"قوش" يدلي بدلوه.. وعلاقة الجنوب بإسرائيل تثير جدلاً الخرطوموجوبا.. البحث عن خارطة طريق تقرير: محمد المختار "لم أرفع يدى ولكن يمكن أن أتكلم.. لم أكن أنتوى التحدث ولكن لا مانع إذا طلب رئيس الجلسة ذلك" هكذا بدأ مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق الفريق اول صلاح قوش حديثه ‘ عندما أشار إليه رئيس الجلسة فى اللقاء التفاكري مع مساعد رئيس الجمهورية العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي الذي أتى لمنصبه تسبقه مهمته فى تجسير العلاقات بين الخرطوموجوبا ليتحدث فى ذات الصدد حول العلاقات بين الشمال والجنوب والذى حضره لفيف من السياسيين والأكاديميين والإعلاميين، آمس بمركز دراسات المستقبل. دوامة الأزمة بدأ مساعد رئيس الجمهورية العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي حديثه مؤكداً على أهمية الحوار بين السودان ودولة جنوب السودان باعتباره المخرج من دوامة الأزمة الحالية، وقال: لا شك أن الحوار يعتبر مبدأ حسناً فى كل شيء وهو يثري العقول بالخروج بالجديد"، وأضاف: "هناك عوامل وصال وفعال كثيرة كثيرة بين دولتي السودان بحيث يمكن جعل هذه العلاقة داخلية"، وعن جذور الأزمة وخلفياتها التاريخية قال المهدي إن البريطانيين عندما احتلوا السودان كان تقديرهم أن هناك فوارق هائلة بين الجنوب والشمال، والخطة الامبريالية أن يكون السودان مستقلا وأن يلحق بدول شرق افريقيا، الأمر الذى أدى الى سياسات المناطق المقفولة، وعزى فشل تجربة الوحدة لعدة أسباب ذكر منها أسباب تتعلق بالحركة الوطنية السودانية، بالإضافة الى النفط. وأشار الى دراسة أجراها أحد الباحثين الغربيين العام الماضي تؤكد أن عدد ضحايا الحرب نتيجة للحروبات بين الجنوبيين أكبر من ضحايا الحرب بين الجنوب والشمال. الأخ الكبير ويقول المهدي إن كثيرا من مثقفي الجنوب يرون أن إدارتهم الحالية غير مؤهلة، ومهما كان المال وفيرا والمعونات كبيرة يجد الجنوب نفسه فى النهاية يعيد مسألة تجربة الحكم الذاتي، ويرى المهدي دولة الجنوب بعد انفصالها من السودان تحتاج فى بناء كيانها لأخ أكبر يساعدها فى كافة مراحل بناء الوطن، وأضاف: "فشلنا فى قيام الوحدة لذلك نفكر فى قيام علاقة خاصة"، ويمضي المهدي فى حديثه قائلا: "بعد الانفصال هناك عوامل أساسية ترشح للاختلاف، منها خلافات الحدود، مسألة أبييي، المشورة الشعبية والخلاف حولها، بالإضافة الى قضية البترول"، محذرا من خطر إعادة الماضي بأسوأ الاحتمالات الأمر الذى قد يؤدي الى اشتعال حرب أوسع وأكبر فى المنطقة كلها، وهو ما يجب تجنبه مع المجتمع الدولي الذى يفرض به وصايا علينا. خطة بديلة ويرى المهدي ضرورة وجود خطة بديلة للخروج من نفق الأزمة المستفحلة، وقال لابد من وضع خطة بديلة نكسب بها الوجدان الجنوبي، وأضاف أن أي مشكلة تحدث بين الشمال والجنوب يلجأ الجنوبيون الى الاستعانة بالخارج للوقوف معهم ضد الشمال، وزاد: "الانفصال خلق أرضاً خصبة لأعدائنا خاصة إسرائيل لأن تدخل، مشيرا الى وجود اختلاف بين الغرب وإسرائيل فيما يتعلق بانفصال الجنوب، وقال إن قوة اللوبي الإسرائيلي داخل أمريكا كان لها التأثير الأقوى، ويضيف المهدي: :علينا أن نقبل التحدي بوضع خطة استراتيجية نستهدف بها العقول والقلوب وذلك بتشخيص جميع جوانب القضية، مناديا بتكامل جيو سياسي بين دولتي السودان، وقال إن السوق الطبيعي للمنتجات الاستوائية فى شمال السودان، بالإضافة الى ظروف البترول، وأموال الاستثمار فى الجنوب أغلبها أموال عربية وإسلامية وليست إسرائيلية. خيارات وحول علاقة إسرائيل بدولة جنوب السودان، يرى المهدي أن إسرائيل تريد تجنيد الجنوب لدعم موقفها بعد الربيع العربي، وبعد أن خسرت تركيا وكثير من حلفائها فى المنطقة، ويؤكد المهدي أنه