زيارة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لبلادنا الأسبوع الماضي أسفرت عن العديد من الاتفاقيات المهمة. من بينها اتفاق للربط الكهربائي بين البلدين. مدير الشركة السودانية لنقل الكهرباء صرح بأنه قد تم تحديد المسار لأبراج الربط الكهربائي ما بين مدينة كسلا السودانية ومدينة تسني الإريترية بطول 45 كيلو متراً وبقدرة 66 كيلو فولت. من جهة ثانية معلوم أن مشروع الربط الكهربائي بين السودان وأثيوبيا قد اكتمل في ديسمبر الماضي، وبموجبه يقوم السودان بشراء 100 ميقا واط من إثيوبيا بقيمة الكيلوواط خمسة سنتات علماً بأن الخط تبلغ سعته 300 ميقا واط وبطول 321 كيلو متر تمتد من القضارف السودانية إلى شهيدي وقندر الأثيوبيتين وقد بلغت تكلفته 35 مليون دولار. ومعلوم كذلك أن الدراسات قد اكتملت للربط الكهربائي ما بين السودان ومصر لتبادل حوالي 3000 ميقا واط من الكهرباء المنتجة في أثيوبيا والسودان. تقوم فكرة الربط الكهربائي على أساس اختلاف ساعات ذروة الاستهلاك بين الدول المختلفة، فحينما يكون الوقت ليلاً والجو بارداً في بعض الدول ويوجد احتياج كبير للطاقة الكهربائية للإضاءة والتدفئة يكون الوقت نهاراً والجو دافئاً وبالتالي يوجد فائض في الطاقة الكهربائية في دول أخرى وعلى هذا الأساس يتم تصدير أو استيراد الكهرباء حسب الاحتياج. في القارة الإفريقية هناك مخططات قديمة ومدروسة للربط الكهربائي ما بين دول المساقط المائية الكبرى في الكونغووأثيوبيا إلى دول شمال إفريقيا ومنها عبر مسارين شرقي وغربي إلى أوروبا. ويحتل السودان موقع القلب من هذه المخططات حيث فرضت الجغرافيا مرور خطوط الربط الكهربائي عبره. من الواضح أن المصالح الاقتصادية قد تجبر بعض الدول على تناسي الاختلاف السياسي من أجل المصلحة. فالكهرباء التي ستذهب إلى إريتريا من السودان قد يكون مصدرها في بعض ساعات اليوم من الكهرباء الأثيوبية وبينهما في الوقت الحالي خلاف سياسي كبير. وفي الجانب الآخر ورغم الاحتجاجات الداوية لمصر بشأن إنشاء سد النهضة نجد أنها مضطرة لاستيراد الكهرباء من أثيوبيا عبر السودان لتغطية عجز كبير في الطاقة الكهربائية فيها. فقد أعلن وزير الكهرباء والطاقة المصري في وقت سابق عن أن مصر تعاني من أزمة كهرباء في شهور الصيف بسبب ارتفاع الاستهلاك. وأضاف أن هناك دراسة لإقامة مشاريع ثلاثية تشمل أثيوبيا. وأوضح أن القدرة المركبة بشبكة كهرباء مصر ستصل إلى 34 ألف ميغاواط بحلول الصيف المقبل، مع إدخال محطات بنها وشمال الجيزة والعين السخنة والسادس من أكتوبر، وتوقع الوزير ألا يزيد الاستهلاك على 28 ألف ميغاواط. وكان وزير البترول المصري شريف إسماعيل قال قبل أيام إن بلاده ستزيد وارداتها من المواد النفطية بنحو مليار دولار في أشهر الصيف المقبل لتوفير الطاقة الضرورية لتشغيل محطات الكهرباء لتجنب مشكلة انقطاع التيار الكهربائي. وفي شهر ديسمبر الماضي حذر وزير الكهرباء والطاقة المصري مما أسماه شبح انهيار قطاع الكهرباء، لعدم القدرة على دفع ثمن وقود محطات توليد الكهرباء، مما يؤثر على جميع القطاعات الخدمية في مصر، وطالب الوزير في مؤتمر صحفي الدولة بسرعة البحث عن طريق لتوفير الاعتمادات المالية لاستيراد الغاز الطبيعي، واستكمال الربط الكهربائي مع أثيوبيا عبر السودان. وهكذا نرى أن الاقتصاد يلعب دوره في التقريب بين الدول. وعلينا أن نستفيد استراتيجياً واقتصادياً من موقعنا الجغرافي المتميز. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته