التداول السلمي للسلطة.. مسألة لم تحسم بعد تقرير: أحمد عبد المنعم في معرض حديث القيادي بالمؤتمر الوطني د. أمين حسن عمر حول المشاركة السياسية نبه إلى أن الأحزاب السياسية السودانية يئست من أن تسيطر على السلطة لذا تريد أن تشارك في السلطة، في وقت كانت فيه نسبة المؤتمر الوطني (أكبر من جضومه) لذا بدل من تقسيمها صدقة قسمت للمشاركة معه في السلطة. تقدم بطيئ أجمع المتحدثون في الندوة السياسية التي أقامها المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم بقاعة الصداقة بعنوان (56 عاما من الحكم الوطني – قضايا عالقة) على التقدم البطيئ في التداول السلمي للسلطة والعجز الكامل عن إيجاد آلية فعالة للدمج القومي في السودان منذ الاستقلال مما مثل أكبر قضية عالقة تحتاج لدراسة حل عاجل. قال وزير الدولة برئاسة الجمهورية د. أمين حسن عمر القيادي بالمؤتمر الوطني إن الحديث عن الشمولية في السودان كثير جدا، إلا أنه نبه إلى أن السودان ليس به شمولية كاملة، وقال مؤكدا حديثه: "السودان غير مؤهل لا اجتماعيا ولا لوجستيا ولاثقافيا للشمولية الكاملة". وأضاف أن السلطوية تمثلت فى السيدين (علي وعبد الرحمن) ولم يأت مثلها حتى الآن في السودان، فقد كان كل السودانين ينتظرون ما يقولان وما يقرران وهما واضعان يديهما على خديهما، ومضى عمر في حديثه وهو يغمز الأحزاب الطائفية أن من ورثوهم حتى (أول أمس) لم يتخلوا من السلطوية والشمولية. وأضاف عمر لا بد لأي أمة تريد أن تنمو من رؤية واضحة للتنمية التي تحتاج لدراسة عميقة متبوعة بعدالة وتسوية، وقال:"إذا نظرنا إلى النظريات العالمية مثل الاشتراكية التي تتبنى القسمة، والرأسمالية التي تتبنى التكاثر قد وصلا مرحلة مضحكة وهذه الأمور والنظريات ليست بالقطعيات والآن حصل تقارب ودمج بين الاثنين". ومضى أمين يشرح توجهاتهم للدمج الاجتماعي قائلا:" نحن الآن نريد أن ندمج المجتمع في قوم واحد وقوم في هذه اللغة تعني الذين يقومون ويجلسون معا (يقوموا بي غرض مش ساكت)، وأن يكونوا طائفة أي يطوفون في مكان واحد ذي وجه، ويكون أمة التي أتت من يمموا وجوههم أي توجهوا وجهة واحدة متفق عليها في حركة متجانسة ومنسقة لنقطع شوطا بعيدا في الفهم السياسي، وأشار عمر إلى أن السودان تقدم يوتيرة بطيئة مقارنة بإمكاناتنا وطموحاتنا. وختم أمين حسن عمر حديثه بأن التداول السلمي للسلطة ليس هدفا في حد ذاته إذا كان لا يحل لنا المشكلة وما علينا أن ننتهجه هو المشاركة والتشارك السلمي في السلطه حتى تنعم كل المكونات بمن يمثلها، وقال موجها حديثه لمن يتهمهم بالانقلابات "من كان منكم بلا خطيئة فليرمنا بحجر"، لافتا إلى أن كل القوى السياسية شاركت في تدبير الانقلابات بما في ذلك الاتحاديين عبر انقلاب شنان. 3*3 من جهته قال القيادي بالاتحادي المسجل د. مضوي الترابي في مداخلته: مضى حتى الآن على الاستقلال 56 عاما والحصيله ثلاثة نظم سلطوية وثلاث فترات انتقالية وثلاثة نظم ديموقراطية نيابية لم نجن منها غير الضياع، والترابط الذي كنا نتوخاه لم نتحصل عليه بعد، وأضاف الترابي:" هناك دول نالت استقلالها بعدنا واستقرت ونحن حتى الآن لم نحقق ذلك". وتساءل الترابي حول أسباب المشكلة، وقال: هل العيب في ما اخترنا من نظم أم الشعب أم النخب التي تحاول أن تعيد صياغة الشعب من أعلى على حسب هواها؟ فتارة إسلامي وتارة يساري أو مدني. وأضاف مضوي الترابي أن المؤسسة القومية الوحيدة التي تبقت لنا هي المؤسسة العسكرية التي ما زالت متمسكة بهويتها وقوميتها وما زالت صمام الأمان للوطن مع بعض التطور الاجتماعي والسياسي الذي تطور من العشيرة إلى القبيلة ومن ثم إلى الطائفة ومنه إلى الحزب حتى يصل إلى كيانات مجتمع مدني، وزاد الترابي: "لكن يكون الانتكاس إذا ارتد الشخص بتداعي الأمور إلى قواعده الأولى وعندها لا يجد حميمية يلجأ إليها إلا القبيلة التي ينتمي إليها فتحتويه". وزاد مضوي أن النظم السلطوية هي من تتسبب في تأجيل التحديث بما فيها التحديث داخل الحركة الإسلامية أو الحزب الحاكم الآن، مما يجعل المجتمع ينكمش حول نفسه وتتشرنق السلطوية وتتمدد، ونبه الترابي إلى أنه ورغم أن النظم السلطوية تنجز من البنية التحتية ما تنجز مثل الطرق والكباري وغيره إلا أنها تفرز دمارا اجتماعيا يؤثر على الاستقرار، معتبرا أن هذه الظاهرة لازمت دول العالم الثالث وأنتجت في السودان العديد من النزاعات التي سميت بحروب أهلية، وأشار الترابي إلى أن هذه النزاعات في حقيقة الأمر ثورات وليست حربا أهليه نتجت من تهميش المركز، وقال: "جربنا مع الإنقاذ كيف يمكن أن نتوافق في إجماع وطني لمسيرة البلد بدون أن يكون للنخب السياسية دور الأستاذية الذي تلعبه في الغالب الأعم"، ونوه الترابي إلى أن ما يحتاج إليه السودان الآن وهو في الطريق لدستور انتقالي هو كيفية المحافظة على البلد بدستور وطني لبناء السودان الجديد على أساس التنوع الذي يمكن أن يكون الأساس بموجب أنه ليس لأحد حق دون الآخر ولا غلبة لقبيلة أو اثنية على الأخرى. واختتم مضوي الترابي حديثه بأن الدولة قوامها قانون الحق والواجب وتبنى على الأساس المتين لبناء السودان الجديد والقديم بكل تنوعه ونفى كل ضروب الإرهاب الفكري وإشاعة الديموقراطية في مؤسسات المجتمع المدني والتراضي، وزاد أن التراضي هو القانون المقدس الذي يحفظ تماسك التراب القومي، كما يجب في ذات الوقت التخفيف من الايدلوجية وعدم الوقوع في إسار مسلمات النظريات الانغلاقية. تدامج قومي ابتدر رئيس مركز أبحاث السلم د. محمد محجوب هارون حديثه قائلا: هذا الموضوع عريض جدا فمنذ عام 1956 لم نستطع أن نحرز تقدما في مجالات عديدة، مما أوجد أكثر من قضية عالقة. وأشار هارون إلى أن واحدا من هذه القضايا العالقة هو موضوع الديموقراطية، وقال:"إن كل الحكومات والأنظمة التي تعاقبت على السودان منذ الاستقلال منها ما تحدث عن الديموقراطية، وأخرى عن التنمية قضية وطنية، وثالثة عن التحديث". ويشدد هارون على أن هذه القضايا متداخلة ولا يمكن فصلها. وأضاف هارون أن التحديث لا يعني بالضرورة إحداث حقبة تاريخية جديدة بل يعني تطوير ونقل الحال إلى مآل أكثر تطورا، وينبه هارون إلى أن الشيء الذي جربته كل الحكومات ولم تحقق فيه تقدما ملحوظا هو قضية الدمج القومي، وقال: "أنت لا يمكن أن تأخذ الناس قسرا لتصنع عجينة واحدة لتشكلها بالشكل المطلوب، ولكن لتشكيل وتحقيق تدامج قومي لا بد من وجود بنية تحتية للتدامج ولا بد من عدالة وتداول سلمي للسلطة ورخاء عام لتعميق وتطوير عملية التدامج القومي". وزاد هارون في حديثه ومضى إلى أن الناس الآن صاروا أكثر تواصلا فيما بينهم من الماضي بفضل التطور في وسائل الاتصالات ولكن رغم هذا ثمة بعض النكسات مثلما يحدث بفعل التقسيم القبلي والنعرات الاثنية التي باتت تعبر دائما عن مصالح معينة وتستخدم مركبة للوصول إلى السلطة والمصلحة. وهو ما يفرز قاعدة الوطنية ونبذ الأنا والتعصب للقبيلة أو الجماعة، ويؤكد هارون على ضرورة إيجاد صيرورة تستطيع أن تحقق برنامجا وطنيا قوميا حتى لا يتعرض السودان لنكسة كما حدث في انفصال الجنوب الذي يعد واحدا من أكبر الصدمات التي مرت على البلاد. وأضاف هارون أن المشاركة السياسية تعتمد على حركة المسارات وتطوير الفهم السياسي بين الناس وتحديث الآليات السياسية ورفع فعالية الجهاز العدلي لإدارة الشأن العام. وإذا استطعنا تحقيق هذا فسوف نحرز تقدما في إطار المشاركة السياسية التي أحرزت فيها الآن بعض النقاط الإيجابية، وزاد: "أمامنا طريق طويل حتى نستطيع الوصول والقول إن هناك درجة مشاركة فعلية في السلطة وتوافق سياسي مرضٍ". وأكد هارون على أن السودان لم يجب بعد الأسئلة الملحة عن الاستقالة.