تطور جديد ربما تشهده العلاقة بين حركة العدل والمساواة وحكومة دولة جنوب السودان سيما عقب تصاعد قضية معتقلي الحركة من قبل قوات الجيش الشعبي، مما دفع بنائب رئيس الحركة د. جبريل إبراهيم لزيارة للجنوب بخطاب للرئيس سلفاكير نادى خلاله بضرورة إطلاق سراح أسرى القوات من السجون الجنوبية، وفي ظل ما يتردد من زيارة مرتقبة لجبريل إلى جوبا لإجراء مشاورات بهذا الخصوص تباينت وجهات نظر المراقبين حول نجاح مهمته وما يتردد عن مسعى الجنوب لتوظيف تلك الخطوة لتقوية التحالفات المسلحة في وجه الخرطوم. الأمر الثاني المهم هو مراجعة قائمة المنشقين عن قائد الحركة السابق خليل إبراهيم في الفترة الماضية والمتواجدين بدولة الجنوب والذين كان ينتظر أن تنفذ فيهم أوامر الإعدام إلا أن العناية الإلهية وحدها ربما هي التي أنقذتهم من موعد مضروب مع رصاصات (جنوبية حية) حيث لم تكتمل تلك الخطوة بعد أن تعثر وصول قائدهم للجنوب لمهر إعدامهم، ثم للتوقيع على ميثاق الجبهة الثورية حيث لقي حتفه في شمال كردفان ليأتي نداء مستعجل من نائب رئيس الحركة جبريل إبراهيم يطالب خلاله رئيس دولة الجنوب بإيقاف تصفية المنتمين لحركة العدل والمساواة وإطلاق سراح كافة معتقليها من السجون الجنوبية خاصة.. في وقت حثت مجموعة من الناشطين الحقوقيين تحدثت ل(السوداني) أمس من جوبا – حثت مؤسسات الأممالمتحدة مطالبة حكومة الجنوب بالسماح للجان تحقيق مستقلة حول ما أسموه المجموعة بموجة من القمع المنظم وحملات الاعتقالات الواسعة التي يتعرض لها أبناء دارفور والمنتمين للحركات بغرض ماوصفوته المجموعة بالتجنيد القسري وإدخالهم لمعسكرات الجبهة الثورية بالجنوب. ارتباط مصيري وبعيداً عن حديث الناشطين عن معاناة أبناء الإقليم والنظر للقضية الماثلة حول المعتقلين من قوات حركة العدل والمساواة فإن الناظر لتلك المجموعات المسلحة يجدها تتوزع بين ثلاث فرق رئيسية أولها من تواجدوا بالجنوب مبكراً وانضموا لتحالف (ياي) وهم مؤمنون ببرنامج السودان الجديد، ويعتبر كل من أحمد حسين آدم ومحجوب حسين من المؤيدين لفكرة السودان الجديد وتحالف (ياي) وقد اشتركت قوات تتبع لحركة العدل مع عبدالعزيز الحلو في معارك بجنوب كردفان. أما المجموعة الثاني فتضم قيادات بارزة في حركة العدل والمساواة التي أعلنت عن تكوين كيان جديد تحت مُسمى (قوى التغيير الديمقراطي) بقيادة محمد بحر ونحو (38) من القادة الميدانيين وأبرز كوادرها بالجنوب علي وافي وأرقو تقد ضحية وهما من أبرز القيادات الميدانية التي ماتزال معتقلة في سجون الجنوب علاوة على الذين تم التحفظ عليهم بتوجيهات من قيادات العدل في أعقاب اتجاههم لفصل خليل إبراهيم وتغيير مسار الحركة نحو الدوحة، وهي ذات المجموعة التي كان لها تأثير كبير على القوات المتواجدة في المعسكرات الجنوبية الأمر الذي دفع بقائد الحركة –حينها- خليل إبراهيم بمطالبة حكومة الجنوب بعدم السماح لهم بمغادرة الأراضي الجنوبية والتوجه للسودان معتبراً أن المجموعات المسلحة المشار إليها سوف تنضم للمنشقين عنه في الدوحة بل وقد طالب خليل بتصفيتهم كشرط مهم للحوار مع الحركة الشعبية الشمالية لإتمام تحالفاتها