أحكام كارثية، ومخيفة تلك من أوصاف العالم الحر، للأحكام التي أصدرها القضاء المصري، ضد صحفيي الجزيرة، يوم أمس. هذه الأحكام الفظيعة، تقول للسجان: أول ما تسمع كلمة صحفي، افتح الزنزانة. تنفتح الزنزانة، لكن الحقيقة، لا تسجن، ولا تغتال. مشكلة الأنظمة التي في خريطتها الوراثية الشمولية، إنها لا تتعلم أبداً.. لو كانت لكانت قد تعلمت، أن إظلام المسرح، هو في الأصل، نهاية للعرض.. ولو كانت تتعلم، لكانت قد تعلمت أن شهداء الضمير، لا ترهبهم الزنازين، ولا يرهبهم التعذيب، ولا الرصاص. قافلة من الشهداء، من وراء قافلة.. لا الحبر جف، ولا الصفحات خرجت في اليوم التالي، بيضاء، من رعب، ولا الشاشات أظلمت، ولا المايكريفونات احتبس فيها صوت يعلو، بكلام الضمير! لو نظرت الانظمة التي تخاف الحقيقة، إلى قائمة شهداء الضمير، في كل عام، لكانت قد أدركت، أن للحقيقة ثمن، وأن جنودها لا يترددون، حتى في بذل الدم.. ولكانت قد(قطعت) لهؤلاء الجنود الأشاوس، غير المنسيين، التعظيم سلام.. ولكانت قد شيدت لهم نصباً تذكارياً، في رمزية الجندي المجهول، تكلله في كل عام بباقات من ورود! اعطني، صحافة حرة أعطيك نظاماً سياسياً حراً.. أعطيك فرداً حراً، ومجتمعاً يتعافى-يوماً من بعد يوم- بالحرية.. تلك مقولة حق، تنذهل منها أنظمة الأسوار العالية والإظلام.. الأنظمة التي تريد استعباد كل الذين ولدتهم أمهاتهم أحراراً، ولما تدرك حتى في هذه الألفية الثالثة، أنه لا سوق للنخاسة في هذه الألفية، ولا إظلام في زمن شمس كبسة الزر التي سطعت، ونورت بأشعتها، كل الطرق والأزقة الخلفية، وممرات الكذب والأختلاق والالتفاف والتزوير! يدخل صحفيو الجزيرة، غياهب السجون، أو لا يدخلون بحكم قضائي استئنافي، هو أيضاً، حكم سياسي في المقام الأول.. ليست تلك هي هي القضية، بعد الفضيحة المدوية.. القضية، هى أن النظام في مصر، سجل سابقة عالمية، في كيفية محاولة ترويع أصحاب الضمائر التي لا لا تشترى ولا تباع، ولا تعرف الخوف، وتستهين بكل زنزانة، وسجان ما أن يذكر أمامه كلمة صحفي، يسرع يتحسس مفاتيح السجن! نظام مصر دخل موسوعة غينيس للأحكام الكارثية، بحق شهداء الضمير!