بقلم/ عبد الرحيم المبارك علي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته الدستور وسيادة حكم القانون اسمحوا لنا أن نهبط من سحابات وأبراج الحديث عن السياسة لكي ننشغل بهم وضع الدستور الثابت.. فالأمانة مع النفس تقضي بأن نقول إن الدستور لا بد أن يكون محل نقاش طويل من الشعب.. وإن شئنا أن نتصارح فقد نقول إن عملية التعبئة المنشودة في المجتمع لوضع الدستور الثابت ليست محل عناية كافية ممن يعنيهم الأمر. وفيما هو ظاهر، فإن وضع الدستور ضمن أولويات وشواغل القيادة السياسية، لكنه لم ينزل إلى القاعدة بعد، ولم يدخل الشعب طرفا فيه، وإنما وقفوا متفرجين أو هاتفين ومشجعين لخطوات التعديل ومساعيه. لقد كان المأمول، بل المفروض، أن تتنادى الأحزاب السياسية لتشكيل لجنة من أهل الاختصاص لقياس ورصد توجهات الرأي العام وموقفه إزاء الدستور الثابت، وما أكثر الوسائط الإلكترونية لقياس هذا الرأي باستطلاع يغطي محاور كثيرة، يفترض أنها تخدم الدستور وبنيانه على الأقل. وذلك حاصل في كل بلد يكون لرأي الشعب فيه اعتبار، حيث يصعد القرار من القاعدة إلى القمة ولا يهبط من أعلى. إن الرأي من أسفل يرسم الطريق السويَّ المستقيم ويضيء البقاع المظلمة ويهدي النظام بدلاً من الانكباب على الوجه، ويقول القرآن الكريم في سورة الملك (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) آية (22)سورة الملك. ضع مسألة الدستور الثابت في هذا الإطار، وضم إليها الصورة المرسومة للتعديلات الدستورية الأخيرة والمودع على طاولة المجلس الوطني، واستخلص منها ما شئت من نتائج، وفي كل الحالات، وأيا كان مذهبك فإنك واصل حتما إلى أن الشعب السوداني حينما قال نعم للتعديلات الدستورية كان في وجدانه وعقله وعد بدستور ثابت وقادم يستمد أصوله من تراب هذا الشعب ومن دينه.. دستور يقنن وسائل ضمان الحقوق والتي هي غاية الغايات، ويحكم العلاقة بين أفراد الشعب وبين الشعب والدولة، ويجعل السيادة للقانون، وسيادة القانون لا تعني في جوهرها إلا احترام الإنسان وتوقيره، واحترام الدولة بما تصنعه من نصوص. وإذا كان التزام الأفراد بالنصوص، فإن التزام الدولة لا بد أن يكون بنصوص القوانين وروحها، وتحت ظل سيادة القانون تصبح الدولة دولة مؤسسات لا أفراد، ويصبح الحكم حكم قانون لا نزوات.. ما نريد أن نقوله في النهاية، إننا نتشوق إلى واقع ومستقبل أفضل؛ فالسودان لا تنقصه الكفاءات ولا الخبرات، ولكن المشكلة تكمن في توظيف تلك الكفاءات في الاتجاه الصحيح، ألسنا في الوقت الراهن أشد ما نكون في حاجة إلى حشد أهل الاختصاص والمسؤولين والخبرة؟ من بعد ذلك لن نجد صعوبة في وضع الدستور الثابت، فالعبرة لا تكون بكتابة النصوص فقط، وإنما بتجاوبها مع الواقع وإمكانية تطبيقها بين الناس والله أعلم!