التاج مكي: نعم قَلَّدتُ محمد الأمين وهذا (....) سر ديمومة (حبيت عشانك كسلا)! حوار: أحمد دندش أخذته الغربة من حضن الوطن، وانتزعته من معجبيه، هو يعترف بهذا، لكنه لا يعترف على الإطلاق بأن الفن يمكن أن يُنسى، ومعه حق؛ فبرغم غربته الطويلة لا يزال الناس يحتفظون له بمكانة خاصة في الدواخل، و(حنين) خاص، فالرجل مبدع يعشق الموسيقى كما تعشق الفراشات الزهور. التاج مكي، اسم من ذهب، وسيرة فنية يصعب القفز فوقها بأي حال من الأحوال، التقته (السوداني) في دردشة سريعة وهو يحل ضيفاً على كسلا للمشاركة في مهرجانها الثقافي السياحي الثالث، فماذا قال،؟؟ * حدثنا قليلاً عن البدايات؟ بداياتي كانت في الجمعيات الأدبية وترديد الأناشيد، وفي مدني، عندما كنت طالباً، كَوَّنا فرقة طلاب أسميناها (نجوم المسرح)، كان أعضائها التهامي خوجلي ويوسف السنوسي وعصام الدين أحمد حسن وميرغني ماركوني والفاضل السنوسي، ومن الفنانين الحردلو وعبد العزيز محمد الحسن، بعد ذلك شاءت ظروف الوالد أن ينتقل إلى مدينة كسلا، وهناك التقيت بالأخوة بشير صالح وأحمد طه وإسحق الحلنقي والفاتح علي والحاج أحمد الشريف، وعملت في البريد والبرق، ثم كوَّنا هنالك فرقة أصدقاء الفن. * هل صحيح أنك في تلك الفترة كنت تقلد الفنان محمد الأمين؟ نعم، وكنت أردد أغنياته مثل (ما أجملك) و(يا معاين من الشباك) و(مسيحية) و(وحياة ابتسامتك) وغيرها. * ألم يعترض محمد الأمين على هذا التقليد؟ إطلاقاً، وأنا كنت معجب جداً بطريقته في الغناء، خصوصاً وهو يأتي بسلالم موسيقية جديدة كنت أستمتع بعزفها رغم صعوبتها. * ارتباطك بكسلا أكبر، ماهو السر؟ كسلا شَكَّلت وجداني ولها تأثير كبير جداً على فني، وهي بصراحة سودان مصغر انصهرت فيه كل القبائل، ولا تشعر فيها أنك غريب إطلاقاً، وفي كسلا التقيت بالأخ المبدع مرتضى عبد الرحيم صباحي، والذي منحني أغنية (مفارق كسلا). * حبيت عشانك كسلا، سر الديمومة؟ أولاً أحب أن اقول أن مقطع هذه الأغنية قام بكتابته الأخ مرتضى صباحي، وبعد ذلك قام الحلنقي بتكملتها، وهي أغنية غريبة فهي تم تأليفها وتلحينها وغنائها في لحظة واحدة، وهي أغنية أعتز بها كثيراً. * تناول هذه الأغنية بكثرة من الشباب ألا يضايقك قليلاً؟ كلا، أنا مؤمن بتواصل الاجيال، وأنا مستعد للتعاون مع كل الشباب في أي زمان ومكان، لدي أكثر من (100) لحن وجاهز للتعاون. * الأصوات الشابة من لفت نظرك منهم؟ والله طه سليمان صوتو جميل، وأبوبكر سيد أحمد كذلك، إضافة الى أمير حلفا وعمر جعفر ونسرين هندي. * الغربة، ماذا أخذت منك؟ أخذت مني الكثير فنياً، فقد أبعدتني عن جمهوري واستفدت منها كذلك في التعرف على الكثير من الثقافات والعادات العربية. * أستاذ التاج، بصراحة هل هناك أزمة في تفريخ الألحان الجيدة في ظل ما بتنا نشاهده مؤخراً من أغنيات ركيكة؟ نعم، هناك مشكلة في التلحين والملحنين حتى، لم يعودوا بذات الظهور القديم، فزمان كان هناك برعي والعاقب والسني وموسى إبراهيم وخليل أحمد وناجي القدسي وود الحاوي وبشير عباس وسيف عبد القادر وغيرهم، أما الآن فالملحنين أصبحوا قليلين جداً. * أطرف موقف مر بك فنياً؟ أذكر أن الأخ عبد الرحمن مكاوي قدم لي أغنية اسمها (التينة)، وقمت بترديدها ووجَدَت صدى واسعاً، وفي حفل بمدني توقف بجانبي شاب وقال لي بالحرف: (أنا أخو التينة)، في تلك اللحظة أصابني الخوف لكنه استدرك مسرعاً: (عليك الله ماتغنيها لينا الليلة)، وضحك طويلاً. * ما هي مشكلة الأغنية السودانية في الانتشار عربياً؟ لا توجد لديها أية مشكلة بخلاف الانضباط الفني؛ فمثلاً بعض الفنانون يمثلون السودان في الخارج ويأتون ب(عدة) ناقصة، هذا لا يجوز، كما أن الحديث عن السلم الخماسي بأنه السبب غير صحيح، فهو سلم مميز ومرغوب جداً. * ملحن تعتقد أنه مميز؟ يوسف القديل. * حدثنا قليلاً أستاذ التاج عن المعهد وذكرياته؟ أنا زمان كنت أفتكر أن الغناء موهبة فقط، لكن بعد دخولي لمعهد الموسيقى تغير فهمي، والمعهد لعب دوراً كبيراً في حياتي الفنية فهو سلحني بالعلم والمعرفة واستفدت منه جداً. * زيارتك للسودان تأتي في إطار المشاركة بمهرجان كسلا، حدثنا قليلاً عن هذه المشاركة؟. أتيت بدعوة كريمة من اللجنة العليا للمهرجان الثقافي السياحي الثالث بكسلا للمشاركة خلاله، وسأقوم بالاشتراك فيه بتقديمي لأغنية (شايل تاجوج) و(حبيت عشانك كسلا)، وأنا أتقدم بشكري للوالي ووزير الثقافة بكسلا والأخوة عبد الجليل محمد عبد الجليل الإعلامي الكبير ورجال الولاية كلهم بدون فرز.