منظمات المجتمع المدني.. جانٍ أم ضحية؟؟ محلل سياسي : دخول السياسة في عمل المنظمات الطوعية أفرغها من محتواها ناشط في العمل الإنساني : المنظمات الدستورية تجد الإعلام الكافي بينما الأخرى تعاني الفاقة ناشطون : الصفوية و(التسييس) وضعف التمويل أكبر العقبات الخرطوم : بثينة دهب قبل اكثر من عام تلقى مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية قرارا من مسجل المنظمات العام بإلغاء تسجيل المركز وازالة اسمه من السجل العام للمنظمات التي يسمح لها بمزاولة العمل بالسودان ثم اغلقت السلطات مركز الدراسات السودانية وتم ايقاف عدد من منظمات المجتمع المدني ومنعها من مزاولة انشطتها آخرها كان منع عدد منها من الاحتفال باليوم العالمي للمرأة ، وصوِّبت لبعض المنظمات سهام من الانتقادات والاتهامات اقلها انها تتلقى تمويلها من جهات اجنبية، وكذلك تسعى لتنفيذ مخططات تعمل لحساب جهات اجنبية .. (السوداني ) تتبَّعت الموضوع بناء على فرض عدة اسئلة هى: ما هو مفهوم المجتمع المدني وبداية تكوين تلك المنظمات؟ وهل انشئت بعض المنظمات كذراع للاحزاب كما يشاع عنها ؟ و ما هي العقبات التي تواجه تلك المنظمات والعمل الطوعي بالسودان بصورة عامة؟ /////////////////////////// وعد والتزام إن جاز لنا أن نبدأ بسؤال هل هناك عقبات حقيقية تواجه العمل الطوعي في السودان؟ معظم من تحدثوا إلينا قالوا أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الإعلام يسلط الضوء على منظمات بعينها وعلى اساسها غالبا ما تأتي النظرة السالبة عن المنظمات بصورة عامة في البلاد وتلك بحسب آراء من تحدثوا الينا تعد من اكبر العقبات التي تواجه المنظمات بشكل عام. بتتبع موضوع المنظمات نجد أن الحكومة كانت قد وعدت في وقت سابق عبر وكيل وزارة العدل في ورشة عن التنسيق بين منظمات المجتمع المدنى ووزارة العدل برعاية من برنامج الاممالمتحدة الانمائي والذي عقد بدار اتحاد المصارف، وعدت بعدم عزل اي منظمة ومؤسسة للمجتمع المدني اذا التزمت ب "الاستقلالية" وناشدت الوزارة المنظمات الانخراط معها في تنفيذ توصيات مجلس حقوق الانسان الصادرة في يناير من العام الماضي بجنيف، واضافت الوزارة أن الحكومة غير قادرة على تنفيذ توصيات الاممالمتحدة لوحدها، مؤكدة فيه التزام السودان بكافة الاتفاقيات الدولية الموقعة وكذلك بالتوصيات الصادرة من المجلس الدوري لحقوق الانسان . ورقة ضغط: ويقول الناشط في مجال العمل الانساني عبر الحدود الدكتور اسامة توفيق ل(السوداني ): إن المجتمعات الغربية استمدت نظرية العمل الطوعي من الاسلام واذا رجعنا قليلا الى التاريخ نجد أن العمل الطوعي روح متأصلة في الهوية السودانية فقد عرف المجتمع السوداني منذ قديم الزمان بالعمل الطوعي ابتداء من المسيد والخلاوي فالعالم الحر استمد هذه النظرية وبدأت تنشط بها منظمات المجتمع المدني بمساندة من الدولة واصبحت صاحبة القرار وتشكل اوراق ضغط في اي مفاوضات اتاحت العمل للمنظمات المجتمع المدني ، واضاف توفيق أن ماحدث لدينا هو ردة خطيرة كنا نسمع عن الوقف بأن شخصا ما وهب شيئا كوقف الآن اصبحت منظمات تنشأ لاغراض مثل هذه كمنظمات المساعدة للمحتاجين والارقام تحملها الشؤون الانسانية وهي ما يعرف ب(منظمات الشنطة ) وهذه اضعفت الثقة لدى الخيرين للعمل الطوعي ثم تبعتها منظمات غربية يتنافى وضعها من حيث المبدأ مع العمل الطوعي والتكافلي واصبحت المنظمات الدستورية تجد الاعلام الكافي والتمويل بينما المنظمات العاملة الاخرى تعاني من الفاقة ومثال لتلك المجموعات كثيرة مثل صدقات ، شارع الحوادث ، لمة خير فهى تمثل مجموعات لشباب اجتمعوا على مواقع التواصل الاجتماعي ويجب أن ترعاهم الدولة بدلا من تعطيلهم بحجة التسجيل والمراجعة وغيرها فهؤلاء لديهم وجود فاعل ومؤثر واذا استمر الحال مع المجموعات النشطة اشبه بالمطاردة فهذا يعني أن واقع العمل الطوعي في السودان سيكون مظلما ويجب أن تتعامل الدولة مع المنظمات الاجنبية بحسم بأن لا تسمح لها بالتعامل مع المستفيد مباشرة يجب أن يكون العمل بتوأمة مع منظمة سودانية