(نفسيات) الكبار في امتحان (طلبات) الصغار...!!! الخرطوم: سارة الصادق الساعة الخامسة تعلن مجيئها الكل بالمنزل حين قرع جرس الباب ادركوا أن القادم والدهم ، اسرع احد الاولاد ليفتح الباب له.. ألقى الوالد عليهم التحية كالعادة ولكن باقتضاب من تلك التحية ادرك الأبناء أن مزاج أبيهم (عكر) في هذا اليوم.. فهم يدركون جيدا ما تشير اليه إيماءات والدهم وحتى تقطيبه لجبينه ذاك ، فقط الابناء الكبار ادركوا تعكر مزاج ابيهم لسبب يعلمونه جيداً ، لكن الصغار منهم لا يعرفون ذلك، ليتقدم اصغرهم عمراً ويدخل على ابيه الذي لم ينته بعد من خلع ملابسه ويقول له في براءة لم تخلُ من شقاوة:( بابا انا عايز طيارة زي مازن ود جيرانا) فيرد عليه والده : حاضر لحدي بعدين... ويلح الصغير بشدة ويردد: (بس انا عايزة هسي!!).. ويكرر مرة أخرى على ابيه الذي لم يتمالك نفسه وانفجر في ابنه منتهراً إياه: ( يا ولد الطيارة دي إلا هسي ؟؟ ما قلنا ليك بعدين)... ، فيبكي الأبن منتحباً وفي هذه المرة ينتفض الوالد من سريره ويسرع نحو ابنه ويضربه قبل أن يصيح في وجهه بغضب: امشي جنب اخوانك هناك..في نهاية قاسية جداً لقصة كانت ذات يوم مدعاة للتأمل والحنية. ويتكرر هذا السيناريو يومياً في أغلب البيوت السودانية بين الآباء والأبناء حين يطلب الأبناء الصغار من آبائهم أشياء تعجبهم عند رفقائهم الصغار الآخرين أو مصادفتهم لها أثناء مرورهم في السوق، فمثلاً يطلبون هذه الأشياء وبإلحاح ونحن قد لا نلومهم لأنهم لا يعرفون معنى أن آباءهم ليس لديهم المالي الكافي لإيفاء متطلباتهم تلك، فوقتها حين يطلبون يحاول الآباء الشرح لهم ولكن الرغبة في اقتناء تلك الأشياء تسيطر عليهم ويتسمر عقلهم عن التفكير حينها والانصراف عن الشرح لاستيعاب وضع آباهم والتعلق بتلك الأشياء والإلحاح وبشدة في اقتنائها وقد يشعر الآباء حينها بالحرج والحسرة وقتها، لأن الآباء دوماً يسعون لإرضاء أبنائهم الصغار بالذات، ويدركون معنى فرحتهم بتلك الأشياء ولكن الظروف قد تكون بعكس ما يطلب الصغار. الكثير من الآباء والأمهات يشتكون من هذه المعضلة الصعبة في فهم الأبناء للظروف الاقتصادية التي يمر بها الآباء ، والأبناء يرونها معادلة يصعب عليهم فهمها رغم شرح الأمهات والآباء لهم ، وتكمن المشكلة في أن التوضيح من الآباء للأبناء كما اكدت الأمهات يكون في كثير من الأحيان بطريقة فظة لا يحتملها الصغار ويتمادون في عنادهم، إلا أن القليل من الأمهات والأباء يحاولون الشرح لأطفالهم برفق ورغم ذلك قد تخيب محاولاتهم تلك في التوضيح، وتضيف الأمهات أن الأطفال لا يقتنعون بسهولة مؤكدين بعبارة (إلا من هداه الله)!! عدد من الباحثين في علم النفس يرون اهمية فهم نفسية الطفل والتعامل معها وفق المطلوب وبالذات إسلوبي الثواب والعقاب ، وان الإفراط في التدليل من شأنه أن يزيد من العناد لديهم. ختاما أن للظروف الإقتصادية أثرها الواضح على الآباء فيما يتعلق بمتطلبات أطفالهم الصغار التي قد يبدون حيالها امام أبنائهم انهم بخلاء كما زعم صغارهم ولكن ليس باليد حيلة.