الكبار.. شائعات بمذاق مختلف الخرطوم: لينا يعقوب الأجواء أجواء معايدة، في داخل تلك الصالة الواسعة ببيت الضيافة، ثاني أيام العيد، يتحدث الناس ويبتسمون، بل إن بعضهم كانوا يضحكون، يبدو أن مدة طويلة مرّت لم يلتقوا خلالها ببعضهم، كان وزير النفط د.عوض الجاز يتحرك وسط الموجودين، يبارك العيد ويستقبل أيضا المهنئين، ابتسامته كانت شبه دائمة على وجهه، توجهت إليه وكنت على ثقة بأن الابتسامة لن تطول، إن سألته عن تفاصيل احتجاز ابنه عمار في مطار دبي، "لأنه كان يحمل مبلغ 10 ملايين دولار"، وأنه تم إطلاق سراحه ما إن تم التأكد من أنه يحمل أوراقاً قانونية من بنك السودان. ذلك الخبر، راج بشدة، ليس في مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، إنما في صحف خليجية أيضاً، ولم يجد من يقم بنفيه إلا الناطق باسم المؤتمر الوطني ياسر يوسف، وبصورة غير مباشرة في إحدى المقالات، فكان لا بد من توجيه السؤال إلى عوض الجاز، الذي استقبله بهدوء وبطريقة عادية يصعب حتى وصفها، ابتعدت عن (الاستهتار) أو (التهويل). الأوضاع الداخلية المرتبكة، عادة ما توفر أجواء سلسة لانتشار شائعات مفبركة أو أخبار مدسوسة، تكون لها أغراض وأجندة معينة. من بين (الأخبار) و(الشائعات) التي راجت خلال التظاهرات الأخيرة، أن سلطات مطار دبي اعتقلت نجل الجاز، وبحوزته مبلغ 10 ملايين دولار، وأنه رفض التعاون مع المسؤولين، إلا بعد أن تدخلت السفارة السودانية وأعضاء من القنصلية. الخبر ورد في مواقع إخبارية متعددة، دون تفاصيل كثيرة، إلى أن أوردت صحيفة (خليج تايمز) الإماراتية، في التاسع من أكتوبر الجاري، تعليقاً حول الخبر، وقالت في صفحتها الإخبارية، إن مسؤولين أمنيِّين في مطار دبي، نفوا ما تردد في وسائل الإعلام المختلفة، عن اعتقال نجل عوض الجاز، وإن مصادر قالت بأن عمار كان يمر عبر مطار دبي، والشرطة والمسؤولون في المطار لم يجدوا أي شيء غير قانوني بحوزته، وأن ما تم نقله كان بصورة قانونية من بنك السودان المركزي. ويبدو أن هذا النفي الذي أوردته (الخليج تايمز)، فتح مجالاً آخر لتأكيد شيء من الخبر، حينما قالت: "إنّ ما تم نقله كان بصورة قانونية من بنك السودان"، مما يعني أن عمار كان في دبي، وما بحوزته كان قانونياً، ولم يذكر الخبر أنه كان يحمل مالاً. الجاز: إن شاء الله تبقى لينا أجر وفي أول تعليق له حول الأمر، قال وزير النفط عوض الجاز ل(السوداني): "إن ابنه لم يسافر، وكان يستمع إلى ما يُقال ويُثار في وسائل الإعلام، وهو جالس في المنزل"، واعتبر أن هذه الشائعات الغرض منها المكايدة ليس إلا، وقال: "إن شاء الله تبقى لينا أجر"، مشيراً إلى أنه يتفهم جيداً الظروف التي تمر بها البلاد، والأجواء التي تُنثر فيها الشائعات، وأوضح أن ما كتبته إحدى الصحف بأن نجل الجاز لم يخالف القوانين، لأنه كان يحمل أوراقاً ثبوتية، لم يكن صحيحاً. وحول عدم رده أو نفيه لما راج من معلومات في وقت، سابق قال الجاز: "إن الشائعات كثيرة، ولا معنى لنفيها كل مرة، لأنه يثبت بطلانها بمرور الوقت"، وأكد أن الخبر عار عن الصحة. ما بين مبارك والجاز الخبر الذي تم تداوله لم يُكتب فيه اسم مسؤول أو شخص، إنما كانت جميعها مصادر، غير أن أول من قام بالترويج للخبر، كان القيادي المعارض رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد مبارك الفاضل، حيث قال لقناة سكاي نيوز إن نجل أحد رموز الحكومة، ضبط في مطار دبي وبحوزته مبلغ 10 ملايين دولار، دون أن يذكر اسمه، لكن بعد دقائق انتشر الخبر مقروناً مع عمار نجل عوض الجاز. وما بين مبارك الفاضل والجاز، مواقف قديمة تشير إلى عدم استساغة الرجليْن لبعضهما البعض، ففي صيف عام 2004م، تداولت مجالس المدينة عدة روايات، وبطرق سرد مختلفة عن أسباب إقالة مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية سابقاً مبارك الفاضل المهدي من منصبه، وكانت أكثر الروايات شيوعاً هي الخلاف الذي وقع بينه ووزير الطاقة آنذاك عوض الجاز، عندما سأله مستنكراً: "أين تذهب أموال البترول التي تقبضونها؟" فأجاب الجاز: (بنشتري بيها الزيكم)، الأمر الذي جعل الموقف يتصاعد بينهما، وخرج بعد فترة قصيرة مبارك الفاضل من الحكومة. وظهرت في كتابات الناطق باسم المؤتمر الوطني ياسر يوسف، إشارة إلى الموضوع، إذ اتهم الفاضل بأنه كان سبب ترويج بعض الشائعات، ومنها