وذلك بتقسيم المنظمات السودانية إلى مجموعات (أ، ب) وهكذا حسب الامكانيات والتدابير لذا نجد وزارة الشؤون الانسانية قبل حلها الى مفوضية من اضعف الوزارات وهمها اعادة التسجيل . إفراغ وإبعاد "التسليط الاعلامي على المنظمة وكذلك دعمها الحكومي مرتبط في ظل الانظمة الشمولية عموما بقرب المنظمة من الحزب الحاكم".. بهذه العبارة بدأ المحلل السياسي دكتور صلاح الدين الدومة حديثه، مضيفاً أن المنظمات الطوعية بالشكل التقليدي ظهرت مع الاحزاب الراديكالية لكن قبل ظهور الاحزاب قد تكون بصفة خاصة اذا اعتبرنا أن الخلاوي نشاط الصوفية منظمات طوعية. وختم الدومة أن السياسة اذا دخلت في اي شي افسدته فدخول السياسة في عمل المنظمات الطوعية افرغها من محتواها وابعدها عن الهدف الاساسي. تسليط ضوء ويرى الناشط في مجال حقوق الانسان دكتور سامي عبد الحليم أن الاعلام يسلط على المنظمات حسب اهتمامها فالاعلام يولي اهتماما للمنظمات المتعلقة بحقوق الانسان وسيادة حكم القانون اكثر من الامور ذات الطابع السياسي كالتنمية الريفية واوضاع الطفل والحكم الراشد وغيرها سلط عليها الضوء ،اما عن أن المنظمات تعتبر ذراعا لبعض الاحزاب فيقول سامي إن المنظمات مفتوحة على الشعب ونشاط احد الاحزاب تجاهها ليس معناه تبعية المنظمة للحزب و أن تلك المنظمات تستمد شرعيتها وفقا للقوانين السائدة في المفوضية ويكون تمويلها من جهات لها خطوط مفتوحة مع الحكومة كمنظمات الاممالمتحدة والمنظمات المسجلة بالسودان . صفوية وتسييس وأكد ناشطون في مجال العمل الطوعي تحدثوا ل(السوداني) أن عجز جهود الدولة وحدها عن تنمية المجتمع فتح الباب امام المنظمات الناشطة في العمل الطوعي لكنهم يرون أن هناك عقبات كثيرة تحد من عمل منظمات المجتمع المدني منها ضعف التمويل و الصفوية وكذلك (التسييس) اضافة الى المضايقات التي تتعرض لها المنظمات اثناء تأدية عملها والتي تحد من فرص مشاركتها في العمل العام وكذلك تشديد الرقابة على تمويلها واجراءات تسجيلها التي وصفوها بالسلحفائية . اعتذار ناعم : حملت اوراقي وتوجهت صوب مفوضية العون الانساني حاملة خطابا ممهورا بختم الصحيفة طالبة اجراء مقابلة مع ادارة المنظمات وبعد انتظار دام قرابة ثلاثة ايام ردت علي السكرتارية بان المدير رفض الحديث في الموضوع ، كما حاولنا الاتصال اكثر من مرة بمسؤول المنظمات بالمؤتمر الوطني لكن لم نتمكن من الوصول اليه . فلاش باك مصطلح مجتمع مدني يعني كل انواع الانشطة الطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح واهداف مشتركة وتشمل تلك الانشطة دعم التعليم او التأثير على السياسات العامة وتضم مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية وغير الربحية ومنظمات المجتمع المدني هي جمعيات ينشئها افراد من اجل قضية مشتركة وتشمل المنظمات غير الحكومية والنقابات العمالية والخيرية ومؤسسات العمل الخيري. وقد بدأت منظمات المجتمع في اواخر عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي عندما تكونت الجمعيات الادبية واشهرها جمعيتا (ابروف و الفجر ) بامدرمان وانبثق عن تلك الجمعيات مؤتمر الخريجين وفي بداية الاربعينيات من القرن العشرين حدث نمو كبير حيث تكونت النقابات العمالية واتحاد المرأة والاتحادات الطلابية ففي العام (1941) قام اتحاد طلاب كلية غردون وشهد العام (1946) قيام لجان العمال وتكوين رابطة شؤون العمال بمدينة عطبرة والتي رفضتها هيئة السكة حديد مما ادى الى دخول العمال في اضراب وقتها استمر لعشرة ايام اما في العام (1947) فقامت لجنة ممثلي المزارعين وفي نفس العام اصدرت الحكومة القوانين المنظمة للعمل النقابي فزادت النقابات من خمس نقابات في (1949) الى (123) في العام (1954) وفي العام (1956) وصلت الى (135 ) نقابة ، وفي ذات العام (1947) تكون اتحاد العمال الذي تغير اسمه في العام (1950 ) الى اتحاد نقابات عمال السودان ، وفي بداية الخمسينات تكونت حركة المرأة السودانية والتى ضمت عددا من خريجات مدرسة البنات وبعض الخريجات القدامى وكون بعدها الاتحاد النسائي السوداني .