قال الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية د.عباس علي السيد، في حديثه أمس ل(السوداني)، إن معوقات صناعة السُكر المحلي ليست الرسوم فقط، وإنما هي جزء من المشكلة لأنها تُؤخذ دون خدمات مُقابلة، وشكلت عبئا ثقيلا على المنتج، وأضاف: الرسوم المفروضة على السُكر غير متعلقة برسوم الإنتاج والقيمة المضافة، بل المقصود الرسوم المفروضة من قِبَلِ بعض الجهات الاتحادية والولائية والمحلية، موضحاً أن صناعة السُكر تعاني حالياً من مشكلات الإنتاجية التي تحدد التكلفة الرأسمالية والتنافسية، ومسائل النقل والترحيل الداخلي إلى الموانئ، ثم أمر عدم توفر العملات الصعبة والعمالة في الوقت المناسب وخصوبة التربة في بعض المناطق وغيرها من الصعوبات المحلية، واعتبر أن القطاع الصناعي يحتاج إلى دراسة المشكلات ككل لأن الصناعة تؤثر على بعضها البعض، مؤكداً على ضرورة حماية صناعة السُكر، مستدركاً بالقول: "ولكن في حالة تعامل بالسعر العالمي سيمنع الصناعات المحلية، وستتأثر تنافسية قطاعات الصناعات الغذائية"، مشيرا إلى أن المسألة معقدة جداً وتتطلب دراسة موضوعية شاملة، لتحديد الآثار الإيجابية والسلبية لأي قرار يُتَّخذ في إطار حماية المنتج المحلي. السُكر السوداني والأجنبي فروقات السعر بين جوال السُكر المحلي والمستورد زنة 50 كيلوغراماً، تصل لنحو (50) جنيهاً في حالة البيع نقداً، أما عن طريق الشيك المصرفي فترتفع القيمة ل(100) جنيه. وقال رئيس شعبة تجار الجملة بسوق أم درمان فتح الله حبيب الله، في حديثه أمس ل(السوداني)، إن سلعة السُكر تشهد وفرة في كل الأسواق بأسعار مستقرة إلى حد ما، ولكن مشكلة شح السيولة خلقت تباينا في الأسعار بحسب نوع البيع والشراء بين (الكاش) والشيكات، وأضاف: "سعر بيع جوال السُكر المستورد بالشيك المصرفي يبلغ 1150 جنيهاً، وعن طريق (الكاش) 1050 جنيهاً، أما جوال السُكر المحلي يأتي إنتاج كنانة في أعلى القائمة بسهر 1200 جنيه شيك مصرفي، وب(الكاش) 1100 جنيه، وفيما يختص بأسعار شركات الإنتاج المحلية الأُخرى تتراوح ما بين (1100-100) جنيه، مشيرا إلى أن الأسعار متقاربة حالياً بين المستورد والمحلي، لأن حدوث فجوة كبيرة بين السعرين يُحدث مشكلات. الإجراء الصحيح الاقتصادي د.محمد أحمد دنقل، يرى في حديثه ل(السوداني) أمس، أن سعر السُكر المحلي بالأسواق حالياً ناتجٌ عن الرسوم المفروضة عليه من قِبَلِ الحكومة، بينما السُكر المستورد يُعتبر أرخص، ويتم إحداث توازن بين السعرين، وقال إن الإجراء الصحيح هو إزالة الرسوم المفروضة على المُنتَج المحلي، حتى يستطيع منافسة المنتج المُستورَد، بجانب خفض أسعاره بالأسواق وتخفيف عبء شرائه على المواطنين، مبيناً أن سعر كيلوغرام السُكر يُباع بأسعار مُختلفة على مستوى الأحياء والمناطق السكنية، ولكن في حالة إزالة الرسوم يكون هناك سعر موحد للمواطن ويتيح فرصة تنشيط وتطوير الصناعة المحلية وسد الاحتياجات، مشيراً إلى أن تكلفة إنتاج السُكر قادرة على المنافسة خارجياً، ومن التصدير إلى دول الأخرى. سلعة تمويلية وفي المقابل، قال رئيس غرفة تجار السُكر بالخرطوم حسن عيسى الحسن، في حديثه أمس ل(السوداني)، إن مسألة الرسوم والجبايات شكلت هاجساً أيام شح السلعة في الفترة الماضية، ولكن الأمر المهم الآن هو السُكر المستورد وأن الاستيراد