أنشر فقرات من بيان حزب التحرير وأعلق عليها: (اعدلوا، فلن تحتاجوا إلى غرف أمنية: أنشأ النظام في السودان غرفة للعمليات برئاسة لواء للتصدي لأية تظاهرات في الخرطوم، تضم هذه الغرفة ثلاثاً وثلاثين مجموعة موزعة على أنحاء ولاية الخرطوم. منذ اندلاع ثورات الربيع العربي وكل الأنظمة في العالم تتحسس كراسيها، وتخاف أن ينتقل إليها هذا الربيع، والبعض من فرط خوفه يدّعي أنه لا يخاف، ويقول إنه لا يشبه الدول التي قامت فيها هذه الثورات، قالها مبارك وانخلع، وقالها القذافي ومات ذليلاً وضاع حكمه، وعندنا في السودان أيضاً يقولون إنهم لا يخافون هذه الثورات باعتبارها إسلامية وهم إسلاميون، وبالتالي محصّنون ضد هذه الثورات، كما أنهم يعوّلون على ضعف الأحزاب السياسية التي في المعارضة رغم علمهم التام بأن الثورات كلها بلا استثناء لم تقُدها أحزاب، وإنما قادها شباب أحسّ بالظلم والقهر والطغيان من هذه الأنظمة. إذا كان النظام في السودان لا يخشى فعلاً خروج الناس للشارع للمطالبة بسقوطه، فلماذا كوّن هذه الغرفة؟ إبراهيم عثمان (أبو خليل) الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان التعليق: 1- لا بد من الإشادة بقوة ووضوح التصور لدى هذا الحزب وإحالة نموذجه للأحزاب التي تدعي أنها أرقى منه باعتبارها تقدمية أو علمانية أو (إسلامية تجديدية مثل المؤتمر الشعبي) ثم تقدم كثيرا من التناقضات والمرارات. 2- أتفق مع حزب التحرير في نصحه للحكومة حرفا حرفا. ولكنني أؤكد بكل أمانة أن المؤتمر الوطني فيه قيادات تؤمن إيمانا قاطعا بما يردده هذا البيان وأن التعويل على القبضة الحديدية مجرد (هراء) ولكن في تقديري هنالك سببان لتأخر خطى الإصلاح الذي يجد قبولا بل تشجيعا من الصف القيادي في المؤتمر الوطني: الأول أن الدول الغربية نجحت في مخطط استنزاف هذا النظام بالأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية. إنني أشهد أنه يمكنك الجلوس مع شخصيات قيادية لتحدثها عن الإصلاح وسيوافقونك ولكن ذهنهم شارد في تقارير معركة في منطقة ما أو توتر في السياسة الخارجية بسبب قضية ما. هذا بالإضافة إلى الصداع الاقتصادي الدائم والحصار غير المعلن والديون الموروثة وغير ذلك. الدول الغربية ترى أن هذا النظام يجب أن يكون مرهقا وطاقاته مستنزفة حتى لا يتعافى. الثاني: أن هنالك (مستفيدين) من تغييب الشفافية والعدالة ولذلك ينصبون داخل الصف فزاعات العدوان الأجنبي والتخوين حتى تلهي الناس عن أي مراجعة قد تفضي إلى قرارات جديدة تصادر مصالحهم. 3- وجود قوة أمنية لمكافحة الشغب أمر منطقي وضروري بل تطويرها جزء لا يتجزء من حماية الحريات والحقوق المدنية. لقد طلب بشار الأسد من المتظاهرين التريث لأن قواته غير مدربة على التعامل السلمي مع التظاهرات. بالرغم من أن عذره أقبح من ذنبه ولكن هذا (الاعتراف النادر!) يشير إلى ضرورة أن تكون هذه القوات مؤهلة للتعامل السلمي ودرجات مخففة جدا من القوة للسيطرة على التظاهرات دون ضحايا أو قتلى. لا بد من تظاهرات ولا بد من حدود لها ولا بد من إصلاحات ولا بد لكل هذه الحزمة أن تترسخ في المجتمع والدولة جنبا إلى جنب. عزيزي أبو خليل، ليس كل القوى السياسية مثل حزب التحرير فهنالك من يريد أن تنتشر الجثث والأشلاء وأن تفشل الإصلاحات.