انتهت أواخر الأسبوع جلسات ورشة الإعلان الدستوري التي استضافتها لجنة تسيير نقابة المحامين بدار النقابة بالعمارات للخروج بإعلان دستوري يرضي كافة الأطراف على حد تعبير اللجنة. وشارك في الورشة جمع من القادة السياسيين والدبلوماسيين والقانونيين وأسر الشهداء وبعض لجان المقاومة. ولاقت فكرة ورشة الإعلان الدستوري ترحيبًا من جهات كثيرة في الوقت الذي قاطعت فيه جهات أخرى الورشة بينما فضل أعضاء النظام السابق اقتحام الدار والتعدي على الحضور .. عضو اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير محمد صلاح ل(السوداني): الهجوم على الورشة يعبر عن فشل النظام البائد في معركة النقابة استباق الإعلان الدستوري للسياسي خطوة جيدة تحدد الأطر المطلوبة للاصطفاف كل القوى المدعوة للورشة بما فيها (الشعبي) لها تاريخ نضالي ضد الإنقاذ * هل خطوة استباق الإعلان الدستوري للإعلان السياسي سليمة؟ جرت العادة بالطبع باستباق الإعلانات السياسية للدستورية، ولكن نرى أن الإعلان الدستوري يمكن أن يحل محل السياسي، وأشرنا في الإعلان السياسي أن قوى الثورة كلمة مفتوحة ونتابع العديد من المواثيق المطروحة من جهات سياسية عديدة، ولذلك رأينا ضرورة وجود إطار دستوري يحدد النقاش في مسألة المواثيق ويضع لها الإطار الدستوري، ويمكن بذلك تجاوز خطوة الإعلان السياسي ويتم التوقيع من كل القوى المشاركة على الإعلان الدستوري مباشرة طالما أنه يمثل نقاط مضبوطة بشكل قانوني ويأخذنا بعيدًا عن التفاصيل السياسية التي تشكل الواقع السياسي وتقلباته غير الملزمة دستوريًا، أما البنود الدستورية وتنفيذها يرجع بشكل أساسي لمؤسسات الفترة الانتقالية بمؤسساتها المختلفة، ولذا كانت خطوة استباق الإعلان السياسي للدستوري خطوة متقدمة هذه المرة. * كيف تبرر دعوة تنظيمات كانت مسؤولة عن وشاركت ودعمت انقلاب 30 يونيو 1989؟ كل القوى التي تمت دعوتها للورشة بما فيها المؤتمر الشعبي، لها نصيب طويل من النضال ضد نظام الثلاثين من يونيو، وكان ذلك شرطًا من شروط الدعوة لورشة الإعلان الدستوري لجمع كل القوى المدنية المناهضة للانقلاب للاصطفاف حول مخرجات الورشة. * في رأيك هل تم الإعداد الجيد للورشة وتحديد محاور واضحة للنقاش؟ الإعداد للورشة كان جيدًا، وكان هنالك حضور كبير من جهات دعمت الإعلان السياسي وأوضحت رأيها. * كيف ترى حادثة هجوم أفراد من النظام السابق على الورشة في يومها الختامي؟ الهجوم رد فعل طبيعي نابع من فشل مبادرة الشيخ الطيب الجد وهي واحدة من المبادرات التي كان أفراد النظام البائد متفائلين بها .. مسألة الهجوم على الندوة ليست هجومًا على الإعلان الدستوري فقط بل هنالك خلافات كثيرة من محامي نقابة النظام السابق الذين يحاولون الرجوع للوضع القديم وإنهاء حالة لجنة التسيير الموجودة في النقابة وتكوين نقابة جديدة، بالتالي هم لديهم معركتان معركة الاعلان الدستوري ومعركة استرداد النقابة وفشلوا فيهما تمامًا، وعلمت أن هناك حشدًا جديدًا لهجوم آخر من الفلول للرد على التجريم الذي تم لهم من قوى الثورة داخل دار نقابة المحامين.
