نهاد أحمد ما إن تبدأ القنوات الخارجية بالترويج لأعمالها الدرامية لشهر رمضان حتى يدرك المشاهد أن رمضان لم يتبقّ له سوى القليل، وسنوياً تعلن القنوات عن أعمالها التي ستعرض خلال الشهر وهي تكون قد صورت قبل عام كامل استعداداً لبثها، لكن الدراما السودانية تظل دائماً "محلك سر" على الرغم من انفتاح العالم وتطور الدراما العربية، فقد تعود المشاهد على فقدانها سنوياً خلال رمضان واعتاد التلفزيون على عدم إنتاج دراما كمسلسل يعرض طيلة أيام شهر رمضان واكتفى بالسلاسل الدرامية القصيرة أو الكوميديا غير الجادة فقط ولم يلقِ بالاً لتطوير الدراما فهل من المعقول بأنه ليس لديه مقدرة التمويل لإنتاج عمل درامي متكامل كل سنة. الدراميون أيضاً أصابهم سهم الإحباط من إهمال التلفزيون لإنتاج الدراما ووجود جهات أو شركات إنتاج، مما جعلهم يتجهون لتصوير الدراما عبر السلاسل القصيرة وغيرها وأصبحت المسلسلات السودانية خارج حساباتهم. والملاحظ أن شركات الإنتاج وكتاب الدراما في الخارج يستفيدون كثيراً من الأحداث التي تحدث في بلدهم، سواء أكانت اجتماعية أو سياسية وتجسيدها عبر أعمال درامية. ونرى أن معظم المسلسلات التي عرضت خلال شهر رمضان السابق خاصة المصرية تحدثت عن ثورات الربيع العربي أو التغييرات السياسية التي حدثت ووجدت نسبة مشاهده عالية جداً، لكن في السودان على الرغم من حدوث الكثير من الأحداث بشقيها الاجتماعي والسياسي لكن للأسف لم تجد من يجسدها عبر دراما تلفزيونية بسبب عدم وجود الجهات المنتجة. الكثير من القضايا الاجتماعية تحتاج إلى معالجات عبر الدراما حتى تتغير، ولا ينسى المشاهد الكثير من المسلسلات التي عرضت في السابق وكان لها وقع طيب على المشاهد وتركت بصمتها الدرامية وتناولت مواضيع وأحداثا حقيقية مثل "بيوت من نار" و"الشيمة" و"دكين" وغيرها. وقبل عدة سنوات كان لا يخلو شهر رمضان من مسلسل سوداني يجذب أعداداً كبيرة من المشاهدين حول شاشة التلفزيون، مما يجعل من الشهر مذاقاً خاصاً، لأن المسلسلات العربية تبث طوال الأشهر، لذلك لا تكون مصدر تشويق للمشاهد السوداني، أما إذا بث مسلسل سوداني فالبتأكيد لن يتوانى أحد عن متابعته بشغف، كل عام في شهر رمضان يمني المشاهد نفسه بمشاهدة دراما سودانية لكن للأسف يكتفي باختيار مسلسل عربي ويتابعه. فإلى متى ستظل الدراما محلك سر وتظل الجهات المسؤولة تتجاهل دعمها وتمويلها، وعلى الدراميين أن يقوموا بمحاولات جادة ويسعوا للتخلص من سهم الإحباط للنهوض بالدراما.