:: (المجلس القومي لتنسيق الخدمات الطبية)، أعلى سلطة صحية بالبلد، يرأسها رئيس الجمهورية - وينوب عنه النائب الأول - ومقررها وزير الصحة المركزية. يجتمع هذا المجلس دورياً ليناقش قضايا الصحة الكبرى ثم تخرج - من النقاش - توصيات يتم تحويلها إلى قرارات وتوجيهات صادرة عن (رئاسة الجمهورية)، لتلتزم بها كل السلطات ذات الصلة بأمر الصحة. أكرر، كل أجهزة الدولة - المركزية والولائية - ملزمة بتنفيذ قرارات وتوجيهات هذا المجلس القومي. وكالعادة، اجتمع بتاريخ (28 أغسطس 2013)، برئاسة رئيس الجمهورية، وناقش حزمة قضايا كبرى ومنها قضية شراء (أدوية مؤسسات الدولة)، ثم كانت التوصية والقرار بإلزام كل مؤسسات الدولة بنهج (الشراء الموَحد للأدوية).! :: (الشراء الموَحد للأدوية)، نهج اقتصادي وصحي معمول به في كل دول الدنيا والعالمين (ما عدا السودان طبعاً). بل، تجاوز نهج الشراء الموَحد للأدوية الدائرة القطرية إلى السعة الإقليمية منذ أن تواثقت دول مجلس التعاون الخليجي على العمل به، أي كل دول الخليج تحدد حاجتها الدوائية ثم تشتريها (كوتة واحدة). هنا بالسودان - حيث اللا مؤسسية وجزر الأجهزة المعزولة عن بعضها - كل وحدة حكومية تشتري أدويتها (كما تشاء). الجيش، الأمن، الشرطة، التأمين الصحي، الولايات، الإمدادات الطبية وغيرها، كل وحدة من هذه الوحدات - وبلا أي تنسيق مع وحدة أخرى - تطرح (عطاء الأدوية ثم تشتري)، وأحياناً تشتري بلا طرح عطاء (شغل غومتي)، وهذا لا يحدث إلا في السودان. من مزايا الشراء الموحد للأدوية ضمان الجودة والتحكم في الأسعار بتوحيدها. :: ولترسيخ هذا النهج العالمي في بلادنا، اجتمع المجلس القومي برئاسة رئيس الجمهورية وأصدر قراراً يحظر كل الوحدات الحكومية عن شراء الأدوية من أي مصدر داخلي أو خارجي غير (الهيئة العامة للإمدادات الطبية)، ثم ألزم هذه الأدوية بتوفير أدوية كل الوحدات الحكومية. قرار واضح، بالنص: (لا يسمح لأي جهة بالشراء من مصادر أخرى غير الهيئة العامة للإمدادات الطبية)، تم التوقيع عليه بحيث يكون سارياً في تاريخ (25 نوفمبر 2013). وللأسف، اليوم الإثنين 14 إبريل 2014، أي لم يكتمل عمر هذا القرار المهم عاماً، ولم يعد سارياً على كل الوحدات الحكومية. نعم، (قدوه) و(نفسوه) و(أجهضوه)، ثم ضربوا به عرض الحائط قبل أن يتذوق مرضى بلادنا مزايا تجربة الشراء الموحد للأدوية (ضمان الجودة وتوحيد الأسعار).! :: نقرأ ما يلي لنعرف المسؤول الأقوى من الدولة لحد إجهاض قرار كهذا. (يدعوكم مدير عام الصندوق القومي للتأمين الصحي عن مناقصة لتوريد حاجة الإدارات التنفيذية للتأمين بالولايات من الأدوية للربع الثاني من العام2014 ، ويمكن الحصول على الضوابط وجدول الكميات والمواصفات للأصناف المطلوبة من رئاسة الصندوق، وقفل صندوق المناقصة ظهر يوم الاثنين الموافق 14 ابريل 2014. د. مصطفى صالح، المدير العام)، هكذا نص الشراء المخالف - والمدمر - لقرار الشراء الموَحد للأدوية والذي لم يبلغ من العمر إلا (7 أشهر). وبالمناسبة، لم يطرح العطاء في الهواء الطلق لتتنافس عليه الشركات، بل خاطب به بعض الشركات، أي (شغل غومتي). وما كان عليه أن يطرح هذا الشراء في (الهواء الطلق)، ولا ينتهج (نهج الغومتي). بل، كان عليه طلب حاجته الدوائية من تلك النافذة الرسمية المتفق عليها (الإمدادات الطبية)، وكان عليه الالتزام بقرار توحيد الشراء والصادر عبر توصية أعلى سلطة صحية بالبلد (المجلس القومي)، لينعم المواطن بالجودة والأسعار الموحدة. ولكن، هكذا دائما سادة مرافقنا العامة، يتقنون المخالفات التي تصلي المواطن سعيراً، وبارعون في هدم المؤسسية أينما وُجدت، ولذلك يأبى بنيان الوطن أن يبلغ يوماً ..(تمامه).!