صار مفتوحا، وتدخل كميات أكثر من الحاجة وحدث إغراق بالأسواق، وأضاف: "لا توجد متابعة من قبل الجهاز الإحصائي والجهات المختصة الأخرى، فيما يتعلق بحجم الاستهلاك والاحتياج والكميات الوارد للبلاد ما أدى إلى الإغراق"، داعياً إلى ضرورة مراجعة موقفه وتحديد الاستهلاك وحجم الاستيراد، وأن حماية الإنتاج المحلي يكون بتقنين الاستيراد، لأن المستورد ينافس المنتج المحلي، عقب ذلك يتم النظر في أمر الرسوم المحلية، منوهاً إلى أن الدولة خلال الفترات الماضية كانت مسيطرة عليه ثم جاءت المؤسسة السودانية لتجارة السكر، التي انتقل الأمر إلى الشركات حالياً، كما أنه سلعة متوفرة عالمياً ومعظم الموردين يستوردنه للبلاد من السوق الخليجي وليس من مصدره الأصلي، مشيرا إلى أن موقف السُكر في الأسواق صار سلعة تمويلية، يخضع لتعاملات تجارية مختلفة لتوفير التمويل والسيولة. الكوابح القديمة مدير التسويق السابق بإحدى شركات السُكر المحلية، عبد العزيز حسن، أوضح أن صناعة السُكر محلياً كان مفروضاً عليها رسوم عالية جداً، تتمثل في رسوم الإنتاج والقيمة المضافة، وقال ل(السوداني) إن رسوم الإنتاج على السُكر كانت لها إدارة متخصصة في الجمارك لتحصيل مبالغ مقدرة أُسوة بالصناعات الأخرى، حيث كان الاعتماد على الإنتاج المحلي فقط، ولم يكن هناك استيراد للسُكر، وأضاف: عندما ازداد حجم الطلب والفجوة للسكر، فتح باب استيراده، وتم إعفاؤه من كل الرسوم، وفي المقابل لم تشجع الصناعة المحلية وحمايتها في السوق، مبينا أن السُكر المحلي يعتبر منتجا عالي الجودة، وهو مرغوب محليا مقارنة بالسُكر المستورد، مشيرا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تخفيضاً لهذه الرسوم، ولكن ما تزال هناك رسوم مفروضة على السُكر. الفرص الضائعة وتعد صناعة السُكر في البلاد من الصناعات الاستراتيجية، وبحسب نقطة التجارة السودانية، فإن الدولة تعول عليها في النهوض بالاقتصاد الوطني، وذلك لما تستقطبه هذه الصناعة من رؤوس أموال واستثمارات عربية وأجنبية حققت نجاحات كان لها أبلغ الأثر على الناتج القومي الإجمالي، فضلاً عن مساهمة قطاع السكر في التنمية الريفية وإحداث تحول اجتماعي في المناطق الصناعية، ويتمتع السودان بموارد وإمكانيات ضخمة لإنتاج السكر، تتمثل في توفر العمالة والأراضي الزراعية الشاسعة والصالحة للزراعة، لذلك احتل السُكر السوداني مكانة مرموقة في الأسواق الإفريقية والعربية والأوروبية، كما يتمتع السودان بوضعية تنافسية متميزة في إطار تكاليف إنتاج السكر، حيث يعتبر السودان ضمن أقل عشر دول من حيث تكلفة الإنتاج على نطاق العالم. ويُذكر أن الطلب على سلعة السكر تصاعد لأسباب اقتصادية واجتماعية، وشهد استهلاك السكر بالسودان نمواً متواصلاً حيث قفز من 120 ألف طن في العام 1960م، إلى نحو مليوني طن 2017م، ويأتي السودان في المرتبة الثالثة إفريقياً في إنتاج السكر بعد مصر وجنوب إفريقيا، ولديه مصانع سكر الجنيد، حلفا الجديدة، سنار، الجنيد، كنانة، عسلاية، النيل الأبيض، وهناك مصانع مطروحة للاستثمار، تشمل سكر الرديس - سكر الرماش - النيل الأزرق. ويُشار إلى أن حجم الإنتاج المحلي السنوي يترواح ما بين (700-750) ألف طن، بينما تقديرات الاستهلاك ما بين (1.5- 2) مليون طن، وأن الفجوة ما تزال كبيرة لسد الاحتياجات المحلية.