* في لقاء جمعنا والسيد والي ولاية الخرطوم الدكتور/ عبدالرحمن الخضر، هالنا ذلك الجهد الخارق الذي تضطلع به الولاية من أجل تحقيق الإنجاز، وبناء المشروعات، وترقية الخدمات، من خلال خطة شاملة لترقية الحياة والسلوك. * وبالفعل ما قاله السيد الوالي يشد الانتباه، ويدعو إلى مساندته، والوقوف إلى جانبه لنصل جميعاً إلى الأهداف المبتغاة. * ولكن بقراءة سريعة للماضي، وخاصة السنوات التسعين من القرن المنصرم، فإننا نقف على أحوالٍ لم تكن حسنة بشأن الخدمات، وسبل العيش، على أية حال، ومهما كانت المقاييس، غير أن المواطنين في ذلك الزمن المليء بالضنك والرهق، لم يخذلوا الحكومة، قانعين يومذاك بأوقيات السكر التموينية، وقطع الخبز المحددة، وحصة البنزين المتواضعة، وبرمجة الكهرباء الدائمة، بل تعدى المواطنون ذلك إلى بذل المهج والأرواح، وتقديم فلذات الأكباد للجهاد والاستشهاد. * ولم تغب حتى هذا اليوم، تلك الصور المشرقة للدعم الشعبي بتوفير دعم وغذاء المجاهدين في كل الشوارع المحيطة بالأحياء، بنصب صيوانات يعمل بهمة ونشاط تحت ظلها الرجال والنساء والشباب لإعداد الزاد، وتوفير العتاد، والتبرع بما في الجيب وأن بعض النساء خلعن ما في أياديهن من أساور ذهبية، وما علق في آذانهن من أقراط، دعماً للجهاد وحضاً على الصمود في سبيل الحفاظ على المبادئ والكرامة والأعراض. * وحيث أننا نرغب في عودة تلك الهمة بالرغم من تبدل الحال ووصول البلاد إلى عتبة متقدمة على طريق النهوض الاقتصادي، والوفرة في السلع، فإن الدعوة للسيد الوالي وللحكومة الاتحادية، أن يستصحبوا معهم الشعب بمثل الذى كان، وأن يكرس العمل على الإنجاز، وتنفيذ المشروعات، ولكن ليس بمعزلٍ عن رسالة التعبئة العامة، واستنفار الجهود والمواصلة في بعث قيم الإيمان بالمبادئ، التي حققت لنا في وقت مضى ما قد لا نستطيع إحصاءه من انجازات في عالم المادة والروح على حد سواء. * والإنقاذ التي خاضت برجالها المعارك، وجابهت مختلف أنواع التحديات، لا أجد لها أدنى مبرر لتوفير طاقة عظيمة كانت سبباً في تأييد الشعب لها، وأن الوقت الراهن، والخطر الماثل والتحدي الشرس، كلها أسباب تدعو إلى مراجعة ما جعل بعض الناشطين يتراخون من حيث الحماس، والذين كانوا في المقدمة، يتقهقرون جلوساً على الرصيف، والبعض الآخر يقف متفرجاً، وهو الذى كان في يومٍ من الأيام حريصاً على أن يكون في وسط المعمعة، وهاتفاً إما إلى النصر فوق الأنام، وإما إلى الله في الخالدين. * ولكي تتناسب همة الإنجاز العالية مع حركة الجماهير وقوة إيمانها، فالأمر يستدعى إعادة التنظيم وملء الفجوة، وهي فجوة الهمة، وعلو مستوى الإيمان، بإشاعة روح التعبئة، والمشاركة، والاستنفار. * فالانجازات المادية لا تشفع للأنظمة إذا تجردت من المبادئ، وجفت فيها مشاعر المواطن من فيض المبادئ والإيمان.