مستشار حكومة الإقليم الشرقي سابقاً أمام الشعب السوداني الكريم العظيم كثير من التجارب السياسية والاجتماعية منذ فجر التاريخ وإذا حاول الإنسان أن يربط بين الماضي العتيد لتاريخ الحراك السياسي قبل قيام الثورة المهدي في 1881م مروراً بكل النضال الوطني الصادق الذي قاده الإمام محمد أحمد المهدي عليه شأبيب الرحمة والغفران أراد للثورة المهدية أن تكون ثاني أنموذج للدولة الإسلامية في السودان حيث إن السلطنة السنارية أو السلطنة الزرقاء بقيادة الرمزين القامتين عبد الله جماع وعمارة دنقس التي كانت أول دولة تجمع بين العناصر العربية والعناصر الإفريقية والتي حكمت السودان بالشريعة السمحاء وجلبت العلماء والفقهاء من العديد من الأقطار الإسلامية كما ورد في التاريخ أمثال الشيخ تاج الدين البهاري وغيره. كان الفونج في سنار هم الملوك والحكام وكان العبدلاب وعلاء الدولة وسندها في قري وشمبات وحلفاية الملوك كانوا صادقين في عدهم وتحالفاتهم القومية لذلك استمر ملكهم قرون وقرون إلى أن أتى المستعمر ومعه أعوان الشر والعدوان طمعاً في الرجال والمال والذهب من بني شنقول وأراضي السودان الغنية بكل ما يحتاجه المستعمر الغاصب من الأتراك وأعوانهم وكان الفتح التركي في سنة 1821م. والتاريخ المكتوب والمعروف معلوم لدى الكافة والعامة وما تبع ذلك من المقاومة الشرس من كل قبائل السودان وعلى رأسها المك نمر ووقائع التاريخ المشهودة التي ساندت كل القبائل العربية وغير العربية.. المك نمر ومحمد ودعدلان آخر ملوك السلطنة السنارية في دولة الفونج ولكن الخلاف والتشتت في أركان هذه الملكة أفضى إلى انهيار الدولة السنارية التي سوف يحتفل عدد كبير من المهتمين بالتاريخ بها قريباً.. ولذلك أقول رغم اختلاف الظروف الزمانية والمكانية ولكن الأرض هي الأرض والشعب هو الشعب هو شعب السودان المناضل بكل ما تحمل كلمة نضال من قوة منذ أن كان النضال فكرة تراود النفوس في فجر تاريخ السودان إلى أن تحقق الاستقلال الأول والثاني على يد الشرفاء الأقوياء الذين صنعوا ثوابت التاريخ بالخلق الرفيع والتجرد والإيمان بالشعب والوطن.... وهذا يتجلى في وحدة الشعب السوداني والحركات السياسية التي صنعت الاستقلال الثاني في 1يناير 1956م بقيادة الزعيم الخالد السيد الرئيس إسماعيل الأزهري وأعوانه الشرفاء من كل القوى السياسية التي أجمعت داخل البرلمان الأول على كلمة رجل واحد وبمواقف أبو الوطنية الأول السيد علي عبد الرحمن و الإمام السيد عبد الرحمن محمد أحمد المهدي لهما شآبيب الرحمة بإعلان الاستقلال في ايناير 1956م المتتبع لكل هذه الحوادث التاريخية كانت من واقع الخلق الرفيع والإيمان بالوطن والمواطن شعباً وأرضاً.. كانوا صادقين مع أنفسهم ومع شعبهم كل القيادات التاريخية منذ فجر التاريخ كانت لها المصداقية والوفاء بالعهود ونكران الذات ونحن الآن في مطلع عام2014م مرت علينا ذكرى الاستقلال المجيد تحمل كل هذا الإرث وتذكر الغافلين عن تاريخ السودان أن هذا الشعب لاينبغي له أن يظلم وأن لايضع له الف حساب لموروثه التاريخي المجيد ولمستقبله إن شاء الله إذا ماتوفرت الإرادة الحرة والمصداقية لقياداته لسياسية والاجتماعية والدينية. تم إستقلال السودان من القوى العظمى من بريطانيا ومصر بالنضال المدني والكفاح والعمل لا بالدماء ولا بالدبابات والبنادق.. لم يكن نضالاً سهلاً لأنه نضال بالرأي والفكر والحجة والمقارعة المسؤولة واستغلال كل الظروف التي كانت تحيط من حول السودان الحرب العالمية الثانية وغيرها من الثورات في الجوار الجغرافي للسودان وازدياد الوعي الوطني في كثير من بلاد آسيا وإفريقيا التي عانت شعوبها من الاستعمار البريطاني والممارسات القاسية والعنف فإذا خرج المستعمر البريطاني من السودان بهذه البساطة إن صح التعبير ولكن ترك لنا جرحاً نازفاً في جنوب السودان وقنبلة موقوتة يحركها كيف شاء.. وقدر الله وما شاء فعل انفصل الجنوب العزيز عن شماله نتيجة لاتفاق نيفاشا المعلوم لدى قليل من الناس أما الكثيرون مغيبون عن تفاصيل اتفاق نيفاشا والآن نحن على أعتاب رؤى جديدة لابد من قبولنا لبعضنا في كافة القوى السياسية والاجتماعية بكل المسؤولية الوطنية والمصداقية بعيدًا عن النفرة والاستخفاف والأنانية والحماقة التي لا تقود إلا إلى الفرقة والشتات بين مكونات المجتمع السوداني الأصيل الذي يحب هذه الأرض ويغني من أجل أن تكون قوية عملاقة مستقرة يجد فيها كل سوداني نفسه وخلقه وحياته، نحن نريد أن نقول وكما يقول المثل (إن إختلاف الرأي لايفسد للود قضية) فإذا كان هنالك اختلاف سياسي بين الفرقاء فليجمعنا حبنا لهذه الأرض والشعب ومع تطور الفكر السياسي والمجتمع العالمي ينبغي أن تكون هنالك المفاهيم الجديدة التي تجمع بين الشعب والشعوب لاسعاد المجتمعات في كافة دول العالم فإذا كانت الحروب العالمية جمعت شتات أوربا المتناحرة يوماً ما فالأولى بنا نحن هنا أن تجمع بيننا أواصر الوطن والدين والرحم لتعود السعادة لهذا الشعب بالرخاء والمودة والاستقرار السياسي والاقتصادي.