المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق ركن شمس الدين الكباشي، أعلن عن تشكيل لجنة لاستلام دور وأصول حزب المؤتمر الوطني، مؤكداً أن الوطني لن يشارك في الحكومة الانتقالية. حديث الفريق شمس الدين جاء استجابة لمطالب قوى الثورة الشعبية التي حملها قادة قوى الإعلان والحرية بقيادة رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، في الاجتماع الأول الذي انعقد بينهم ورئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ودعوا فيها إلى مصادرة دور وأموال الوطني لصالح الدولة. وسبق أن تقدم رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل بذات المطلب عند بداية الاحتجاجات الشعبية، داعياً لحل الوطني بوصفه حزباً نشأ في ظل الحكومة. ممتلكات الوطني المؤتمر الوطني يمتلك على المستوى المركزي المبنى الرئيسي بشارع المطار في الخرطوم، فضلاً عن مقار أمانتي الشباب والطلاب بجانب امتلاكه لمقار بكل ولايات ومحليات البلاد. بجانب ذلك يمتلك الوطني بعض الواجهات الاستثمارية. وقدرت مصادر بالحزب تحدثت ل(السوداني) أمس، عدد السيارات التي يمتلكها الوطني بأكثر من ألف وخمسمائة سيارة، مشيرة إلى أن الوطني يمتلك حسابا رسميا في بنك أم درمان الوطني، لكنها أكدت عدم امتلاكها لأي رقم صحيح أو تقريبي لحجم السيولة النقدية للحزب الذي قالت إنه يعتمد بشكل رئيسي في تمويل أنشطته على استثماراته الخاصة. ويذهب رئيس قطاع الإعلام المتحدث الرسمي باسم الوطني د.ابراهيم الصديق في تعليقه على قرار المجلس العسكري الانتقالي والظهور الإعلامي والسياسي للوطني ضمن مشاورات المجلس العسكري مع القوى السياسية في حديثه ل(السوداني) أمس؛ يذهب إلى أن الوطني حزب سياسي موجود في الساحة ومسجل في مجلس الأحزاب السياسية. منوها إلى أنهم ذهبوا وسيذهبون حتى ولو لم يتلقوا دعوة، وأضاف: نحن لدينا عضوية فاعلة وتأثير في المجتمع ولدينا شركاء في العملية السياسية وليس هناك من أخذ جماهيرنا إلى خارج البلاد. ويرى الصديق أن الوطني سيرد على قرار المجلس العسكري بتشكيل لجنة لحصور أصول الحزب بأنهم قائمون كحزب بقانون ويمولون نشاطهم بمواردهم الذاتية وسنرد على هذه الخطوة بخطوة قانونية توضح أن هذه الأصول من حقوق الحزب. معتقلون في قبضة العسكر قرار اعتقال قيادات ورموز المؤتمر الوطني، مثل صدمة عنيفة لعضوية الحزب وقياداته، وربما يتمثل عامل الصدمة في تحول أولئك القادة بين عشية وضحاها إلى معتقلين من قبل السلطات المختصة أو متخفين مطلوب القبض عليهم، بعد أن سادوا لوقت طويل وكانوا من يقررون في شؤون البلاد، ولكن قيادات من أمثال علي عثمان ونافع علي نافع وعوض الجاز وأحمد هارون وجدوا أنفسهم محاطين بالعسكر ومطلوب القبض عليهم. وتؤكد مصادر مطلعة ل(السوداني) أن الاعتقالات طالت قيادات بارزة ومؤثرة بالمكتب القيادي للحزب، أكملت عدتها للإطاحة بالرئيس البشير وقيادات المؤسسة الأمنية والعسكرية، وأنها اتخذت من الحشود التي دعت لها والمسيرة التي كانت بصدد تسييرها صوب القصر من ذلك غطاءً للاستيلاء على السلطة، وأضافت: إن القوة التي كانت بصدد اعتقال القيادي بالمؤتمر الوطني د.