العسكرية ضد الخرطوم ويفسر الخبير الاستراتيجي د. محمد الأمين العباس تلك الخطوة بقوله إن القوانين الديمقراطية عادة لاتسير كقواعد داخل الحركات المسلحة معتبراً أن الحركة تعتمد على شخصية رئيسية حولها مجموعة وهي تضيف أبعاداً خطيرة جداً تجعل منها المسؤول الأول والأخير. أما المجموعة الثالثة فهي التي دخلت للجنوب في أعقاب مقتل خليل وكانت جماعات من حركة العدل والمساواة قد عبرت حدود جنوب 1956 بعد أن تجمعت في عدة معسكرات بتوجيه من الرئيس السابق للحركة د. خليل إبراهيم وكانت العاصمة الجنوبيةجوبا قد شهدت تقاطعات كثيرة بين فريق قائد الحركة خليل إبراهيم ومجموعة بحر التي طالبت بالتفاوض والوصول لاتفاق سلام وهو ماقد يفسر تخوف حكومة الجنوب من تلك المجموعة وربما تقترن تلك المعطيات لتفسر ذلك الموقف الجنوبي من خلال حملة الاعتقالات الواسعة التي نظمتها بحق المؤيدين لمفاوضات الدوحة. امتحان النوايا وقد تكون تلك الاعتقالات بطلب من رئيس الحركة السابق د. خليل في سياق المقاربة بينه والحركات المسلحة التي كانت حكومة الجنوب حريصة على توافقها على رؤية جديدة للعمل المسلح ضد الخرطوم لتكسب بذلك التصرف كرتاً جديداً للضغط على الخرطوم في إطار توازن القوى بغرض توجيه ضربات موجعة للخرطوم في خطوات تتحسب لها الأخيرة وهو مايؤكده حديث العباس الذي قال إن تلك الاعتقالات تتم برغبة حكومة الجنوب التي تريد تحقيق أهدافها في الشمال من خلال الزج بهم في تحالفات وحركات قال إنها أسماء ليست لديها استراتيجيات واضحة سواء كانت المجموعة الثورية أو الحركة الشعبية .ولكن للخبير في الشأن الدارفوري د. عبدالله آدم خاطر رأي يخالف رؤية العباس حيث يرى خاطر أن دولة الجنوب دائماً لديها استعداد لتسوية مسألة دارفور برغم قوله عن ما أسماه بالشكوك العريضة وعدم الثقة بين الشمال والجنوب معتبراً أن الجنوب يجب أن يكون حريصاً على استقراره وتنميته وإقامة علاقاته الخارجية. لكن العباس يمضي في تشخيص الحالة التي تشهدها حركة العدل والمساواة ويرى الخبير أن الحركة الآن تعاني من عدم استقرار هائل وفراغ في التحالفات والمال والعلاقات الدولية ودول الجوار معتبراً أن جملة من التحديات التي ستواجه الوجه الجديد بعد أن ظلت القيادة الأولى هي القيادة الأخيرة ويصف العباس العامل الرئيسي الذي يقف خلف المنشقين عن خليل وسجناء الحركة بجوبا بأنه نتيجة للتضاربات العرقية بالحركة مشيراً إلى أنها تضاربات ستظل في حالة دوران مستمر- حسب وصفه- وبدا العباس غير متفائل بأن تحقق مخاطبات نائب رئيس الحركة جبريل إبراهيم أو زيارته المرتقبة لجوبا بشأن إطلاق سراح أسرى الحركة نتائجها وقال إنها ستواجه صعوبة معتبراً أن التصفيات عندما تصدر يصعب استبدالها وعندما تبدأ يصعب إيقافها فيما قال عبدالله آدم خاطر إن حركة العدل والمساواة هي حركة مفتوحة انشقت لعدة أجنحة ومازالت تنشق وتساءل (بعد كل ماتتعرض له الحركة) هل ستكون جزءاً من العملية السلمية أم لا ؟ مجيباً على تساؤله بالقول إن الحركة ليس لديها مخرج الآن إلا أن تكون جزءاً من عملية السلام معتبراً أن دخول الحركة في تحالفات ثورية جديدة ليس مفيداً.