وقّعت الأطراف التشادية، في الدوحة اليوم، على اتفاقية الدوحة للسلام ومشاركة الحركات السياسية العسكرية في الحوار الوطني الشامل السيادي في تشاد، تحت رعاية دولة قطر، التي استضافت المباحثات خلال الأشهر الخمسة الماضية بمشاركة إقليمية ودولية. ويشكل الاتفاق خطوة أولى في طريق المصالحة التشادية، ويتضمن تدابير لاستعادة الثقة والسلام والوئام الوطني والأمن منها: وقف الأعمال العدائية بصورة تامة ونهائية، التزام الحكومة الانتقالية بعدم قيام قوات الدفاع والأمن بأي عملية عسكرية أو بوليسية ضد الحركات السياسية العسكرية الموقعة على الاتفاقية أينما وجدت في البلدان المجاورة لتشاد، التزام الحركات السياسية المسلحة بعدم القيام بأي اختراق أو عمل مسلح أو هجوم من أي نوع كان ضد الحكومة الانتقالية، والتزام جميع الأطراف بعدم القيام بأي عمل عدائي أو انتقامي أو مضايقة على أساس عرقي أو انتماء سياسي أو أي أساس آخر – بحسب ما أوردته وزارة الخارجية القطرية. ويتضمن الاتفاق تدابير أخرى لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وبناء الثقة والترتيبات الأمنية، والحوار الوطني الشامل في إنجمينا، فضلاً عن آليات متابعة وتنفيذ هذه الاتفاقية. حضر مراسم التوقيع، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، وعدد من وزراء الخارجية والمسؤولين بعدد من الدول، وممثلون عن الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية والدولية. ووقّع على الاتفاق إنابةً عن الحكومة الانتقالية في تشاد، السيد شريف محمد زين وزير الشؤون الخارجية والتكامل الأفريقي والتشاديين بالخارج، إلى جانب ممثلين عن الحركات السياسية العسكرية في تشاد. ويمهّد هذا الاتفاق لبدء انعقاد الحوار الوطني الشامل والسيادي في تشاد في العاصمة إنجمينا، الذي يهدف لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة. ورحّب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، برؤساء وأعضاء الوفود من جمهورية تشاد في دولة قطر التي تعتز باحتضان المفاوضات التاريخية المهمة التي شملت الحكومة الانتقالية ومعظم الحركات السياسية العسكرية في جمهورية تشاد منذ مارس الماضي. وأعرب عن تقدير دولة قطر وتثمينها البالغ للجهود التي بذلتها هذه الوفود لإنجاح المفاوضات والتوصل إلى اتفاقية الدوحة للسلام ومشاركة الحركات السياسية العسكرية في الحوار الوطني الشامل والسيادي في تشاد، الأمر الذي يعكس حرصها وإدراكها لأهمية إنهاء مرحلة الحرب وتحقيق تطلعات الشعب التشادي في السلام الدائم. وقال إن التاريخ يُعْلِمُنَا بعدم نجاعة حل الأزمة التشادية بالقوة العسكرية، وإن السبيل الوحيد هو الحوار البنّاء من خلال طاولة المفاوضات وتحقيق تسوية سياسية شاملة بين جميع أطياف شعب جمهورية تشاد. ولفت إلى أنه ومن هذا المنطلق لم تتردد دولة قطر لحظة في قبول الوساطة واستضافة المفاوضات بين الأطراف التشادية إيمانًا منها بأن التصالح الحقيقي للشعب التشادي هو الضمانة الأكيدة لاستدامة السلام والاستقرار وبناء دولة القانون والتنمية في تشاد. وأضاف: "لا يخفى على أحد، أن المفاوضات قد واجهتها العديد من التحديات التي تمت معالجتها من خلال جهودكم المقدرة، وتنفيذاً لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لم تدخر دولة قطر وسعاً في تذليل العقبات بالتعاون معكم. وفي هذا السياق، نثمن جهود الدول أعضاء لجنة المتابعة التي ساهمت في إنجاح هذه المفاوضات"0 وأعرب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، عن يقينه من أن نتائج المفاوضات التي تمت في الدوحة والتوقيع على اتفاقية الدوحة للسلام والمشاركة في الحوار الوطني بين معظم الأطراف التشادية سوف تشكل مرحلة مهمة ودقيقة للشعب التشادي خلال الحوار الوطني لإيجاد حلول لكافة المسائل الخلافية، وتحقيق المصالحة الوطنية وتلبية طموحات الشعب التشادي. وشدد على أنه "من هذا المنطلق يتعيّن على هؤلاء الذين يتّصفون بالحكمة والرؤية الثاقبة عند مواجهة لحظات تحديد المصير في حياتهم وحياة شعوبهم أن يتحمّلوا المسؤولية، وأن يتّخذوا قرارات حاسمة تتناسب مع تحديات الموقف، وأن يرتفعوا فوق جميع أشكال الفرقة، وأن يلبوا طموحات شعوبهم في الوحدة، وأن يوقفوا آلامه عن طريق الاتفاق". وأضاف أنه يتعيّن على جميع الأطراف التشادية تجاوز الماضي وآلامه، والتركيز على المستقبل وآماله، مع عدم إغفال العبرة من الماضي، وهو ما يوجب على الجميع الانطلاق إلى المستقبل بروح وثّابة وإيمان راسخ بحق شعب جمهورية تشاد في أن ينعم بالأمن والاستقرار والوحدة وأن يحقق التنمية المنشودة. وأعرب، عن شكر وتقدير دولة قطر للحكومة الانتقالية والحركات السياسية العسكرية التي وقعت على هذا الاتفاق، وعن أمل دولة قطر في أن تلحق المجموعات الأخرى بركب الوفاق والسلام لتحقيق آمال وأحلام الشعب التشادي. وفي كلمة مسجلة أمام مراسم التوقيع، أعرب سعادة أنتوني غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، عن الشكر لدولة قطر لاحتضانها ورعايتها للمفاوضات بين الأطراف التشادية والتي أفضت إلى توقيع اتفاق الدوحة للسلام. وقال إن هذه الاتفاقية تاريخية وستمكن – مع الالتزام بها – من تحقيق سلام دائم في تشاد، داعياً المجتمع الدولي لتقديم المساعدة اللازمة إلى تشاد في هذه الفترة الحاسمة. من جهته، أعرب موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، عن تهنئته لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، على مساعي دولة قطر وجهودها التي أثمرت عن توقيع اتفاقية الدوحة للسلام. وقال إن ما قامت به دولة قطر من رعاية للمفاوضات يستحق الإشادة والثناء، مضيفاً: "حينما أتأمل تاريخ الدوحة هذه المدينة الرائعة والرائدة في صنع السلام، أجدها تحتل بجدارة مكانة جليلة". واستعرض رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، دور وجهود دولة قطر في مجال الوساطة الدولية لا سيما بين الأطراف الأفغانية، وفي دارفور بالسودان. وقال إن الاتفاق بين الأطراف التشادية تم التوصل إليه بعد 5 أشهر من المفاوضات، وأضاف: "هنيئاً للدوحة مدينة السلام".