حتى المواطن العامي دافع (الدرداقة) وبائع (التسالي والترمس) يُدرك مخاطر ومُهدِّدات الوجود الأجنبي السائب والسائل على المجتمع والوطن والتي لخصها د. خالد عبدالرحمن الحاج عضو هيئة التدريس بجامعة إفريقيا العالمية في النواحي: – الأمنية، وتشمل تهريب البشر، واستغلالهم في: تجارة المخدرات، النهب، الاحتيال، غسيل الاموال، التزوير، الشعوذة، جرائم النظام العام، وحتى الموجهة ضد الدولة. – الاقتصادية، وتشمل الضغط علي خدمات الصحة والتعليم والمواصلات والسكن، والسلع المدعومة، والمنافسة في سوق العمل، وفوق ذلك التحويلات المالية غير الرسمية. – الصحية والاجتماعية، وتتضمن: التأثير على العادات والتقاليد والسلوكيات، ظاهرة الزواج العرفي من أجنبيات صغيرات السن، الأمراض غير المُشخَّصة للعمالة المنزلية وعاملات المطاعم نظراً لعدم خضوعهن لفحوصات طبية دورية نتيجة لضعف الرقابة ودخول البلاد بصورة غير شرعية. لا شك أن المتمعِّن في خارطة المجتمع السوداني بمدنه وأريافه سيُلاحظ حدوث تغيير ديموغرافي واضح في هذا البلد المفتوح والمُباح إلى الدرجة التي يشعر فيها ابن البلد بأنه (غريب ديار وغريب أهل)، تباين شديد في السحنات والألوان واللهجات والأزياء والمعاملات، ولذلك فقد ضعُفتْ شهامتنا أمام انفلات الشارع الناتج من فسيفساء الأخلاط العجيبة والمتنافرة من البشر في الشارع والسوق والمواصلات والمخابز والمقاهي، وتراجعت مروءتنا إلى ما دون الصفر، بعد أن كانت صفة إنسانية نادرة تُميُّزُنا وننفرد بها دون شعوب الأرض الأخرى حيث تتمحور العلاقات داخل مجتمعاتها حول الذات، وترتبط بالمنفعة والمصلحة الخاصة؛ لاسيما في الدول الرأسمالية، ولا يخرج النشاط الاجتماعي، ولا الحميَّة في كثير من البلدان العربية والإسلامية عن إطار الأسرة والقبيلة وكأنها ميراث جيني من (حميَّة الجاهلية الأولى) ورد في الأخبار أن والي الخرطوم المكلف "كشف عن صدور قرار وشيك لضبط الوجود الأجنبي بالبلاد ومكافحة المخدرات، وأعلن عن تورط أجانب في عمليات إجرامية بولاية الخرطوم، مؤكدًا استمرار حملات مكافحة الجريمة حتى تستقر الأوضاع الأمنية بالبلاد". يسخر الشارع من إعلان تورط بعض الأجانب في الإجرام، وَمن قرار ضبط الوجود الأجنبي، ويرى أنه تأخَّر كثيرًا، وربما كان موجودًا ومُعطَّلاً، وقد لا يُجدي نفعاً الآن، ولا يُشكل ترياقاً لداءٍ عُضال استفحل وأنهك كل أعضاء جسم معلول، ولسان حاله يقول إن العبرة ليست في إصداره؛ وإنما في تطبيقه كسائر قرارات قيادات الدولة. تُعرِّف بعض اتفاقيات وقوانين المنظمات الدولية (الوافد) – كما أورد دكتور خالد – بأنه الشخص الذي يدخل البلاد ويقيم فيها بطريقة غير شرعية ودون مستندات رسمية، أما الأجنبي فهو الذي يدخل بطريقة شرعية ومستندات رسمية، بينما تُعرِّف الجريمة المنظمة بأنها اية مجموعة من الافراد المنظمين بقصد الكسب بطرق غير مشروعة وباستمرار". يا سعادة الوالي تفعيل القرارات الإيجابية والصرامة في تطبيقها هو المُعوِّل عليه في إخراج البلاد من أزماتها الأمنية والصحية والاقتصادية والاجتماعية؛ لكن طالما أن جرائم كبرى تتمتع بحماية نافذين؛ فلن تستعيد الدولة ذاتيتها وهيبتها وسطوتها، ولن تُفلح في كسب رضا شعبها وقراراتها حبيسة أدراج الإرشيف مكتومة الأنفاس.