** الإعلان بالحجم الصغير جداً، وبالصفحة السابعة بالرأي العام، بعدد البارحة.. ولو انتبهت إدارة الأخبار، لصنعت من الإعلان حدثاً مدوياً وخبراً مهماً للغاية.. محتوى الإعلان بالنص الآتي: محكمة الخرطوم التجارية، عصام الدين جعفر الخواض ضد شركة دريم لاند للتشييد العمراني، إعلان للكافة بالنشر، تقدم الأستاذ مجدي محمد أحمد، نيابة عن مقدم الطلب عصام الدين جعفر الخواض، لتصفية الشركة المذكورة أعلاه عن طريق المحكمة، د.الصادق ضرار مختار، قاضي المحكمة العامة، محكمة الخرطوم التجارية.. هكذا الإعلان الحدث أو (الحدث المعلن).. تصفية شركة - ومشاريع - دريم لاند بالسودان..!! ** (نهاية بطل)، أو هكذا نصف أي حدث يُفرخ أحداثاً متابعتها (تسل الروح).. وصدقاً، كان دريم لاند مسلسلاً مكسيكياً مملاً، أكثر من أن يكون مشروعاً استثمارياً وسكنياً.. عمر المشروع تسع سنوات، حيث تم التوقيع على شهادة البحث وعلى عقد استلام أرض المشروع بتاريخ يناير 2004م، والإنتاج والنتائج - بتاريخ يونيو 2013م - صفر فقط لا غير.. لم يكن المطلوب بأرض المشروع تركيب معامل ومختبرات تُعيد اكتشاف الذرة، أو تنفي قانون الجاذبية، بل فقط بناء مدينة بمواصفة حديثة ومواكبة، ثم بيع مساكنها للناس بالتقسيط.. مثل هذه المشاريع - بالدول التي أجهزتها وقوانينها وكوادرها راشدة ومستقيمة – لا يشعر بها حتى سكان الحي المجاور لحين الاكتمال والافتتاح.. ولكن، لأن المشروع بالسودان؛ كان طبيعياً أن يصبح حدثاً موازياً لحدث الغزو الأمريكي للعراق أو العراقي للكويت.. وليس بمدهش أن ينهى المشروع نفسه (قبل أن يكتمل)، عفواً..(قبل أن يبدأ)..!! ** المهم؛ بذاك التاريخ، استلمت شركة دريم - من مسجل عام أراضي السودان - شهادة بحث الأرض التي مساحتها (7.774.000 متر مربع)، بسعر (ثلاثة دولارت للمتر المربع)، لإنشاء (25.000 وحدة سكنية).. بعد الاستلام، تفاجأت بأن للأرض ملاكاً - بالحيازة - غير الحكومة، وهم المواطنون، ثم تفاجأت بخطاب حكومي قائل (غايتو نحن استلمنا قروشنا، إتصرفي مع المواطنين)، فشرعت تتصرف معهم - تعويضاً ومحاكماً - لفترة تجاوزت الست سنوات حتى استقروا.. ثم سورت الأرض وشرعت في البناء، ولكن فاجأتها حكومة الجزيرة بمنع البناء قبل تحويلها من أرض زراعية إلى أرض سكنية، مقابل رسوم قدرها (10 مليارات).. ولأن الأرض - في العقد وشهادة البحث - سكنية وبالمتر وليس بالفدان، رفضت الشركة هذا الأمر.. ثم تفاجأت بأن تكاليف توصيل الكهرباء مقدرة ب(40 مليون دولار)، نعم بالدولار وليس بالجنيه، فرفضت هذا التقدير.. ثم تفاجأت برفض السلطات توصيل المياه، وأن تكاليف إنشاء محطة مقدرة ب(12 مليون دولار)..!! ** تلك هي المعيقات (الظاهرية طبعاً)، التحسين والكهرباء والمياه.. وبالتأكيد هناك معيقات (ما تحت السواهي).. المهم؛ شكلت رئاسة الجمهورية لجنة برئاسة الدكتور نافع علي نافع، بتاريخ مارس 2012م، لحل مشكلة دريم لاند، أي إزالة تلك المعيقات (خلال شهر).. اجتمعت اللجنة مرة وأخرى، وأوصت بأن تلتزم الحكومة بما عليها، وأن تلتزم الشركة بما عليها، ففرحت الشركة وشكرت - في الصحف - رئاسة الجمهورية ولجنتها التي أزالت تلك المعيقات.. ولكن بعد الفرح والشكر، تفاجأت الشركة بأن توصيات اللجنة المركزية في وادٍ، وموقف حكومة الجزيرة في وادٍ آخر.. وهنا، قررت تصفية ذاتها وترك (الجمل بما حمل)، كما ينص الإعلان أعلاه.. كل أنظمة الكون، تحسن مثل هذه الأرض بحيث تكون خالية من الموانع، وتمدها بخدمات الكهرباء والمياه، ثم تطرحها للمستثمرين - عبر عطاء معلن - ليتنافسوا في استثمارها بالجودة والسعر في (الهواء الطلق).. ولكن نحن في السودان، أي (خارج الكون)، ولهذا ينتهي أي دريم لاند في بلادنا ب(فشل لاند) أو (فساد لاند)..!.