عبد الماجد عبد الحميد * بادلت كتائب القسام الرئيس السوداني عمر البشير وفاءً بوفاء.. وحبا بحب، وهي ترفع صورته بجوار أعلامها الشامخة وترسلها لكل الدنيا لتقول لهذا الزعيم العربي: شكرا عميقا لك وأنت تناصرنا وتؤازرنا بكلمات أقوى على عدونا من رصاص صدئ في مخازن السلاح العربي ودوله التي اكتفت بالتنديد الخجول والتأكيد الشديد على المساهمة في إعادة إعمار غزة بعد تدميرها وتسويتها بالتراب بواسطة قاذفات الموت والدمار الإسرائيلية!! * لن تستطيع أجهزة إعلامنا الرسمية إعادة بث الصورة لأنها ستتقاطع مع موقف غير معلن يدعو لعدم تصعيد الموقف السوداني الشعبي ضد العدوان الإسرائيلي على غزة.. شواهد كثيرة تدلل على ما أقول.. وتكفينا شهادة الدكتور الفاتح عز الدين رئيس الهيئة التشريعية القومية الذي كان صريحا وجريئا وهو يطالب بتوضيح أسباب تخلف الإعلام الرسمي السوداني في مواجهة ما يجري في غزة الصامدة.. * موقف الرئيس االبشير مقرونا بموقف الرئيس التركي المرتقب رجب طيب أردوغان يمثلان علامة مضيئة في سجل مواقف الزعماء العرب الذين تخلفوا كثيرا عن نبض شعوبهم وأممهم التي تجاوزتهم بسنوات ضوئية وقدمت ما تستطيع من دعم حالت دونه متاريس الحدود والخوف الوهم من عدو لا يستطيع قتال ومواجهة العزل من أطفال وشباب فلسطين إلا من خلف جدر.. * هزني لحد البكاء والنحيب مشهد طفل فلسطيني لم تترك شظايا الإف 16 اللعينة في جسده موضعا إلا نهشته بسمومها القاتلة.. شاهدته يتحدث بأسي وهو يتحسس ما تبقى من رجله المبتورة ويتساءل: (لأي زعيم عربي سأبعث برسالتي وألمي؟.. لأي أمير ورئيس عربي أنقل حالي ومأساة كل أطفال ونساء غزة؟!.. ماذا ننتظر منكم بعد كل الذي ترونه وتشاهدونه وتسمعونه؟!).. * نترك لك الإجابة أيها القارئ العزيز.. ومثل هذا الطفل الفلسطيني الشجاع نتساءل: لأي زعيم عربي سنرسل الشكوى ونبث الأنين؟! * في هذه الأيام فقط أدركت لماذا قال الرئيس السوداني البشير أيام ثورة الإنقاذ الأولى إنه معجب جدا بالزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر.. بعيدا عن نقاط الخلاف التاريخي مع عبد الناصر الرئيس المصري.. فإنه وقريبا من عبد الناصر الزعيم العربي فقد كانت مواقفه كما يقول الأستاذ عبد الباري عطوان: تدشينا لعهد عربي جديد من التحدي والمقاومة للعدو الإسرائيلي.. شجاعة عبد الناصر ومواقفه كانتا سببا لظهور عدد من الأساطير حوله.. يكفيه أنه عندما تلقي هزيمة حرب الأيام الستة مع إسرائيل قدم استقالته إلى الناس على الهواء معلنا رغبته في العودة إلى الجماهير مؤديا واجبه وسطهم مثله مثل أي مواطن آخر.. يومها تسابقت الجماهير العربية ليس في مصر وحدها ولكن في كل دول العالم العربي احتجاجا على قرار عبد الناصر بالاستقالة.. * بعد ثلاثة أيام من وفاته عام 1970.. خرج موكب بشري قوامه خمسة ملايين شخص بمسافة طولها ستة أميال لوداع الزعيم عبد الناصر حيث اختطف الناس التابوت من الجنود في جنازة ستبقى الأكبر والأكثر تأثيرا وحضورا لزعيم عربي في التاريخ المعاصر!! * لماذا كل هذا الحب لعبد الناصر؟!.. لأنه ببساطة كان قريبا من موضع الجرح والألم العربي فلسطين.. قضيته المركزية التي لم يتخلف عنها حتى مات. * أي زعيم عربي ستحتفي به الأجيال الحاضرة حيا وميتا كما احتفت تلك الأجيال بالزعيم الخالد عبد الناصر؟! * اليوم ستخرج الخرطوم لمناصرة غزة فرحا بجولة الانتصار الأولى.. مسيرة علها تمسح دمعة وطن خذله أهله حتى بالكلمات!! *