محمد سعيد شلي اطلعت على بحث قيم عن الحصان الدنقلاوي أعده الأستاذ عباس سلطان كيجاب والذي بذل جهداً ملحوظاً في إعداده من اطلاع على المصادر واتصال بالمعنيين والمهتمين للاهتداء بآرائهم وملاحظاتهم منهم صديقنا الدكتور عبدالمطلب الفحل الباحث والإعلامي المعروف والأستاذ محمد حسين صالح المحامي الذي يعد مرجعاً مهماً في تاريخ وثقافة المنطقة.. وسعى الباحث سعياً مكثفاً بأن تكون هذه الدراسة ضمن الأوراق المقدمة في المهرجان النوبي الذي أقيم مؤخراً بمدينة حلفا القديمة ولكن لسبب أو لآخر تعذر أن تلحق الدراسة بقطار المهرجان ..والأستاذ عباس كيجاب أحد أشقاء السباح العالمي عبدالمجيد كيجاب, مولع بالتوثيق ومهتم بالتراث وساعدته مهنته كمعلم في إشباع اهتماماته في هذه الجوانب ..جاء في الدراسة أن دنقلا هي موطن الخيول الأصيلة منذ العصور القديمة في تاريخ السودان..والمقصود بدنقلا هنا إقليمدنقلا الذي كانت حاضرته دنقلا القديمة The old Donglaوالتي ترجمت خطأ إلى دنقلا العجوز..وأشارت الدراسة إلى أن سلطنات سنار والجعليين قامت على ظهر الفرس الدنقلاوي وكان من يملك الأعداد الوفيرة من هذه الفصيلة كان يملك مفتاح النصر على أعدائه ..وأول إشارة لهذا الفرس كما ورد فى الدراسة جاءت فى وثيقة بعانخي الملك النوبي الذي غزا مصر ووصل جيشه علي ظهر هذا الفرس حتى فلسطين ..كتبت هذه المعلومة التاريخية على لوحة حجرية وجدت بمعبد جبل البركل وجاء فيها ( قبل بعانخي خضوع مدينة هيرمابولس ودخلها ثم زار قصر الملك وذهب إلى أسطبل الخيل وأدرك أنها تعاني من الجوع, فقال حلفت بحياتي أن أقبح أعمالكم الشريرة هي تجويعكم الخيل والتي ساقتكم إليها قلوبكم الفظة ..)..ومن حب بعانخي للخيل وصى بدفن خيوله معه في قبره..ومن الأبيات الشعرية الشهيرة بيت لشاعر عربي شهد معركة بين رماة الحدق النوبيين وجيش الفتح العربي وكان رماة الحدق يمتطون صهوات خيولهم المثقلة بالدروع ..قال ذلك الشاعر - لم تر عيني مثل يوم دنقلة..والخيل تعدو بالدروع مثقلة -..وورد في كتاب مروج الذهب للمسعودي أحد مؤرخي دخول العرب للسودان أن أهل دنقلا كانوا يزرعون النخيل والكروم والعنب والحنطة والشعير.. والمعروف أن الشعير ونوى البلح من أهم أعلاف الخيل ..وجمال ورشاقة المهر الدنقلاوي صفات دخلت قاموس الأغنية السودانية منذ قديم الزمان وما تعلق قلب شاعر بفتاة جميلة إلا وشبهها بمهرة دنقلا فإسماعيل صاحب الربابة وهو من الصوفية الملامتية ومذكور فى طبقات ودضيف الله وصف محبوبته هيبة بمهرة الضنقلاوي المكنوز ظهرها..وقد يلاحظ القارئ أن كلمة دنقلا ودنقلاوي تكتب أحيانا ضنقلة وضنقلاوي والأخيرة شائعة فى العامية السودانية وورد فى قاموس اللهجة العامية فى السودان على لسان شاعر من قبيلة الشكرية يتحدث عن الفرس – بدور الضنقلي المربوط يصايح – وجاء في القاموس أيضاً قول ينسب لرجل من البقارة – الجواد الضنقلاوي فى الخيول جراي – وعودة للدراسة التي أعدها الأستاذ عباس كيجاب وعن تشبيه الشعراء للفتاة الجميلة بالفرس الدنقلاوي ,قال الشاعر ودكشكا من منطقة حجر العسل – "مهرة دنقلا المرقوبة فى ميدانة ..متبورة القديم ماهن طوال سيقانة" – ..وورد فى واحدة من أغنيات الطمبارة (مهرة دنقلا الدفارة..رصو الصفقة ياطمبارة-..خلوها تدخل الدارة ..) اقترحت على صاحب البحث وعلى عدد من الأساتذة الذين اطلعوا عليه أن يقدم في إطار ملتقى ثقافي شامل يتناول الدور التاريخي لدنقلا يشارك فيه المختصون والمهتمون بالدراسات التاريخية والاجتماعية والثقافية فهناك الكثيرمن الآراء التي تثار حول هذه المنطقة ومن تلك الآراء أنها المنطقة المعنية بقصة سيدنا موسى عليه السلام وماورد فيها من جمع فرعون للسحرة..إلخ ..وأنها أرض الهجرتين الأولى والثانية للمسلمين وهناك كتاب حول هذا الموضوع للبروفسورحسن الفاتح قريب الله ..كما ينسب لدنقلا سيدنا بلال ويزيد بن حبيب وكنت قد اطلعت على مسودة كتاب للدكتور الطاهر محمد الدرديري عن يزيد بن حبيب الذي تولى مسؤولية الافتاء بمصر.. وخرج من دنقلا اثنان من أشهر الدعاة المسلمين فى العالم ,الشيخ سوركتي الذي هاجر إلى أندونيسيا وساتي ماجد الذي كان يدعو للإسلام في أمريكا ..وأن مثل هذا الملتقى والذي اقترح أن تتبناه وزارة الثقافة والإعلام بالولاية الشمالية أو جامعة دنقلا يمكن أن يلقي المزيد من الضوء على هذه الموضوعات وغيرها ويوثق للدور المهم الذي لعبته دنقلا في تاريخ السودان ..