مبيت المرأة في مكان العمل .. الرجال (يطنطنون) الخرطوم: نهاد أحمد الظروف الاقتصادية والتحولات الاجتماعية ألقت بظلالها على واقعنا وغيرت الكثير من المفاهيم التي كانت تحكم حياتنا ومن هذه التحولات أن المرأة غزت سوق العمل ليس هذا فحسب بل أصبحت تعمل حتى في المهن التي تستدعي قضاء الليل في مكان العمل (المبيت) وهذا أمر قبل عقود قليلة ما كان معظم المجتمع السوداني سيقبله إلا أنه أصبح اليوم من المحطات المعهودة التي لا يقف عندها الكثيرون بل إن هناك مزاجاً عاماً في أوساط الأجيال الجديدة يفضل الزواج من المرأة العاملة حتى لو كانت طبيعة العمل تتطلب المبيت خارج المنزل مثل الطب والتمريض وغيرها من المهن لكن أيضاً هناك من لا يقبل ب(مبيت) الزوجة خارج المنزل وفيما يلي نتناول القضية بالتفصيل.. تحفظات .. ولكن محمد عمر (موظف) يقول إن ظروف الحياة أحياناً تجبر الشاب بالقبول بالزواج من اللائي مهنهن تتطلب المبيت خارج المنزل او البقاء لفترات طويلة تستمر الى مابعد منتصف الليل بالخارج وخاصة اذا كانت علاقته بها قوية أو كانت الظروف الاقتصادية تتطلب عمل الزوجة. هذه العوامل بالاضافة إلى مسألة مهمة هي الثقة هي التي تجبر الرجل للقبول بهذا الوضع. اما مصطفى عثمان مرتبط بطبيبة قال فى ذات الخصوص إنه متفهم جداً لعمل خطيبته التى تضطر أحياناً الى المبيت اسبوعياً بالمستشفى، مشيراً الى أنه ليس لديه مانع ولن تشكل عقبة عندما يتزوجون بل يعتبرها مهنة انسانية وأداء واجب لا بد القيام به من اجل المرضى على الرغم من المعارضات التى وجدها من أسرته بالارتباط بها حتى ولو كانت طبيبة. واختلف معهم احمد عثمان طالب بأنه لا يوافق بالزواج من فتاة تقضي معظم وقتها خارج المنزل فى العمل واشار الى ان هذا يؤدي الى اهمالها للكثير من الاشياء بالمنزل من حيث تربية الاطفال والاهتمام بزوجها وواجباتها المنزلية. سلبيات وإيجابيات الزميل سعيد عباس وهو متزوج من طبيبة يصف الأمر بأنه أحياناً مزعج وقد يتسبب في إشكالات اذا لم يتفهم الزوج خاصة وأن الزوجة في أي لحظة يمكن استدعاءها لطوارئ يستدعي حضورها فتترك الاطفال والمنزل وتذهب والزوجة الطبيبة يكون لديها وجهة نظر فى المائدة مثل بعض الاكلات مثل "أم فتفت " التي تجد الاعتراض. من ناحية أخرى فإن المكالمات بغرض الاستشارات الطبية كثيرة ومزعجة. ويضيف سعيد: "وفي بعض الأحيان يتحول المنزل إلى عيادة خاصة عندما نكون في القرية". ومع كل ذلك فإن سعيد يقول إنه ليس فقط متفهما للوضع بل سعيد بحياته خاصة وأن هنالك بعض الايجابيات مثل تمزيق فاتورة الطبيب فى المنزل وضمان الرعاية السليمة للاطفالك وشعور بأن زوجته تقدم خدمة جليلة للمجتمع ولحواليها. تفهم للوضع وفى ذات السياق تحدث عبدالرحمن مصطفى متزوج من ممرضة قائلاً إنه لم يمانع من الزواج من زوجته التى تعمل كممرضة على الرغم من أنه كان يعلم أنها ستبيت بالمستشفى لكني تفهمت الوضع لأن هذه مهنة انسانية تخدم المرضى واضاف: "إننا منظمون حياتنا بشكل جيد بحيث لا تحصل اي مشاكل بسبب مبيتها خارج المنزل عدة مرات بالاسبوع لكنها تعوض ذلك المبيت خارج المنزل عندما تكون موجودة فى البيت" . ضد الارتباط وخالفه الرأي ايمن طه طالب بأنه لن يوافق الارتباط من أي فتاة يضطرها عملها ان تقضي ساعات متأخرة خارج المنزل، وأشار الى أن ذلك أكيد سيؤثر على واجباتها المنزلية مثل الاهتمام بالاطفال ورعايتهم وواجباتهم كما اضاف أنه يعارض بشدة اكثر الزواج من اللائي تقتضي ظروف عملهن للمبيت خارج المنزل حتى لو كانت طبيبة لأن هذا سيؤدي الى الكثير من المشاكل والعقبات فى الحياة الزوجية وقال إن من يرتبطون بالعاملات في هذه المهن هم زملاؤهن لأنهم يكونون مقدرين لظروف عملهن. وتقول الباحثة في علم الاجتماع سامية سيف الدين إن السواد الأعظم من الرجال السودانيين يفضلون أن تبقى الزوجة في المنزل لكن التطور الذي حدث مع ازدياد نسبة التعليم في أوساط الجنسين فضلاً عن الظروف الاقتصادية جعلت عمل الزوجة وأحياناً مبيتها في الخارج أمراً مقبولاً لدى قطاعات واسعة خاصة عند الأجيال الحديثة لكن هذا لا يجب أن يشغلهم عن مهامها التربوية تجاه الأبناء.