف الدواء الآن مُستقر (ما بَطَّال) لكنه عصيٌّ على الشراء لمن ليس له تأمين صحي، وشكا من ضعف الرقابة في المعابر؛ مما أسهم في ازدياد نشاط الأدوية المهربة للبلاد عن طريق الموانئ والمطارات. وطالب بدعم المصنعين المحليين والوقوف خلفهم لتحقيق الوفرة وإنقاذ الوضع الصحي من الانهيار . مجانية أدوية: وأوضح ياسر أن الصندوق القومي للإمدادات الطبية يدعم عدداً من الأدوية المجانية التي توفرها المنظمات الدولية ويبلغ عددها (1.101) صنفاً توزع مجاناً منها (262) صنفاً أدوية حوادث المستشفيات، و(223) صنفاً أدوية السرطان، و(222) صنفاً أدوية القلب ، و(130) صنفاً أدوية أمراض الدم، و(116) صنفاً أدوية مُستهلكات المعامل، و(99) صنفاً أدوية غسيل الكلى، و(49) صنفاً أدوية الأطفال دون سن الخامسة، منوهاً إلى أن مبالغ الداعمين الآن تذهب لشريحة العاملين عليها فقط، وقال إن وزارة الصحة فشلت في حل مشكلة الدواء. ( خِيَار وفَقُّوس) : وناشد ياسر الدولة دعم قطاع التأمين الصحي بدلاً من إعفاءاتها لشركات استيراد الأدوية وإعطائها مبلغ (800) مليون جنيه، وأضاف أن الحكومة لم تستورد أدوية بالمبلغ المُصدَّق لأدوية الأمراض المزمنة الذي يساوي (60) مليون دولار، ولكنها قامت بفتح مخازنها ووزعت أدوية للصيدليات تبقت لصلاحيتها 3 أشهر فقط؛ الأمر الذي أدى إلى رفض عدد من الصيدليات استلامه بحجة تاريخ صلاحيته، ودعا إلى مراجعة الصندوق القومي للإمدادات الطبية، متهماً شخصيات بتجاوزات في ملف الدواء، حيث ارتفع سعر الأنسولين من (60) جنيهاً إلى 700 جنيه، ووصف المجلس القومي الأدوية والسموم بممارسة سياسة (الخِيَّار والفَقوس) والسماح لغرفة مستوردي الأدوية في قراراته دون مشورة بقية أطراف حل أزمة الدواء، مشيراً إلى تخلي المرضى وأسرهم عن العقاقير الطبية بسبب غلاء أسعارها واللجوء إلى الطب البديل من الحجامة والأعشاب. الغُرفة تُوَضِّح الناطق الرسمي باسم غرفة مُصنعي الأدوية الوطنية د . مأمون الطاهر أوضح ل( السوداني) أن الصناعة الوطنية تمثل 47% من إجمالي الأدوية المسجلة حيث إن عدد الأصناف المسجلة بأسمائها العلمية، ويتم تصنيعها محلياً بلغت (325) صنفاً، علماً بأن إجمالي الأدوية المسجلة بالأسماء العلمية تبلغ (805) أصناف. وكشف د. مأمون أن مصانع الأدوية الوطنية يبلغ عددها (28) مصنعاً، منها (23) مصنعاً تنتج أدوية بشرية من (حبوب وكبسولات وشرابات) ومصنعان ينتجان محاليل وريدية، ومصنعان ينتجان أدوية بيطرية، ومصنع واحد ينتج محقونات فارغة، ونفى تمويل المصانع الوطنية من قبل الحكومة في جلب المواد الخام واحتياجاتها التي تستورد بالعملات الأجنبية، قائلاً: "إن الدعم الحكومي (معنوي فقط) وليس دعماً مالياً". ونوه إلى أن المصانع الوطنية هي التي ساهمت بشكل فاعل في إنقاذ البلاد عند ظهور وباء الشيكونغونيا وجائحة كورونا وتوفير معظم مستلزماتها من الأدوية والمحاليل وغيرها، مشيراً إلى أن إحصائية العمالة المباشرة بالمصانع الوطنية تبلغ حوالى (4.800) موظف، وأن العمالة غير المباشرة من شركات التوزيع والعمال لا تقل عنها، وطالب الدولة بالاهتمام المصانع الوطنية وتطويرها لتحقيق الاكتفاء الذاتي واللحاق بركب الدول المتقدمة في عملية التصدير، مناشداً عدم الزج بالصناعة الوطنية في الصراعات الشخصية حتى لا يضيع الهدف المنشود . تصريحات حصرية : مُدير الصندوق القومي للإمدادات الطبية د. بدرالدين جلال قال ل (السوداني) إن موقف الدواء بالإمدادات الطبية مطمئن جداً، وردّ على سؤالي حول نسبة الأدوية المتواجدة بالإمدادات بقوله: (ما عندي حاجة أقولها لزول أنا شغال في شُغلي الإداري لمّا يستوي بَصرِّح للإعلام). وزاد بدر الدين بأنه ليس لديه أي إفادة أو تصريح حول الدواء، مُنوهاً بأنه لايُصرح لأي جهة إعلامية، وأن تصريحاته حصراً على وكالة السودان للأنباء (سونا) ويمكن للصحفيين الاطلاع والاستفادة منها من موقع (سونا).