لا مصلحة لدولة جنوب السودان فى إقامة علاقة مع إسرائيل، وقال يجب أن نضع استراتيجية نجذب بها الجنوب عبر مصالحها لنهزم بها إسرائيل، وخلص الى خيارين يتمثلان فى التسليم لإسرائيل لتجعل الجنوب مخلب قط لتنفيذ مطالبها، بسياساتنا الطاردة، أو بالتصدي لإسرائيل بجعل الجنوب حليفاً استراتيجياً بسياساتنا الجاذبة. الحوار المباشر ويرى الباحث فى مجال الفيدرالية عمر عوض الله على، أن الرؤية الكلية لمعالجة القضايا مفقودة، وقال إن العالم الخارجي مغيب وأن الإعلام الخارجي لا يفهم لماذا انفصل السودان، فيما يؤكد أستاذ القانون بجامعة الخرطوم محمد احمد سالم على أن حل الأزمة يحتاج الى الطرفين، وأن المصالح الاقتصادية هى الأساس فى حل الأزمة، وقال إن الأزمة ستستمر مالم تحل القضايا العالقة بين البلدين بالإضافة الى مشكلة دعم الجنوب للحركات المسلحة، وأضاف أن المؤتمر الوطني عندما دخل نيفاشا منفردا كان ظهره مكشوفا، ونادى بضرورة تهيئة الشأن الداخلي باحترام التعدد والتنوع من خلال الدستور القادم، مفضلا أن يكون الحوار مع الجنوبيين مباشرا. فيما يرى السفير السابق اللواء أمن معاش عثمان السيد بضرورة وجود طرف ثالث وقال لا مجال للسودان والجنوب غير اللجوء الى إثيوبيا باعتبارها أكثر الدول المعنية، لأن أمن السودان من أمنهم والعكس صحيح. تصميم خطة فيما يرى مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق الفريق أول صلاح قوش، أن علاقة السودان مع دولة الجنوب تدخل فيها مؤثرات كثيرة، لذلك يجب ألا يخاطب الجنوب ككتلة واحدة، وقال هناك فرق بين شعب جنوب السودان والحركة الشعبية، وأضاف قوش أن الحركة الشعبية نفسها كتل مختلفة، أبرزها كتلة الوحدويين الذين كانوا مقربين من جون قرنق ولديهم علاقات بالخارج وهم كانوا الأكثر أثرا في أن يفضي الاستفتاء الى الانفصال، وهناك مجموعة أبناء بحر الغزال وهى كتلة مؤثرة فى الحركة والجيش يجمعهم دعم سلفاكير وحكومته، ويتميزون بعدم العداء مع الشمال حيث كان جزء منهم مع المؤتمر الوطني، وقال: "هذه المجموعة لا تعنيهم علاقة الجنوب مع الشمال بقدر ما يعنيهم استمرار حكومة سلفاكير، بالإضافة الى المجموعة الانفصالية التى تنادي بدولة مستقلة للجنوب وهم القوميون الجنوبيون، ويرى قوش بضرورة تصميم الخطة الاستراتيجية قصيرة المدى على هذا الأساس، وقال يجب أن نبني علاقتنا الاستراتيجية مع الجنوب على أساس شعبين سيعيشان متجاورين الى الأبد، فضلا عن مراجعة بعض السياسات التى تؤثر فى علاقة الشعبين منها التجارة بين البلدين. القضايا العالقة ويقول قوش إن القضايا العالقة هى قضايا تكتيكية وليست استراتيجية، وأضاف: "يمكن أن نقرأ تكتيكات الحركة لمعالجة هذه القضايا على النحو التالي.."، مشيرا الى أن بعضهم يريد أن يحقق أكبر إنجاز من ذلك للمتاجرة به فى قواعدهم، وأن يكون العداء مع الشمال واحدا من أرصدتهم السياسية ويستعينون فى ذلك بالمجتمع الدولي للضغط على السودان، وقال إن سلاحهم الرئيس هو توظيف الآخرين لمحاربتنا، وفى ذات السياق يمضي قوش فى حديثه قائلا: "علاقتنا بالجنوب ليست بالجنوب فقط، بل أصبحت مدخلا للعلاقة مع المجتمع الدولي، الامريكان والاوربيين، لذلك الخطاب للمجتمع الدولي أيضا مهم"، وقال إن مجموعة أولاد قرنق تحاول ربط فشل الجنوب بأفعال من الشمال. ويرى قوش بضرورة أن تكون هناك نقطة مركزية لمعالجة العلاقة بين البلدين برؤية موحدة، بالإضافة الى تسويق رؤى السودان عند الآخرين بالعمل الدبلوماسي، على أن تعالج القضايا العالقة علاجا كليا، فضلا عن التعامل المباشر بين جوباوالخرطوم دون دخول أي وسيط، فيما يرى المهدي بإمكانية الاتفاق بين البلدين على مبادئ مشتركة فى الدستور منها حقوق الإنسان، وإدخال مبدأ تحريم الحرب فى دستور البلدين.