نافع علي نافع وجدت مقاومة جرى خلالها تبادل لإطلاق النار قبل أن يستجيب حرس منزل د.نافع لأوامر إيقاف النار. أما رئيس المؤتمر الوطني المفوض أحمد هارون فقد أكدت المصادر، أن عملية إلقاء القبض عليه تمت عقب خروجه في الثالثة والنصف من فجر يوم الانقلاب، مشيرة إلى أن هارون كان خارجاً حينها من منزل رئيس حزب الأمة الإمام الصادق المهدي في أم درمان وأشارت إلى اشتباك بالأيدي وتلويح بالسلاح تم بين فريق حماية هارون، بعدها تمكنت القوة العسكرية المكلفة باعتقال هارون من أخذه عنوة. إلى ذلك ترددت أنباء عن احتجاز الفاتح عز الدين ورئيس القطاع السياسي د.عبد الرحمن الخضر. مستقبل العمل السياسي للوطني تساؤلات عديدة جرى طرحها بشأن مستقبل العمل السياسي للمؤتمر الوطني خاصة بعد الجدل الذي أثاره ناشطون ومحتجون بساحات الاعتصام بالمطالبة بحل المؤتمر الوطني، وهي الدعوة التي ظلت تقابل برفض كثير من القيادات السياسية لقوى المعارضة التي حددت هدفها بضرورة محاكمة المفسدين وقيادات الحزب. وهو ما يجعل الوطني وعضويته أمام مصير قاتم بشأن مستقبلهم لا سيما بعد الاحتجاجات الأخيرة وتفجرها على واقع ثلاثين عاماً قضاها الحزب في سدة الحكم. ويذهب المحلل السياسي محمد داؤود في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أنه من الصعب جداً إقصاء الإسلاميين والوطني عن المشهد السياسي أقلّها لمدة عشرة أعوام لما يتميز به الإسلاميون من قدرة على التكتيك والممارسة السياسية. ويرى محمد أن الوطني سيمارس العمل السياسي بوضع طبيعي، إذا كانت الحكومة الجديدة مؤمنة فعلا بالديمقراطية والحرية والعدالة، لأن الإسلاميين متجذرون في المجتمع. ويشير داؤود إلى أنه حتى وإن جرى حل الحزب فإن من السهل جداً على الحركة والوطني تسجيل حزب جديد لأنهم سلفاً كانوا يتحدثون عن تغيير اسم الوطني قبل الأحداث الأخيرة. ويلفت داؤود إلى الحالة التاريخية لحل الحزب الشيوعي التي تمت بطريقة غير شرعية عبر البرلمان، ويرى في دعوة حل الوطني أنها بمثابة ثأر قديم مايزال يحمله الحزب الشيوعي تجاه الإسلاميين، موضحا أن الإقصاء في هذه المرحلة يتنافى مع شعارات كثيرة رُفعت في هذه الاحتجاجات التي بموجبها تم الانقلاب. المقار والشخوص.. قانونية الاستلام والتحفظ قرار المجلس العسكري بتشكيل لجنة لتسلم أصول الحزب، والاعتقالات التي سبقت المجلس العسكري الانتقالي الثاني، فتحت الباب أمام تساؤلات أخرى حول مدى قانونية هذه الخطوة، وعما إذا كانت تمثل بالفعل شرعية الثورة التي لم تتشكل بعد. ويقول رئيس قطاع الإعلام بالوطني د.إبراهيم الصديق، إن رئيس الحزب المفوض أحمد هارون معتقل دون أية أسباب، فضلا عن اعتقال لكل الحزب وقياداته. أما الخبير القانوني كمال محمد الأمين، فيرى في حديثه ل(السوداني) حول قانونية لجنة المجلس العسكري الانتقالي بحصر وتسلم أصول ومقار الوطني؛ أن هناك فرقا بين تسلم الأصول ومصادرتها، فالتسلم بحسب كمال إجراء تحوطي يمهد للقرار المقبل، أما المصادرة فإنها لا تتم إلا أن تكون صادرة من محكمة. ويرى المحامي كمال أن قرار المجلس العسكري باستلام أصول ومقار الوطني إجراء ليس به أي أشكال من الناحية القانونية.