* تلقيت ظهر أمس مكالمة ودودة من الأخ الوزير د. الفاتح مالك وزير الصحة بولاية الجزيرة أوضح خلالها وجهة نظره حول ما أوردته في هذه الزاوية بتاريخ 29 أغسطس 2014 عن حال مستشفى الولادة بمدني.. فوجئت حقا بالاعتراف الصادق من الأخ الوزير بتردي الأوضاع داخل عنابر الولادة بمدني.. وهذه طريقة في العمل العام لا تتوفر إلا لقلة من وزرائنا منهم الدكتور الفاتح مالك أحد كنوز بلادنا الثمينة في مجال الصحة فهو رجل تسبق أعماله أقواله والذين يعرفون الجهود الجبارة التي قدمها الرجل يعرفون حقيقة ما أقول.. كل هذا لم يمنع الوزير من تسجيل اعتراف بأن ما شاهدناه في عنبر الولادة بمدني لا يسر ولا يرضي أحدا.. وقال إنه يشكرنا على تسليط الضوء على النقاط المعتمة ومواقع الخلل لتسريع الحلول وتجاوز نقاط الضعف. * لم يذهب وزير الصحة بولاية الجزيرة للتهديد والوعيد كما يفعل كثيرون غيره.. قال بكل شجاعة إن ما أوردناه أمر واقع.. يعرفه الوالي ووزير الصحة وكل الجهات المسؤولة بولاية الجزيرة.. لكنهم بالمقابل يطالبون وقفة قومية معهم للخروج من عنق الزجاجة.. موضحا أن تكدس المرضى والزائرين بمستشفى الولادة مدني مرده لجملة أسباب منها مثالا لا حصرا أن عددا كبيرا من النساء والمرضى يفدون لمدني من الولايات القريبة وخاصة ولاية سنار وولاية القضارف، مشيرا الى تركيزهم على تحليل معلومات المرضى والسعي لوضع رؤية علمية بالتعاون مع السلطات الصحية بالولايتين للمعالجة والنظر في الأسباب التي تضطر المواطنين للوصول لمدني بغرض العلاج وهي مشكلة متداخلة تتطلب جهدا مشتركا لتجاوزها. * علمت أن وزارة الصحة بولاية الجزيرة بذلت جهدا مقدرا لتوفير الخدمات الضرورية للمستشفيات والمراكز الصحية بالمحليات والمناطق الطرفية بالولاية ومن ذلك إرسال أطباء اختصاصيين وتحسين بيئة العمل طمعا في استقرارهم.. لكن التجربة كما قال الوزير تحتاج لمراجعة ودراسة أسباب انتقال المواطنين الى قلب الولاية طلبا للعلاج.. * ما تواجهه ولاية الجزيرة من صعوبات صحية هو عين ما تعيشه ولايات أخرى.. وما لم يقله لنا د.الفاتح مالك إن ولايته تعاني معضلات أخرى أخطرها وأعظمها أثرا تفشي مرض السرطان بطريقة دفعت د. الفاتح عزالدين رئيس المجلس الوطني للتوجيه ببحث الأسباب التي وضعت الجزيرة في قائمة الولايات التي ينتشر فيها مرض السرطان مع تمدد ملحوظ لمرض الفشل الكلوي والزيادة المضطردة في المصابين به إضافة لمرض البلهارسيا الذي سكن الجزيرة وتوطن فيها منذ مدة طويلة.. هذه المخاطر تتطلب تضافر الجهود المركزية والولاية لمحاصرة الأمراض في الجزيرة وبذل الجهود للسيطرة عليها وهي مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة. * أشكر كثيرا للأخ الدكتور الفاتح مالك مهاتفته وسعة صدره لتقبل النقد.. كما أشكر له عميقا التوضيح الذي آمل أن يصل للجهات ذات الصلة.. ومع كل هذا أقول لوزير الصحة بولاية الجزيرة وهو سيد العارفين إن هنالك قضايا إدارية لا تتحمل التأخير ولا تتطلب جهدا مركزيا لمعالجتها ومنها مشكلة ضبط حركة الدخول والخروج لمستشفى الولادة بمدني ووضع الضوابط الصارمة التي تقلل من تكدس و((تبطل)) المرافقين الأمر الذي يؤثر على كل جهد لتوظيف الوقت والموارد لصالح النساء اللائي يواجهن ظروفا قاسية ومحزنة بسبب التكدس داخل وخارج العنابر.. لماذا لا تدرس وزارة الصحة بولاية الجزيرة التجربة الإدارية المتميزة لمستشفى الدايات بأم درمان والذي يقدم تجربة نموذجية في الضبط والتنظيم علما بأنه يستقبل حالات ولادة من كل ولايات السودان؟! * شكرا للدكتور الفاتح مالك.. وتحية الصحة والعافية لأهلنا بولاية الجزيرة.