ما كان يروّج له حول مصنع الشفاء، الأمر الذي دعا الكاتب الصحفي حسن إسماعيل للرد عليه، بالقول إن الفاضل كان يدافع عن نفسه في برنامج، وأورد معلومات لم تذكر في وقتها. شائعات مالية: المعروف أن أغلى ورقة من فئة الدولار هي مائة دولار، لذا من الصعب أن يحمل المسافر مبالغ دولارية كبيرة، فالحقائب التي تُحمل فيها الأوراق النقدية والعملات، يمكنها أن تحتفظ بعشرة آلاف دولار أو مائة ألف، والتنقل بمبلغ كبير يصل إلى قرابة العشرة ملايين دولار، يبدو في غاية الصعوبة. ويقول بعض المراقبين إن مبلغ ال 10 ملايين دولار، أضعف الشائعة، فمن الصعوبة التنقل به في المطارات، حتى إن وجدت أوراق ثبوتية، ويشير البعض إلى اقتران (الشائعات) أو (الأخبار) حول أبناء المسؤولين فيما يخص تهريب الأموال أو الاتجار بها. فيلا الحاج آدم وطالت الشائعات نائب رئيس الجمهورية الحاج آدم، ببناء فيلا تبلغ قيمتها ما يفوق أربعة مليارات جنيه، وهو ما قام بنفيه في حوار سابق مع (السوداني)، وقد قال آدم في ذلك الحوار عند سؤاله عما أثير عن امتلاكه لذلك العقار: "إنه من الأفضل أن تذهب أنت وغيرك للموقع المعني، وتأخذ المعلومات من هناك، وتعرف حقيقة الأرض ومن يمتلكها، فهناك مهندس مقيم بخارطته وأوراقه، لتعرفوا الحقيقة وحقيقة المالك". الحاج آدم بحديثه الدبلوماسي يدفع كرة الاتهامات بعيداً عنه، ولكنه رفض الكشف عن صاحب المنزل، وقال وقتها: "طالما أنت مصرٌّ على هذا السؤال، فمن الأفضل أن تذهب وتعرف بنفسك، وقم بنشر ما تتوصل إليه، وهل هو حقيقة ملك الحاج آدم كما أثير أم غير ذلك؟، وأنا أكلفك بذلك. وأنا بالمناسبة اعتقد أن آفة الإعلام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ....)، وأنا شخصياً لا أتأثر بما يقال، فقد قيل فيمن كان قبلنا وأنا لست استثناءً". قصر نافع ولم يسلم مساعد رئيس الجمهورية د.نافع علي نافع من الأمر، حيث انتشرت صور لمنزل فخم أشبه بالقصر، قيل إنه بناه لابنته، وهو ما نفاه في ندوة أقامها بجامعة الخرطوم. ويقول علماء نفس، إن الشائعات تنتشر في الوسط المتجانس بمنتهى السهولة، لأن الأحاسيس تكون متشابهة، كما إن أجواء التوتر تكون ممهدة، وتساعد على انتشارها، لأنها تخلق انفعالات حارة بين أفراد المجتمع الواحد، ويعتبرون أن الحالة التي تشجع على انتشار الشائعة يمكن تحسسها في كل من الجو العام للجماعات الاجتماعية، وكذلك في الاحتياجات الشخصية للأفراد الذين يؤلفون هذه الجماعات. المبالغ في الإمارات بدأت في الإمارات منذ أكثر من عام إجراءات تطبيق النظام الجديد للإفصاح عن المبالغ النقدية والأدوات النقدية/المالية بحوزة المسافرين القادمين والمغادرين، وذلك بتقدم المسافر الذي يحمل أكثر من مبلغ 100 ألف درهم، أو ما يعادله من عملات أخرى، بالإفصاح عن المبلغ الذي يحمله على النماذج المحددة لذلك. فقد كلف المصرف المركزي الدوائر الجمركية في المطارات والموانئ والمنافذ الحدودية البرية، بوضع إشارة كافية في كل هذه الأماكن، توضح مبلغ الحد الأعلى من المبالغ النقدية المطلوب الإفصاح عنها، بعدد كافٍ من اللغات. ويقوم مسؤولو الجمارك بسؤال المسافرين القادمين أو المغادرين، إذا كانوا يحملون مبالغ نقدية تزيد قيمتها على 100 ألف درهم أو ما يعادلها من العملات الأخرى، وإن كانوا يحملون أكثر من ذلك المبلغ بشكل إجمالي، فعليهم ملء النموذج المحدد للإفصاح عن المبالغ التي بحوزتهم. وينطبق الحد الأدنى للإفصاح عن المبالغ بحوزة المسافرين، على الشخص الذي يبلغ من العمر 18 سنة فما فوق، وأكد المدير التنفيذي، ومسؤول وحدة مواجهة غسل الأموال والحالات المشبوهة في مصرف الإمارات المركزي عبد الرحيم العوضي، في وقت سابق، أن النظام الجديد للإفصاح عن المبالغ النقدية بحوزة المسافرين لا يتعارض مع مبدأ حرية التدفقات المالية من الدولة وإليها. وأوضح أن القوانين التي تتبعها الدولة ونظام الاقتصاد الحر، تسمح بدخول وخروج الأموال من الدولة وإليها شريطة الإفصاح عنها. وبلا شك تختلف، الأنظمة المسموح بها من دولة إلى أخرى، إلا أن لدى جميع الدول حداً أعلى وأدنى للسماح بدخول العملات الصعبة إليها، وتحويل الأموال والمبالغ الضخمة إلى بنوك خارجية، كما في البحرين مثلاً، يتم عبر تنسيق بين الحكومات وليس الأفراد، وهو ما يجعل الكشف عن ملابسات ضبط أيٍّ من الأموال سهلة للغاية.