تقليدية الطرح وكثرة التناقضات د. عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته أجاز مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بالخميس 7 نوفمبر موجهات إعداد موازنة العام 2014. أحضرتُ أمامي موجهات موازنة العام 2013 وعقدت مقارنة بينها وموجهات 2014 وذهلت للتطابق الهائل. وهاكم نموذج فقط: في موجهات موازنة العام 2013 جاءت فقرة تحت عنوان التحديات الداخلية تقرأ (تتمثل أهم التحديات الداخلية التي تواجه الموازنة في الآتي: زيادة العرض الكلي في الاقتصاد القومي بزيادة الإنتاج والإنتاجية ومعالجة الخلل الهيكلي في جميع محاور الاقتصاد وتجميع الطلب الكلي ورفع الكفاءة الإنتاجية واتباع النظم الحديثة في الإنتاج). وفي موجهات موازنة العام 2014 جاءت فقرة تحت نفس العنوان، التحديات الداخلية، تقرأ (تتمثل أهم التحديات الداخلية التي تواجه الموازنة في الآتي: زيادة العرض الكلي في الاقتصاد القومي بزيادة الإنتاج والإنتاجية ومعالجة الخلل الهيكلي في قطاعات الاقتصاد ورفع الكفاءة الإنتاجية باتباع النظم الحديثة في الإنتاج). لقد جاءت الفقرة كما هي فقط وضعت عبارة (قطاعات الاقتصاد) بدلاً عن (محاور الاقتصاد). وحذفت عبارة (تجميع الطلب الكلي) التي وردت في موجهات 2013 ولا توجد في موجهات 2014. وعلى ذلك قس في مجمل الوثيقة. هذا من حيث الشكل. أما من حيث الموضوع فقد جاء الطرح تقليدياً جداً من ناحية. وحافلاً بالتناقضات من الناحية الأخرى. إن تقليدية الطرح مستغربة جداً وبلادنا تشهد اضطراباً سياسياً عميقاً جداً بسبب الاقتصاد. الأمر الذي كان يقتضي رؤية جديدة وحلولاً غير تقليدية لأزمة حقيقية. وقد يقول قائل إن الرؤية الجديدة سيضعها المؤتمر المقرر انعقاده في نوفمبر هذا برئاسة الدكتور التجاني السيسي. وهنا يكون الرد: فيم الاستعجال بإجازة هذه الموجهات التي بموجبها ستقوم الوحدات بإعداد موازناتها والتي حين تجاز تصبح قانوناً واجب النفاذ ومتجاوزاً لتوصيات أي مؤتمر؟ التناقضات التي حوتها موجهات موازنة العام 2014 أهمها ما ورد ص 15 من الموجهات حيث تمت الاشارة لإعادة صياغة أهداف البرنامج الثلاثي نحو النمو بدلاً عن الانكماش والتقشف. في حين أن ما ورد في الوثيقة بأكملها يشير لاتجاه وزارة المالية نحو الانكماش الشديد. من ذلك ما ورد حول الاستمرار في ترشيد وتوظيف الموارد. وضبط وترشيد الإنفاق العام. وتقييد التحويلات. واقتصار التمويل من أدوات الدين الداخلي على الأولويات القصوى للدولة. ومراجعة تمويل المشروعات التنموية المستمرة وإعادة استغلال بعض الموارد التي خصصت لبرامج ليست ذات أولوية. وترشيد استيراد السلع الكمالية...الخ. كل هذا يشير لسياسات انكماشية. ويؤكدها ما صدر من تعديلات لقانون الضرائب مؤخراً والذي رفع الضريبة على القيمة المضافة لبعض السلع. وأعاد رسوم الإنتاج للصناعات التجميعية. وزاد نسبة ضريبة التنمية. هذه سياسات انكماشية بامتياز. استغربت جداً لهدف من الأهداف الكلية لموازنة 2014 ورد تحت باب تنمية الموارد ص 6 وهو (العمل على الحصول على القروض قصيرة وطويلة الأجل واستقطاب المنح.....الخ). هل تعني وزارة المالية ما تقول؟ هل ستسعى للحصول على قروض قصيرة الأجل؟ إن لم يكن هناك خطأ طباعي فإن هذه سياسة قصيرة النظر ستكبل البلاد بالمزيد من المديونيات. إن سعي الدولة ينبغي أن يتجه نحو القروض التنموية والتي تتميز بالحجم الكبير وفترات السداد الطويلة جداً ونسب الفائدة الضئيلة وفترات السماح الطويلة. وهذه تقتضي تحسين علاقاتنا مع المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية والصناديق السيادية للدول عالية ومتوسطة النمو. والله الموفق.