شكراً أسامة عبدالله ( 1 ) أثار حديث وزير الكهرباء والسدود أسامة عبدالله محمد الحسن في بيانه بالمجلس الوطني عن عدم جدوي إمداد بورتسودان بمياه من نهر النيل ردود أفعال غاضبة وصاخبة جداً، واستفز كل من سمع حديث الوزير عن المشروع، وإعلانه عن اتجاه جديد بتوصيل بورتسودان من خزان سيتيت، الذي من المقرر أن ينتهي العمل فيه العام 2017 م، واستحوذ حديث الوزير على معظم نقاشات أهل البحر الأحمر في الأندية، والمنتديات على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى منابر الرأي في وسائل الإعلام المحلية والقومية، وهنا لا بد من الإشادة بالحلقات التلفزيونية التي قدمها الأستاذ والإعلا ي الشامل أبوعيشة كاظم في برنامجه الناجح جداً (وسط الناس) المبثوث على شاشة فضائية البحر الأحمر، فقد استطاع كاظم إحاطة المشاهد بكل المعلومات المتعلقة بالموضوع من الألف إلى الياء، باستضافته لكل ذوي الاختصاص من المسؤولين الحاليين والسابقين. وبعيداً عن تفاصيل المشروع حري بنا البحث عن الحكمة التي دفعت بوزير الكهرباء السدود للإدلاء بمعلوماته تلك عن المشروع في هذا التوقيت العصيب، فماهي الرسالة التي أراد إيصالها السيد الوزير لمواطني الثغر الآمن المطمئن، هل هي الشفافية والوضوح؟، أم هي سوء التقدير لردود الأفعال المتوقعة لحديثه الخطير؟، أم أنه يدرك أن ردود الأفعال لن تتعدى مجرد الجعجعة والتباكي لفترة من الزمن وسرعان ما تمحوها الأيام؟. في تقديري أن السيد الوزير وضع المشرط على الجرح تماماً، وقال الحقيقة التي لا مراء فيها، هي أن ولاية البحر الأحمر مهما بلغت من أهمية للمركز من حيث الإيرادات، ومهما ظلت هادئة ومسالمة ولم تشهد الدمار الذي تشهده مثيلاتها في الجنوب والغرب، ومهما رفلت في أثواب السياحة والاستقرار والسلام الاجتماعي ف لن تحظي باهتمامٍ مركزي، ولن تشهد تنمية ملموسة، أما لماذا؟ فأنا لن أشرح حتى لا أدرج ضمن تصنيفات القوالب الجاهزة لدى البعض، فقط أريد أن أنبه إلى أنه من الضروري التعامل مع حديث السيد أسامة بمنتهى الجدية والتفكير في بحث البدائل لتأمين مستقبل البحر الأحمر من المياه، وعلى مجتمع البحر الأحمر أن يدرك أنه ليس من أولويات حكومة المركز توفير مياه للعطشى، فعليهم عدم إضاعة الوقت في استجداء وتصديق وعود حكومة الخرطوم، فقد كفى خداعاً و كذباً وتخديراً. وزير الكهرباء يعلم جيداً أن تمويل مشروع إمداد بورتسودان لا يتطلب تمويلاً آنياً، وإنما متوافر في شكل قرض صيني طويل الأجل، ويعلم أن بورتسودان تأمل وتعشم وتعتمد كلياً على مياه النيل لمقابلة حاجتها المتطردة من المياه عاماً بعد آخر بفعل التوسع السكاني في إعقاب الاستقرار التنموي الذي شهدته في السنوات الأخيرة من جهد محسوس في البنية التحتية، ويعلم السيد الوزير أسامة عبدالله أكثر من غيره أن إمكانية توفير الضمانات لسداد القرض أسهل ما تكون، فبالإمكان إصدار خطاب الضمان من هيئة الموانئ البحرية مثلاً، أو من شركة أرياب للتعدين، أو من الشركات البترولية المستفيدة من موانئ تصدير البترول في بشائر (1) و (2) حال فشل المالية وبنك السودان في استصدار خطاب الضمان. أسامة عبدالله يتابع مثله مثل جميع أفراد الشعب السوداني وعود السيد رئيس الجمهورية في جميع زيارته للبحر الأحمر منذ يونيو العام 2005 وحتى آخر زيارة له قبل شهرين أن إمداد بورتسودان بمياه النيل قاب قوسين أو أدنى، السيد أسامة لا تفوت عليه كل هذه الحقائق لكنه تعمد أن (يجي من الآخر) ويعلنها داوية، لا مكان لمياه بورتسودان في خارطة وزارة الموارد المائية، إذاً لا داعي للنحيب ولا داعي لنلوك الكلام عن ماذا ولماذا وكيف وإين ومتي يُنفذ مشروع مياه النيل؟، وإنما علينا شكر السيد أسامة علي الصراحة والوضوح، ولنا التفكير بجدية في حل ضائقة مياه بورتسودان بعيداً عن وزارة أسامة عبدالله. ونواصل