* كيف ترى رفض لجان المقاومة حضور الورشة، وكذلك بعض الاجسام المهنية كالجبهة الديمقراطية للمحامين وهيئة محامي دارفور ؟ الزملاء المحامون في الجبهة الديمقراطية، كانوا رافضين أن تكون اللجنة التسييرية جزءًا من العمل، واتهموها بأنها تعمل لصالح الحرية والتغيير وتلقت أموالًا من السفير السعودي وهذا اتهام خطير من الزملاء في الجبهة، رغم ان بعض عضويتها موجودون داخل التسييرية، وشاركوا في الإعداد للورشة لكننا تفاجأنا قبل يوم برفضهم واتهاماتهم .. أما هيئة محامي دارفور لم ترفض فكرة الإعلان الدستوري واشترطت نقاط قانونية أساسية وتحدثت عن تبني قوانين قديمة.. ونقاشهم نقاش قانوني بحت وشاركوا في اليوم الأول والأخير ودافعوا عن دار المحامين. أما لجان المقاومة حضرت منها تنسيقية تجمع لجان بحري، وأم درمان القديمة ومجموعة من لجان المقاومة كانت جزءًا من الورشة خاصة في اليوم الأول وشاركوا في الدفاع عن لجنة التسيير، اللجان التي لم تحضر نعتبرها خطوة تعبر عن عملية اصطفاف قام بها الحزب الشيوعي ليتمكن من توقيف خط الإعلان الدستوري لأنه فرصة حقيقية وجادة في تجميع السودانيين حول رأي واحد وإنهاء حالة الانقلاب. * وهل ستؤدي توصيات الورشة لحلول بخصوص الفراغ الدستوري بالبلاد؟ التوصيات عبارة عن موجهات أساسية ومهمة، وهي الإعلان الدستوري الذي سيرد على أسئلة السودانيين حول الإطار السياسي والدستوري، وستلخص مهام الفترة الانتقالية وشكل ومستوى الحكم بالدولة بشكلها المختلف، وتجيب عن عملية إصلاح الأجهزة العدلية والنظامية . الحرية والتغيير لديها مسودة إعلان دستوري لكن لم تنتهِ بشكلها النهائي حتى اليوم وتحتاج لمزيد من التجويد والتصحيح القانوني والتشريعي، فالشعب عانى من تأخر تنفيذ مهام الفترة الانتقالية، وتكوين أجهزة الحكم الانتقالي من مجلس السيادة والوزراء وتعيين رئيس القضاء وغيره حتى موعد الانقلاب، وسيتم تجاوز القصور الذي تم في الفترة الماضية بتعيين مجلس السيادة الانتقالي من 5 أعضاء ومجلس الوزراء والنائب العام ورئيس القضاء والمراجع العام ورئيس المجلس التشريعي سيتم تعيينهم في مراسيم دستورية.. عمومًا لا يوجد جهة ستعينها جهة أخرى بل سيتم اختيارهم وتعيينهم بالتوازي لتجاوز إشكاليات القيد الزمني بتشكيل أجهزة الحكم الانتقالي.
القيادي بالجبهة الديمقراطية للمحامين نصر الدين يوسف ل(السوداني): مشاركة الداعمين للانقلاب في الورشة محاولة لتوسيع دائرة المشاركة لجنة تسيير نقابة المحامين أقصت جهات فاعلة واختارت قوى الحرية والتغيير لا يمكن لكتلة واحدة ملء الفراغ الدستوري بل يملأ بواسطة القوى الثورية مجتمعة رغم كوننا ضد الورشة لكننا نرفض الهجوم عليها من قبل الفلول الذين اعتادوا على ذلك.
* تقييمك القانوني ثم السياسي لفكرة قيام الورشة ؟ لم أشارك في الورشة ولدي موقف عام منها لاعتبارات عديدة، وعدم المشاركة في حدث يقلل من جودة تقييمك لما طرح فيه ولما تم تداوله ولما حصل فيه . لكن من ناحية قانونية فإن القانونيين يمكن أن يقدموا رؤيتهم الفنية فيما يتعلق بالوثيقة الدستورية وصنع الدستور، كما ان صناعة الدستور ومفاهيم الدستور والرؤية حول الدستور والصراع حول الدستور هو عمل سياسي قح في المقام الأول وتدخل المحامين يفترض أن يكون في الإطار الفني والتنظيمي وألا يتعدى ذلك. أما من الناحية السياسية الآن ففي رأيي أن لجنة تسيير نقابة المحامين لا تستطيع أن تجمع كل هذا الشتات الواضح خاصة وأن هناك كتلًا مختلفة منها ما هو متعلق بالتغيير الجذري ومنها ما هو متعلق بالحرية والتغيير وكتلة ثالثة قريبة من الانقلابيين ومن السلطة الحالية وبالتالي كل منها لديه رؤية قد تكون مختلفة، ولا أعتقد أن جميع هذه الكتل ستصل لرؤية متقاربة مع الكتلة المتعلقة برؤية التحول الوطني الديمقراطي الشامل. * وماذا عن قيام لجنة تسيير نقابة المحامين بها ؟ فيما يتعلق بالإعداد للورشة من قبل لجنة تسيير نقابة المحامين فإن هناك العديد من المواثيق المطروحه في الساحة الآن من لجان المقاومة وبعض حركات المجتمع المدني، كنت أتوقع أن تجمع لجنة التسيير هذه المواثيق والأطروحات المتعددة من كافة الأشكال الداعمة للتغيير الوطني الديمقراطي، لكن اختيار جانب واحد متمثل في قوى الحرية والتغيير غير سليم وإقصاء لآخرين مما يجعل لجنة تسيير نقابة المحامين قد وضعت نفسها في موقع محدد لم يكن ينبغى لها أن تضعه فيه. * في رأيك هل خطوة استباق الإعلان الدستوري للإعلان السياسي سليمة ؟ بالطبع استباق الإعلان الدستوري للإعلان السياسي غير سليم لأن الدستور ذو إطار سياسي والاتفاق السياسي والرؤية السياسية هي التي تسبق الوثيقة الدستورية قطعًا لأن الوثيقة لا تحدد الاتجاهات والرؤى السياسية ولأن الإتفاق السياسي ياخذ كل أوجه الصراع الاجتماعي الموجودة من اقتصادي لثقافي وفكري، كله يتأطر في السياسي ثم ينعكس على القانوني والدستوري بااعتبارها أطر فوقية تتبع للإطار الاجتماعي التحتي الذي جزء أساسي فيه الصراع السياسي وبالتالي الاستباق غير صحيح كوضع للعربة أمام الحصان . * كيف ترى دعوة تنظيمات مسؤولة عن وشاركت ودعمت انقلاب 30 يونيو 1989؟
مشاركة الانقلابيين أو الداعمين للانقلاب هي خطوة بحث عن إجماع وتوسيع ماعون المشاركة، وأعتقد أن الخطوة تشرخ الورشة أكثر، لأن كثير من الثوريين ولجان المقاومة والمنظمات الداعمة لخط التغيير الجذري الموجود في الشارع تناهض وترفض الذين كانوا داعمين أو موجودين في انقلاب 30 يونيو. لأن هذه فترة تلت ثورة ديسمبر المجيدة وتتعلق بفرملة الانقلاب ، وبالتالي التصحيح للوضع لا بد أن يتم وفق توجيهات الشارع والثورة واي حديث حول توزيعها دائرة المشاركة غير سليم. * لكن كثيرين اشادوا بالإعداد الجيد للورشة وتحديد محاور واضحة للنقاش؟ لسنا جزء من التنظيم، لكن سمعت بأن الإعداد لم يتم في الإطار التنظيمي الصحيح ولا وفقًا للأطر التنظيمية التي تحكم الأعمال المماثلة وفقًا لما هو متداول في بيانات ومنشورات عديدة. * ما تعليقك على حادثة هجوم أفراد من النظام السابق على الورشة في يومها الختامي؟ الهجوم الذي قامت به الفلول هو من ديدن الإسلاميين، وهو سلوك همجي ويوضح رؤية الاسلامويين التي يطبع عليها العنف، وأعتقد أنهم حفنة بسيطة ومعلومة لدى الناس، والخلفية التي ينطلقون منها لمناهضة عمل الورشة لا تستند على منطق لأنهم اختطفوا نقابة المحامين 30 عامًا بالتزوير تارة والاستهتار تارة وقاموا بقمع كل رأي معارض داخل الدار وداخل أنشطة ودور المحامين مما أجهض حركة المحامين في الدار حتى لا يكون الدار منبرًا للنشاط الثقافي والسياسي والمهني.. ورغم كوني ضد الورشة لكن لا أقبل رفضها بالعنف والضرب وهذا أسلوب اعتاد عليه الإسلامويون إذ سبق أن قاموا بالتعدي بالهجوم والضرب على المحامين في إفطار في رمضان وهذا منهجهم المعتاد، وهو منهج العاجز والديكتاتوري ومنهج لمن لا يملك منهج حواري ولا ديمقراطي.. وهو أسلوب مستهجن ولا يشبه المحامين ولا طبيعة المحاماة.
* في رأيك هل ستؤدي توصيات الورشة لحلول بخصوص الفراغ الدستوري بالبلاد؟ الفراغ الدستوري موجود لكن لا يمكن أن يملأ من كتلة واحدة بل تملاه الحركة الثورية متحدة ومجتمعة في ظل اتفاق واضح للتغيير الثوري والتغيير بما يتسق مع شعارات ثورة ديسمبر منذ اندلاعها قبل فرملتها وقبل الانقلاب وبالتالي هذا هو الإطار الصحيح الذي يملأ به الفراغ.