ان تكون عازفا وتعمل على قيثارتك لتسعد نفسك ومن حولك وتدوزن الالحان فأنت فنان ولكن ان تكون عازفا وتمسك بقيثارتك وتعزف وسط دوي القنابل وازيز الطائرات وصوت الرصاص ورائحة البارود فأنت فنان وانسان تحمل بين ثنايا قيثارتك وروحك المرهفه رسالة تودّ ان توصلها مهما كلّف الامر وكذلك كان نجم هذا اليوم الاستاذ الموسيقار عوض رحمه وهو يحمل آلة الكمان في خنادق قوات الردع العربية بلبنان وحرب السويس بجمهورية مصر العربية ضد الاسرائيليين . (1) هو من الموسيقيين الاوئل الذين تدربوا على يد الاساتذة خواض والتهامي وعبدالفتاح الله جابو حيث بدأعازفا على آلة العود في البداية وبعدها انتقل الى آلة الكمان واتقنها في فترة زمنية وجيزة بفضل نباهته وحسه الموسيقى العالي ، دخل المعهد العالي للموسيقى والمسرح وهو في قمة نجوميته الموسيقية بعد ان عزف مع كبار الفنانين ابراهيم الكاشف وعثمان حسين وابو داؤود فاراد ان يدخل المعهد لصقل تجربته بالجانب الاكاديمي البحت. ونجومية عوض لم تبدأ بالتدرج كغيره من العازفين لانه بدأ مباشرة مع الفنان عبد الكريم الكابلي في اليوم الذي كان للكابلي حفلا غنائيا بالخرطوم وقد تغيب احد عازفيه ووقتها ذهب الكاشف بمعية الفنان محمد المزارع فسألو عوض رحمه وقالو له هل تعزف بعض اغنيات الكابلي فقال نعم فعزف لهم عددا من اغانيه بصورة مدهشة وسأله الكابلي كم تحفظ لي من اغاني فرد بكل ثقة قائلا كل اغانيك . (2) قال الكابلي لعوض رحمة بأنه سيذهب معه للخرطوم لإحياء حفل جماهيري وبالفعل ذهب معه و عزف في هذا الحفل واعتمده الكابلي مباشرة بفرقته لفترة دامت عشرات السنين وعندما عزف في حفل آخر مع الكاشف وهو في بواكير صباه اخذه الكاشف في اليوم التالي مباشرة لدار الفنانين واستخرج له بطاقة ودفع رسومها ،ومر بعد ذلك بمرحلة مفصلية عندما عزف مع كبار العازفين في اغنية الملحمة وزامله حينها محمدية وسيف النصر وموسى ابراهيم وكانت المفاجأة الكبرى في زواج عوض رحمه بأن غنى في زواجه اكثر من 37 فنانا على راسهم ابوداؤود والكاشف وعثمان حسين والكابلي وسيد خليفة ووردي…الخ وشابان صغيران يافعان في ذلك الحين هما محمد سلام ومجذوب اونسة. (3) شارك عوض رحمه في تحرير قناة السويس بكمنجته عندما ذهب اليها للترفيه للجيش السوداني هناك مع عثمان حسين وميرغني المامون واحمد حسن جمعة حيث كان بين الاسرائيليين والجيوش العربية معبر مائي ضيق وهم يرون بعضهم البعض على عرض البحيرة ومن الطرائف انهم كانوا يغنون من على شط البحيرة التي كان عليها الاسرائيليون وهم يرقصون على انغامهم بالضفة الاخرى وكان الجيش السوداني بقيادة الجنرال فضل الله برمة ناصر وقتها، كماشارك عوض رحمه في مهرجانات خارجية كبيرة على راسها مهرجان قرطاج في سبعينيات القرن الماضي وقدموا اعمالا مميزة في مسرح جمعهم مع الفنانة نجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ والفنان محمد عبدو الذي غنى بعد وردي ولكن لم يستطع تكملة وصلته الغنائية نسبة لهتاف الجمهور المتواصل هناك وردي وردي وردي (4) هناك محطة كبيرة في مسيرة عوض رحمة الفنية عندما ذهب في حرب لبنان ضمن قوات الردع العربية مع الجيش السوداني الذي كان وقتها بقيادة العميد الركن مصطفى الزين صغيرون والفنانون ابوداؤود وعبد القادر سالم وفنان شاب صاعد جديد وقتها كان عبد الله البيعيوحيث كانت الاوضاع الامنية حرجة وصعبة للغاية خصوصا عندما ذهبوا وامامهم الضابط المسؤول الذي قال لهم لاتضعوا ارجلكم وخطواتكم إلا في المكان الذي اضع فيه رجلي واصطف كل الجيش والفنانين في خط طولي خلف القائد نسبة لزراعة اماكن كبيرة بالالغام حتى وصلو فندق (باركليز) الذي كانت تنتظرهم فيه مفاجاة كبرى حيث تم قصفه وهم بداخله ليتم ترحليهم عبرالانفاق التحتية الى السفارة السودانية هناك ولكن تمّ قصف السفارة ايضا نسبة لوجود دبابات ومدرعات حولها مماجعل عوض رحمه يمسك بيده الكمنجة وعلى الاخرى الطبنجة. الآن يعكف عوض رحمة على تدريب جيل الموسيقيين الجدد بمزيد من البذل والعطاء ليهب لهم خبرة السنين الطوال الممزوجة بروائع الشجن الجميل.