الإعلان المفاجئ لقيام القمة، اعتبره كثيرون مجاملة إفريقية من دول الإيقاد للخرطوم باعتبارها تراهن على قمة رؤساء دول وحكومات الإيقاد لإكمال خطواتها في ملف جنوب السودان بإجازة الاتفاق واعتماده. قمة عادية ولكن دبلوماسيون مقربون من ملفات الوساطة في الخرطوم يذهب بعضهم في حديثهم ل(السوداني) أمس، إلى أن الأمر لا يبدو مستغرباً لجهة أن قرار عقد القمة يرتبط بتقديرات الرؤساء أنفسهم. بينما يرى البعض الآخر أن المنظمة بعد إنجازها ملف التوسط بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في الخرطوم عبر مبادرتها المشتركة سابقاً لم يعد لها دور ذو تأثير، كما أن تكرار فشلها في حسم ملف جنوب السودان ساهم في تراجع دورها وتضاؤله للحد البعيد، بالتالي فإنه وعقب تحقيق اختراق في ملف الأزمة الجنوبية في زمن وجيز عبر مفتاح الخرطوم، شعرت دول المنظمة بإمكانية إحياء دورها واستثمار ذاك النجاح في إعادة بعث دورها. تفاصيل خاصة جداً وبحسب مصدر رفيع في الإيقاد ل(السوداني) أمس، فإن السبب في استمرار تعطل القمم العادية للإيقاد والاعتماد على القمم الطارئة يعود إلى أن إثيوبيا ظلت وعلى مدار ال9 سنوات تحتكر مقعد رئاسة الإيقاد منذ فترة مليس زيناوي، كاشفاً عن أنه في التوقيت الذي كان يفترض أن تتحول رئاسة المنظمة لغير إثيوبيا من الدول، فإن الدور كان على السودان في رئاستها إلا أنه كان في منتصف تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، الأمر الذي يستحيل معه نقل الرئاسة إليه لجهة أنه لا يستقيم أن يكون (الخصم والحكم) باعتباره الطرف الأساسي في اتفاقية السلام الشامل إبَّان السودان الموحد، لذا ظلت القمم طارئة والرئاسة محتكرة، منوهاً إلى أن مقرر الدورة الحالية في ظل رئاسة إثيوبيا هي كينيا. وكشف المصدر عن أن إعلان قيام قمة عادية أمر لم يكن متروكاً لتقدير الدول أو تطورات المواقف، مؤكداً أن القمة الطارئة للإيقاد في 21 يونيو الماضي، أقرَّت إحالة القضايا العالقة بين فرقاء الجنوب إلى السودان ومن بعده كينيا على أن يتم رفع المخرجات إلى اجتماع قمة عادي وليس طارئ للإيقاد، وأضاف: "بالتالي فإن قيام القمة العادية للإيقاد يعد أمراً منصوصاً عليه في محضر القمة الطارئة في يونيو الماضي وليس مستحدثاً. وقطع المصدر أنه في آخر ثلاثة اجتماعات طارئة لقمة الإيقاد دار حديث حول ضرورة تغيير قيادة الإيقاد بالإضافة إلى دراسة التطورات الكثيرة على الأرض في العديد من الملفات، وكشف المصدر الرفيع عن أن أجندة القمة العادية لرؤساء دول وحكومات الإيقاد ستشمل بالنقاش هياكل المنظمة وميزانيتها ووضعية أمينها العام وانتقال القيادة إلى دولة إلى أخرى، بالإضافة انتقال منصب المقرر إلى دولة أخرى، وأضاف: "حينما قيل ذلك راهنت القمة الطارئة في يونيو على عدم اتفاق السودان وكينيا، مما يمنح مزيداً من الزمن للدورة الحالية، لكن تنازل كينيا نفسها عن استضافة جولة مباحثات الجنوب بعد يوم 5 أغسطس وتمديد تفويض الخرطوم، عجل بالتالي من القمة العادية خصوصاً وأن كينيا هي المقرر الحالي للدورة. وتوقع القيادي الرفيع بالمنظمة أن تشهد القمة القادمة في 12 سبتمبر تطورات كبيرة على مستوى المنظمة، بما في ذلك انتقال الرئاسة إلى دولة أخرى من دول الإيقاد التي من المؤكد لن تكون إثيوبيا أو جنوب السودان بحكم أن الأخير يشهد حالياً عملية سلام برعاية الإيقاد كما كانت الحالة إبَّان نيفاشا. كاشفاً عن اتجاه قوي داخل المنظمة أصبح يمثل رأياً عامَّاً بأن ترأس الخرطوم الدورة القادمة لمدة عام بحكم أنها ضامن لاتفاقية سلام جنوب السودان على أن تصبح يوغندا مقرراً، وأضاف: "ذلك الاتجاه يعززه أن الرئاسة في السابق تعطلت في عتبة السودان بحكم ظروفه حينها، كما أن كينيا طالما سمحت له باستلام الاستضافة يمكن أن تتنازل أيضاً عن المنافسة، منوهاً إلى أن ذلك الاتجاه برغم رسوخه داخل المنظمة يحتاج إلى مجهود وعمل من السودان. عن الإيقاد المنظمة الموصوفة بالإقليمية التي تعرف بأنها المنظمة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيقاد) جاءت في العام 1996م في صيغة تطويرية للهيئة الحكومية لمكافحة التصحر والجفاف (إيقاد) المنشئة في 1986م.. وعلى الرغم من الطبيعة التنموية للمنظمة، إلا أنها اكتسبت صيتاً سياسياً على خلفية مبادرتها الأشهر في ملف السودان إبان السودان الموحد، ونجاحها في إنجاز اتفاقية السلام الشامل المعروفة ب(نيفاشا).. المنظمة ظلت طيلة مسيرتها ترتبط بتصور خاطئ يصورها باعتبارها إحدى أذرع المنظمة الإفريقية الأم -أي الاتحاد الإفريقي- وطبقاً للمصدر الرفيعة فإن الإيقاد لا علاقة لها بالاتحاد الإفريقي إلا تنسيقياً، بالإضافة إلى أن اتصالات الإيقاد مع الأممالمتحدة لا تتم إلا عبر الاتحاد الإفريقي.. وقطع المصدر بأن تمويل المنظمة يتوفر عبر اشتراكات الدول الأعضاء بالإضافة إلى ما تقدمه المنظمة الدولية الأخرى كالأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وكذلك ما تدعم به الدول الغنية، منوهاً إلى دول ظلت دائماً تقدم للإيقاد كألمانيا واليابان وهولندا دعماً للمنظمة بشكل عام أو لبرامجها أو لبرامج العمل، قاطعاً بأن الإيقاد ليست لديها ميزانية ثابتة وأأن الميزانية تتغير سنوياً حسب البرامج المطروحة والأنشطة. وأضاف: "على سبيل المثال هناك ميزانية لا تكون جزءً من الميزانية السنوية وتفرض نفسها على الهيكل كمكتب المبعوث الخاص لجنوب السودان باعتباره جسماً جديداً له برامج وميزانية خاصة".