منذ أسبوع واحد فقط، بدأت ولاية الخرطوم تحريك آلياتها، للبدء في فتح مصارف مياه الأمطار، والاستعداد لفصل الخريف الذي بدأ فعليا. كالعادة فصل الخريف في العاصمة لا يتعدى ثلاثة أشهر، ولا تزيد في الغالب مرات هطول الأمطار عن خمسة، ليكون متبقي الفصل غبار وأتربة وهو تغير مناخي طبيعي كما قال الخبراء. إذا نقصنا مدة فصل الخريف يتبقى من العام تسعة أشهر، أي ثلاثة أرباع السنة، وهي كافية لعمل مشروع التصريف بشكل احترافي يقي العاصمة المياه الراكدة وإغلاق الطرق والميادين الذي يعانيه مواطن الولاية كل عام. لكن من يسمع ويعي، ففصل الخريف يفاجئ الحكومة كل عام ويأتيها في وقت لا تتوقعه، كما قالها والي الولاية عبد الرحمن الخضر قبل عامين "الخريف فاجأنا" أصبحت قضية تصريف مياه الأمطار هم يحمله كل مواطني الولاية، في حين أنهم يدفعون كل الرسوم المتعلقة بالخدمات للمحليات، سواء كانت رسوم منازل "عتب" أو تصاديق متاجر وأسواق، فأين تذهب الأموال الطائلة؟ وهل من العدل أن يدفع المواطن رسوم الخدمات دون أن يتلقى مقابلها أي شيء؟ السيد والي الخرطوم وحكومته، إن ما تقومون به من فعل لا يرضي الله، تأخذون أموال الناس دون أن تقدموا الخدمات التي تأخذون مقابلها الرسوم والجبايات الطائلة. وبعدها يخرج علينا وزير الصحة، ليتحدث عن الملاريا غير القاتلة والأمراض الناتجة عن المياه الراكدة! تصدير مياه قرأت خبرا مثيرا للدهشة قبل يومين في إحدى الصحف، صادر من مسؤول في هيئة مياه ولاية الخرطوم، قال فيه إن الهيئة تخطط لعمليات تصدير مياه نقية من النيل إلى دول الخليج العربي، وفي الوقت نفسه يخرج مواطنو عدد من أحياء ولاية الخرطوم في احتجاجات غاضبة نسبة لعدم توفر المياه بالأحياء، وفي الوقت ذاته يشتري مواطنو عدد من أحياء في أطراف العاصمة "جركانة موية" بمبلغ ثلاثة جنيهات. طموحات هيئة مياه ولاية الخرطوم تقرأ في سياق "ضل الدليب برمي بعيد" إذ لا يعقل أن تفكر الحكومة في تصدير مياه الشعب السوداني مقابل حفنة دولارات، وصاحب الحق صائم. إن كانت الهيئة فعلا تعمل جادة في هذا المشروع، قبل أن تحل مشكلة مواطن الولاية، فذلك هرج يجب أن يوقف اليوم قبل الغد.