معتصم جعفر يعقد جلسة مع المدرب وقادة المنتخب ويشدد على ضرورة تحقيق الانتصار    رونالدو بنشوة الانتصار: المشوار لا يزال طويلًا.. ولا أحد يحسم الدوري في منتصف الموسم    البرهان يطلق تصريحات جديدة مدويّة بشأن الحرب    انطلاقًا من الأراضي الإثيوبية..الجيش السوداني يتحسّب لهجوم    الصادق الرزيقي يكتب: البرهان وحديث انقرة    الأهلي مروي يستعين بجبل البركل وعقد الفرقة يكتمل اليوم    عبدالصمد : الفريق جاهز ونراهن على جماهيرنا    المريخ بورتسودان يكسب النيل سنجة ويرتقي للوصافة.. والقوز أبوحمد والمريخ أم روابة "حبايب"    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    شاهد بالفيديو.. مطرب سوداني يرد على سخرية الجمهور بعد أن شبهه بقائد الدعم السريع: (بالنسبة للناس البتقول بشبه حميدتي.. ركزوا مع الفلجة قبل أعمل تقويم)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    شاهد بالفيديو.. (ما تمشي.. يشيلوا المدرسين كلهم ويخلوك انت بس) طلاب بمدرسة إبتدائية بالسودان يرفضون مغادرة معلمهم بعد أن قامت الوزارة بنقله ويتمسكون به في مشهد مؤثر    "صومالاند حضرموت الساحلية" ليست صدفة!    الخرطوم وأنقرة .. من ذاكرة التاريخ إلى الأمن والتنمية    مدرب المنتخب السوداني : مباراة غينيا ستكون صعبة    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شاهد بالفيديو.. مشجعة المنتخب السوداني الحسناء التي اشتهرت بالبكاء في المدرجات تعود لأرض الوطن وتوثق لجمال الطبيعة بسنكات    تحولا لحالة يرثى لها.. شاهد أحدث صور لملاعب القمة السودانية الهلال والمريخ "الجوهرة" و "القلعة الحمراء"    القوات المسلحة: هجوم الطينة بطائرة مسيّرة عملٌ عدائي لمليشيا آل دقلو ويهدد أمن الإقليم    رقم تاريخي وآخر سلبي لياسين بونو في مباراة المغرب ومالي    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    بدء أعمال ورشة مساحة الإعلام في ظل الحكومة المدنية    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آمنة غرة .. امرأة من الزمن الجميل !!
نشر في السوداني يوم 18 - 06 - 2014

بين جنائن متشابكة الأشجار وفي مساحة خالية لا تتراوح بضعة أمتار كان بيتها المتواضع البسيط المكون من غرفة من " الطيّن " وراكوبة صغيرة تظلل أمامها ، وزريبة صغيرة من الأغنام تلاصق جانب الغرفة من اليمين ، عاشت " آمنة غرة " في بلدتنا الوادعة التي ترقد في حضن النيل وتتنوع طبيعتها ما بين خضرة ومياه ورمال ونخيل ، إمرأة من " الزمن الجميل " كبيرة في السن إلا أن جسمها النحيل وخفة نشاطها ومواصلتها للجار والبعيد أشاع فيها روحا شبابيّة تراها في محياها ، عرفناها منذ نعومة أظافرنا " وحيدة " لا زوج ولا أبناء ولا أشقاء ، عاشت كذلك ورحلت كذلك إلى رحمة الله ، كانت " أغنامها " تؤانسها في وحشتها تسميها بأسماء (حياة وعلاج) وتحكي عنها كأنهما طفلتان زهرتان خرجتا من أحشائها ، فتتحدث بحزن وأسى عن مرضهما كما تحكي بسعادة وغبطة عن صحتهما .
فإذا أقبل الليل حملت غره " صرتها " التي بها فرشها وعشاءها بالكسرة مع الحليب ، وجاءت إلى (حيّنا) للمبيت ، فطوال حياتها ما كانت تبات لوحدها في كوخها المنزوي عن " الحيّ " بمقرُب غابة من أشجار النخيل ، عاشت " غره " حياة سعيدة هانئة رغم بساطتها وتواضعها لكن " القناعة " والرضى بما قسم الله كانا يملآن قلبها الحنيّن ، فأعطتنا دروساً ونحن صغار في قيم ومعانٍ ساميّة تحسها وتراها أمام ناظريك ، فكانت مدرسة تتجسد فيها كثير من " الخصال " التي نفتقدها في واقعنا الآن ، لم تشكُ " غره " يوماً ولم تتضجر من سوء الحال وقساوة الحياة وحرمانها من الولد ورغد العيش و المال ، كل ما تعيش عليه هو " حليب " تدره لها أغنامها وشجيرات من النخيل تحيط بمسكنها تحصد ثمارها وتقتات بعائدها طوال العام .
لازلت أذكر وأنا طفل يافع أشتم رائحة " قُفة الخضار " التي تأتي بها من السوق معطونة برائحة النعناع مع الجوافة والليمون ، فتدس يدها داخل " قفتها " فتخرج محملة بالهدايا لنا ولكل الصغار ، كانت تعد جميع صغار الحي هم " أطفالها " تخاف عليهم من زمهرير الشتاء وهجير الصيف ، ما إن تراك خارج البيت إلا وتمسك بيدك بعطف خائفة عليك من تقلبات الطقس ، كانت للحياة روعتها وبساطتها وألقها نستمد من الطبيعة حولنا صفاء الذهن وهدوء الفكر وجمال الروح والتصالح مع النفس ، قبل أن " نسجن " وسط غابات من الأسمنت ، هذا هو مجتمع القرية البسيط الأنيق في كل تفاصيله فمن خرير المياه تستمد الصفاء وبسحر الطبيعة تهدأ النفس ومن إلفة من حولك يستريح القلب فلا يحمل غِلاً ولا حسداً ولا بُغضاً تصالح تام وانسجام مع كل من هو حوليك ، بعكس صخب المدن وضجيجها الذي يجعلك في خصام دائم مع ما هو حولك من سوء حال وتباعد الناس .
" آمنة غرة " كانت مدرسة وطبيعة على الفطرة السليمة ونموذجاً لسمو الروح والخُلق والجمال ، فكانت تحمل قلب طفلة " بريئة وديعة " في جسد إمرأة ومن اسمها لها نصيب ، ترى في محياها صفاء القلب وقناعة النفس والرضى بالحال ، لم تمش في دنيا الكآبة ، و التعاسة ، والعذاب فترى على أضوائها ما في الحقيقة من كِذاب ، ريّانة من ريّق الأنداء في الفجر الوديع ، زهرة تهتزّ في قلب الربيع .
هذه هي " غرة " عرفناها امرأة بشوشة طيبة القلب ، مبتسمة في وجه الحياة العبوس ، كانت من الزمن الجميل زمن الطفولةِ , و السذاجة و الطهور أيام كنا لُبَّ هذا الكون, والباقي قشورْ و حينها نحيا كما تحيا البلابلُ والجداول والزهور لا نحفل الدنيا تدور بأهلها أو لا تدور ، واليوم نحيا مُرهقي الأعصاب مشبوبي الشعور نحفل بالعظيم وبالحقير ونمشي على قلب الحياة ويزحف الكون الكبير .
إلى لقاء ...
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.