وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي أشار إلى أن الندوة تطرقت لعدة محاور تشمل الاقتصاد الكلي وسياسات الصادر والتضخم، مشيرا إلى انه محور يخص شركات التامين ويؤثر عليها بجانب محور الشيك السيولة وربويتها اضافة لمحور تاهيل وتدريب الموظفين، فضلا عن محور علاقات المنتجين وعدم تسليم المعلومات الصحيحة إضافة لتغيير نتائج الأعمال وارتفاع تكلفة التغطيات التأمينية وخروج بعض معيدي التأمين من السودان وتدهور السعات التأمينية، متسائلا: لماذا عندما تواجهنا المشكلات الكبيرة والظروف القاهرة نعود لبحث كل المشاكل في وقت واحد سواء التاريخية والراهنة وغير الراهنة الحالية والمستقبلية؟ منوها إلى عدم التفرغ لحل مشكلة معينة، مؤكدا أن سنة الحياة لا تعني انبعاث المشكلات في وقت واحد، وقال إن الله أنزل المشكلات مجزأة ليتم حلها وفقا لذلك، مشددا على أهمية وجود المنهج. مترتبات سياسية: حمدي أكد انعكاس معدل التضخم وتدهور سعر الصرف على قطاع التأمين، مشددا على أهمية المعالجة في ذات الإطار، وأضاف: السياسات تتغير بطريقة عقلانية وبغيرها في بعض الأحيان، لافتا إلى أن الحلول والمبادرات السياسية المطروحة حاليا كثيرة جدا لكن التحدي الحقيقي يكمن في ملاءمتها مع الأوضاع للوصول إلى رد الفعل المطلوب. اتجاه معاكس وانفلات: حمدي أكد أن الجميع يمضي في الاتجاه الخاطئ ومع ارتفاع غلاء المعيشة هناك ارتفاع في تكاليف الزواج و(الصالات وفطور أم العريس) لافتا إلى أن هناك عادات فيها مبالغات ولا بد من مراجعتها، وقال: "في مجال التعليم سابقا كانت هناك مجانية بجانب ترتيب للصرف"، مشيرا إلى انفلات ذلك في الوضع الراهن. وأضاف: المشكلة التي تواجهنا حاليا عدم الإذعان إلى الظروف الواقعية والطبيعية. مؤكدا تراكم مشكلات تواجه قطاع التأمين كالعقوبات وتدهور سعر الصرف والتضخم، وأضاف: يجب الإذعان لذلك والبحث عن معالجة حقيقية وليس الالتفاف حول هذه المشكلات مثلما حدث في هيئة الموانئ بالالتفاف على سياسة الخصخصة. وشدد حمدي على أن الحكومة لا تستطيع حل كل المشكلات الحالية ويجب أن تدرس حل المشكلات الرئيسية والاتجاه بعد ذلك إلى النهضة والتنمية، داعيا إلى التوافق بين الفنيين في شركات التأمين وإعداد الدراسات لعمل التأمين حاليا والتنسيق بينها لتقليل الخسائر والعمل جميعا للخروج مع بعض، مشيرا إلى أن ذلك مفهوم عالميا لانخفاض ربحية القطاع في التأمين ولا بد من عمل حلول معقولة بالاندماج وعدم اللجوء للحكومة ومطالبتها بخفض التضخم خاصة أنها لا تستطيع. مطالبا شركات التأمين بعمل دراسة تحدد ما يمكن أن تفعله الحكومة والجمهور وإنتاج منتجات جديدة لمقابلة الأزمات، وأضاف: هناك مليون مسكن في العاصمة والآن هناك ظواهر جديدة بينها الشغب واقتحام المنازل ووجود الكاش في المنازل عوضا عن البنوك بحسب ما يقول بنك السودان المركزي، منوها إلى أن شركات التأمين ليس لها المقدرة لتقديم حلول للتضخم ولا بد من اقتراح الحلول المعقولة. واقع اقتصادي طارد: المدير العام لشركة البركة للتأمين آدم أحمد حسن أكد تأثر شركات التأمين سلبا بالوضع الاقتصادي الراهن، وذلك من خلال غايات وأهداف قيام هذه الشركات في خدمة الجمهور ولا بد أن يكون لديها قدرة على الإيفاء بهذه الالتزامات، وتحقيق معدلات نمو عالية سنويا وفوائض أرباح لحملة الأسهم، بجانب الديمومة والريادة في الانتشار والتوسع لأعمالها، مبينا أن هذه الأهداف تصطدم أحياناً بمثل هذا الواقع الاقتصادي بالبلاد رغم الإمكانات والموارد والثروات والقدرات البشرية الكبيرة التي تتمتع بها البلاد، وأضاف: رغم هذه الإمكانيات إلا أن الوضع الاقتصادي لا يسر، بل هو وضع "معقد وسيئ وطارد" أدى إلى كثير من المشكلات في الوقت الحاضر وأفرز مشكلات اجتماعية وسياسية ودبلوماسية كذلك بين السودان والعالم. موضحا أن الوضع يتطلب إعطاء إشارات إلى بعض العناوين الواردة في الاقتصادي الوطني، معددا بأن هناك اضطرابا في السياسات الاقتصادية وفسادا وانخفاضا في معدلات النمو، وضعف ميزانيات التنمية والخدمات لديه أسبابه، ويجود عجز مستمر وتضخم متسارع، وتراجع قيمة العملة الوطنية، وتزايد معدلات الفقر والبطالة بجانب عزلة بسبب الحصار والعقوبات الاقتصادية، إضافة إلى ضعف الثقة في الجهاز المصرفي، وأضاف: