*للتقنية وظائفها التي تمس علاقة الإنسان بالوجود والأشياء. من بين التحولات التي قادتْها التقنية تحويل الوسائل إلى غايات وهو ما استخدمه امس الاول امين مال الاتحاد اسامة عطا المنان عبر صفحته بالفيس بوك وهو يقدم مناشدة جميلة لجماهير الرياضة بالبلاد لدعم ومساندة ممثلينا افريقيا وزاد عليها ان تتبادل جماهير الرياضة الادوار في دعم الفرق وطالب جماهير الهلال ان تحتل الملعب في مباراة المريخ وكمبالا سيتي ليقوم جمهور المريخ برد جميلها في اول استحقاق للازرق افريقيا وكذا الحال لأهلي شندي وأهلي عطبرة. *نعم الرياضة كانت مجرد وسيلةً للتريّض وتطهير الجسد من سموم الركود، حيث وجد الإنسان منذ البدء في السباحة والركض والعمل الجسدي الراحة الذاتية والشعور بالتأنق. لكن الرياضة اليوم صارت غاية بحد ذاتها، وتحديداً بعد ان لاح في الافق تحول الأندية لمؤسسات قائمةً بذاتها وهي مقبلة على عصر الاحتراف مجبر اخاك لا بطل. * يدرك اسامة بطوافه الطويل على الدول المختلفة ان جمهور النادي في امكانه ان يصنع من ناديه بصفته مؤسسة مستقلة له تجاراته وأعماله وامبراطوريته التجارية، وله أعماله الخيرية ومواقفه الإنسانية. والصورة النمطية عن الرياضة التي كانت سائدة تغيرت اليوم مع تحول الحركة الرياضية إلى سوق ذات تفرعاتٍ لا تحصى. صارت الرياضة وسيلة بالنسبة للفرد حين يتريّض، لكن المباريات الجميلة والمبادرات الايجابية كالتي اطلقها اسامة باتت غاية بحد ذاتها. *حين يحدد الإنسان وقتاً لمتابعة مباراةٍ رياضية، ويتسمّر أمام الشاشة متابعاً فريقه المفضّل فإنه يشعر بالمتعة فما بالك ان انتفض من مقعده واقتطع من قوت عياله ليدفع تذكرة لمساندة ودعم نادي ند ومنافس لناديه حينها ستزيد جماليات المشهد وبقليل من العزيمة وقهر النفس الانسانية الامارة بالسوء فان مبادرة اسامة ستكون سهلة التنفيذ وسيكون خيرها وفيرا. *يدرك عطا المنان ان الرياضة بالنسبة للمتفرج غايتها تنتهي بانتهاء المباراة وأن يجد صوراً ممتعة، وأن يعثر على أشكالٍ فنيّة يقدمها اللاعب لأن الصورة الرياضية هي الغاية وعندما ترى مبادرة اسامة النور فإن محفزات الفعل الايجابي ستزداد وستصبح الملاعب والاستادات اماكن طيبة لقضاء وقت طيب بعيدا عن الضرب والركل والالفاظ النابية والفرقة والشتات. *في الدول المتقدمة صنعت المؤسسات الإعلامية قنوات رياضية، تقدم ثمناً مادياً لمشاهدة المباراة، والفرد يقوم بإجراء من خلال شراء بطاقة تمكنه من متابعة المباراة. وإن اطلاع جمهورنا على الدوريات الأوروبية ومناظر الجماهير من زاوية ايجابية كان يمكن أن يشكّل نقلةً اجتماعية شاملة لتغيير الرؤية النمطية عن رياضتنا وطرق تشجيعهم وكيفية الاختلاف عند الآخرين وادارته تختلف بالضرورة عندنا، لذلك فإن الفرق بين المتعة البصرية بين مشاهدة مباراةٍ أوروبية مليئة بالصور الفنية والجماليات العبقرية وبين مباراةٍ محليةٍ فقيرة جمالياً مثل المسافة بين فيلم أميركي حائز على أوسكار وبين فيلمٍ محلي لا يتوافر على أبجديات العمل الفني والإبداعي والجمالي ووالله مع قناة (النيلين الوضع أسوأ). *نعم الاحتكاك بالرياضة غيّر فكرة زرعت خطأً من خلال المؤسسات التعليمية والخطابات الجامدة عن التميّز المحلي المطلق في كل شيء، ولا تزال الصدمات التي تسببها حالات الاطلاع على التطور النوعي الموجود لدى الآخرين يضيف إلى صدماتنا صدمات، وإلى كدماتنا كدمات. نعلم ان الرياضة تعبير أمين عن البيئة التي نشأ فيها اللاعب والنادي كمؤسسة رياضية وعن المستوى الذهني وعن مستوى نشاط أدوات القدرة على الخلْق الجمالي بالنسبة للرياضي. الرياضة مجال خصب من مجالات نثر الجمال حين تكون البيئة التي نشأت بها الرياضة صالحة ومشجعة على المستويات الإدارية والثقافية والذوقية والجمالية. * أما أن يريد أحدهم التغلب على النمط الجمالي الأوروبي في الرياضة من دون نبش في العوائق التي تشكلها البيئة الاجتماعية بكل حمولتها الثقافية والدينية والأدبية فإن تلك الإرادة ليست سوى حلم ولكنه غير مستحيل ياحبيبنا اسامة عطا المنان والذي نتمنى ان ترى مبادرته الطيبة الفكر والثمرة النور.