بالأمس الجمعة كتب الزميل والصديق العزيز/ حسين ملاسي في زاويته المحكمة الكلمات، والمفتوحة التأملات "فتأمل"، بأخيرة جريدتنا الغراء "السوداني": ليت المخابز تعمل على زيادة وزن الرغيف وتقليل العدد بدلاً عن هذا الرغيف (الخلاقة) الذي لايصلح إلا للفتة!. قلة من الكتاب وشباب الصحفيين تكتب عن الرغيف بهذه الواقعية التي تنبيء عن خبرة تراكمية عن الرغيف وأشكاله وأنواعه و(بركته)، وهذه الأخيرة سنختم بها العمود لتعلق في الأذهان.. ففي الرغيف كبير الحجم (بركةً) لا يعرفها إلا "المتأمل"، حقيقةً.. عندما نادى أحد الأحباب بنادي النيل بودمدني: ياباشمهندس أحمد، انبرى له صديقنا (وزميلنا) الحبيب، المهندس أحمد الخانجي وقال له: نعم. اعتذر المنادي بأنه يقصد المهندس/ أحمد خليفة. رد خانجي: بالله أحمد ده مهندس!! والله أنا قايله (سيد فُرن)!! بعدها زاملت المهندس خانجي في (المرحومة) الأشغال منتدباً من (المرحومة) وزارة الري.. وأترحم هنا على جدنا وكيل الأشغال الأسبق المهندس/ محمود أحمد خليفة الذي أدار بعد نهاية خدمته المدنية (المرحومة) مطاحن النيل الأزرق بودمدني.. يعني علاقة الهندسة بالرغيف متأصلة بآل خليفة أينما حلوا.. كلام ملاسي أعلاه كله خبرة عملية؛ بالتجريب.. كما وأنه كله خبرة علمية؛ سأحاول هنا أن أبسطها؛ فوزن الرغيف وحجمه يختلف في مراحل التصنيع؛ عجيناً وتخميراً ونضجاً وحفظاً وعمراً؛ فالوزن يكون كبيراً عند العجين ثم يقل في كل المراحل التالية ورغيف ابن يومين زي لحمة (ابنة) ذات اليومين، تفقد كثيراً من وزنها لتبخر المياه.. أما من ناحية الحجم فعلى العكس تماماً؛ حيث تكون العجينة صغيرة جداً لتنمو، تخميراً، على أربع مراحل؛ بالعجانة وعند التقطيع وبغرفة التخمير وأخيراً بالفرن حيث يصل الحجم لذروته ثم يبدأ بالنقص حالما بدأ الرغيف يبرد.. سطح الرغيف الكبير مقارنة بسطح الرغيفات الصغيرة (الممحوقة) المساوية له في الوزن يكون أقل، مما يعرضها لنسبة فقد أقل في المياه بمرور الوقت، لذا تحافظ على قوامها ليوم ويومين.. وكان أهل مدني- الأدرى بتصنيع وأكل الرغيف من غيرهم ببقاع السودان- على حسب شهادة ناس المطاحن الكبيرة- يسمون الرغيف المسخوط بالأباليس.. لتلاشيه بعامل الزمن.. نجي لرحمة الرغيف الكبير، فالناظر له لابد قائل: والله منظره ساكت، بيرحمن.. وقد سمعتها مراراً وتكراراً من الزبائن ولعلم الجميع نحكي بسر المهنة: الرغيف الكبير أفيد للزبون وزناً وللعامل تصنيعاً وزمناً ولصاحب المخبز طرحاً.. يا أخوانا في رحمة أكثر من كده؟؟ ونزيد أن الرغيف الكبير يصلح للساندويتشات ويسهل قطعة وحفظه لمدد أطول.. وللجميع نقول بأن السوق المفتوح جعل من المخابز وكل أنواع التجارة والخدمات تتبارى في جذب الزبون بتجويد الخدمة وتقليل الأسعار، أما التقييد الذي يأمله البعض فلن يؤدي إلا لثراء من سيستفيد من كوتات المخابز والوقود؛ كما حدث أيام نميري ببيع الدقيق والجازولين.. تسعين بالمائة من المخابز الآلية أغلقت أبوابها وهرب الدخلاء على هذه المهنة بعد الانتفاضة.. وأرجعوا للقوائم بالمحليات ولدى مصلحة الضرائب.. شكراً ملاسي وشكراً "السوداني"..