كل هذه الأشياء ربما لا تكون أسبابها غير اقتصادية، وهي انعكاسات لوضع سياسي يحتاج إلى معالجة، ولكن الأثر لهذه الأوضاع الاقتصادية "السيئة" ومدى قدرتها على تحقيق الأهداف المذكورة. معتبرا أنها أدت إلى ضعف الإنتاج والإنتاجية، وشركات التأمين جزء من حركة الاقتصاد لأنه كلما كان الإنتاج كبيرا واسعا ينعكس ذلك على تطور النشاط التأميني والمصرفي لحماية هذه القطاعات، مشددا على أنه كلما ضعف هذه القطاعات المصرفية والتجارية تأثر العمل التأميني بها من خلال ضعف أرباحه وأقساطه. ونوه آدم إلى أن عدم تحقيق الأهداف الخاصة بشركات التأمين أدى إلى تنافسها على "كيكة صغيرة جداً" في نشاط اقتصادي ضعيف جداً، لذلك يكون هناك فروقات أسعار من قبل الشركات لتقديم الأسعار الأقل، رغم المنافسة المبذولة في تطوير وجودة الخدمات، ولكن طالبي الخدمة والمواطنين ينظرون دائما للأسعار الأقل واختيار الشركة. خروج جماعي وأكد آدم أن تضاؤل حجم التأمين يؤدي إلى ضعف الأقساط و"الكسر" في الأسعار وقلة الأقساط التي تنتجها شركات التأمين سنويا، وهو أمر لا يحقق الأرباح لحملة الأسهم ولا الفوائض لحملة الوثائق وأيضا معدلات النمو العالية للاستمرارية، منوها إلى أن ضعف الأقساط يجعل شركات إعادة التأمين لا تقبل العمل في السوق السوداني وتعتبره مخاطرة، إضافة إلى أن الحظر الاقتصادي أثر على قطاع التأمين بسبب التحويلات المصرفية، إذ لا تستطيع الكثير من الشركات الإيفاء بالتزاماتها تجاه المعيدين للتأمين، وأسهم في خروج العديد من شركات إعادة التأمين من السوق السوداني، مشيرا إلى أن شركات التأمين ظلت تواجه في كل عام هذه المشكلات، إضافة إلى أن هناك قانونا جديدا للتأمين، وفي مثل هذا الوضع تتفاقم الأزمة أكثر، لأنه برفع رؤوس أموال شركات التأمين لحدود كبيرة، وتابع: لا يكون ليس من السهولة تحقيق أرباح من قبل حملة الأسهم الحوافز المناسبة لزيادة رأس المال. داعيا إلى ضرورة أن تكون هناك مرونة في تطبيق القانون، مشددا على أن تدهور قيمة العملة الوطنية يؤدي إلى ارتفاع أسعار قطع الغيار خاصة في السيارات، وفي حالات التعويض وبعد مضي فترة نجد أن شركات التأمين، تدفع مبالغ ضخمة جدا أكثر مما كانت تتوقع كتعويضات نتيجة الارتفاع المستمر لأسعار قطع الغيار وكل المستوردات من الخارج، كذلك صاحب الممتلكات لا يأخذ التعويض الكافي، لأنه يجد أحياناً عند تأمين ممتلكاته بسعر معين في حالة حدوث كارثة عقب مرور 10 أشهر، يُفاجأ بأن التقييم لهذه الممتكلات بمبالغ ضخمة جدا، وعند تطبيق شرط النسبة والتناسب للتعويض يجد نفسه لم يأخذ المبلغ الذي يعيد ممتلكاته كالسابق. تقاعس رسمي: وحمل د.عثمان الهادي الجهل وقلة الوعي بأهمية التأمين مسؤولية ضعف النشاط بالبلاد، رغم أن التجربة السودانية في مجال التأمين مرغوبة خارجيا، منتقدا في الوقت ذاته عدم التزام الدولة بسداد التزاماتها تجاه أقساط التأمين خاصة في القطاع الزراعي. فيما أشار عضو مجلس إدارة بنك السودان، الاكاديمي الاقتصادي بجامعة الخرطوم د.عثمان البدري لأهمية إعادة هيكلة سوق التأمين والمصارف والمال والأعمال، لافتاً إلى أن أغلب مشاكل شركات التأمين المباشرة أهمها انخفاض أسهم التأمين، وأضاف أن انخفاض عائدات التأمين يهدد سوق التأمين. مراجعات حتمية: وقال المحلل الاقتصادي د.عادل عبد العزيز الفكي إن قطاع التأمين يحتاج إلى إعادة هيكلة ووقفة عميقة لمراجعة الأساس الذي يقوم عليه الفكر التأميني في الاقتصاد على مستوى الفلسفة الاقتصادية، لافتا للحاجة لاستثمارات كثيرة في هذا القطاع، وقال إن المصارف وقطاع التأمين وأسواق المال صارت مهيضة الجناح، فضلا عن بروز تعاملات ربوية كثيرة في السوق. تحديات بالجملة وأشار الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين الخبير الاقتصادي د.محمد الناير إلى أن الاقتصاد السوداني يواجه عقبات تزداد يوماً بعد يوم, لافتاً إلى أن قرار بنك السودان بطباعة عملة جديدة ليس حلاً جذريا للمشكلة, مشيراً إلى أهمية النظر للمشكلات الاقتصادية كافة بما فيها قطاع التأمين بجانب أهمية تدارك تقييم الأصول بشركات التأمين تفادياً لحدوث مشكلات في القطاع, لافتاً لجملة من تحديات ومشاكل قطاع التأمين وأهمها التضخم وارتفاع الأسعار بجانب تأهيل الكوادر.