"يجوا عايدين بالمدرع والمكسيم" الجيش السوداني.. قصص حروب خارج الحدود! تقرير: عمر رملي عندما كانت المدافع طويلة المدى تطلق نيرانها بكثافة على قوات الردع العربية التي دخلت لبنان بعد أن سقطت في براثن الحرب الأهلية. وكانت بعض الفصائل اللبنانية تخترق كافة الاتصالات بين القوات، وهذا أدى لكشف العديد من الاتصالات بين القوات، حتى ظهرت فكرة للضابط السوداني مصطفى الزين صغيرون، حيث جمع عدداً من الجنود والضباط السودانيين المشاركين ضمن القوات السودانية، وكانوا يتحدثون اللغة النوبية، وجعلهم يجرون الاتصالات بين القوات بواسطة هذه اللغة لترتبك القوات المعادية، ولم تستطع فك شفرة هذه اللغة حتى انتهاء الحرب. ما سبق لمحة عن المشاركة الخارجية للقوات المسلحة السودانية في العديد من العمليات القتالية الخارجية. واليوم بعد إطلاق عاصفة الحزم من قِبَلِ السعودية بمشاركة عشر دول كان السودان في مقدمتها وإعلان الخرطوم عن مشاركة طائرات مقاتلة و6 آلاف جندي للعمليات البرية في اليمن لاستعادة الشرعية؛ نعيد فتح ملف مشاركة الجيش السوداني في العمليات الخارجية، وهو تاريخ طويل منذ الحرب العالمية الثانية. نعم تاريخ عريض للمشاركات للقوات السودانية، فهو الذي يُعرف بأنه أرجل الرجال الشجعان والأقوياء، فقديماً شاركت وحدات سودانية ضمن الجيش المصري في حروب محمد علي باشا خديوي مصر، في سنتي 1854 م، و1856 م، في القرم إلى جانب تركيا، ثم في المكسيك سنة 1862 م، عندما طلبت كل من فرنسا وإنجلترا وإسبانيا من خديوي مصر إرسال فرقة من السودانيين لحماية رعاياها ضد العصابات المكسيكية. وفي الحرب العالمية الأولى أرسلت بريطانيا فرقتين من الجنود السودانيين إلى جيبوتي بناءً على طلب من فرنسا لتحل محل الجنود السنغاليين هناك، واشتركت في العمليات الحربية في الحرب العالمية الثانية حيث قاتلت ضد الإيطاليين في أريتريا وإثيوبيا، وأوقفت تقدمهم في جبهتي كسلا والقلابات، وفي معركة شهيرة بكرن في أريتريا. \\\\\\\\ حرب أكتوبر.. قصة مشاركة لواء النصر السوداني أبرز المشاركات الخارجية للقوات المسلحة السودانية كان في حرب أكتوبر 1973 في مصر، حيث تجمعت الجيوش العربية ضد إسرائيل وبدأت هجوماً من عدة محاور لاستعادة سيناء ومنطقة الجولان بسوريا. الفريق (م) عبد الباقي كرار يحكي ل(السوداني) عن مشاركة لواء النصر السوداني في هذه الحرب، حيث كانوا وقتها ضباطاً في تلك القوات، ويقول: "إن المشاركة كانت بلواء من الجيش، وتحركنا في 6 أكتوبر ضمن كتيبة المدفعية"، مشيراً إلى أنه في وقت وصول الجنود تعرض موقعهم لغارة إسرائيلية، ولكن لم تحدث خسائر. وأضاف كرار أن مهمة القوات السودانية كانت إسناد القوات المصرية التي كانت في الجبهة على خط بارليف، مشيراً إلى أن اللواء كان يفترض أن يتحرك لسد ثغرة الدفر سوار التي كان بها لواء من الجيش الجزائري، ولكن استطاعت قوات الجيش الإسرائيلي بقيادة شارون من التسلل إليها، وتمَّت خسائر كبيرة في اللواء الجزائري، وأضاف أن اللواء السودان كان يفترض أن يكون في هذه الثغرة المهمة، ولكن تأخر المعدات والآليات التي كانت قادمة عبر السكة الحديد من حلفا، لم يجعلها تتقدم، وأن القوات السودانية واصلت ارتكازها بالقرب من القاهرة كقوات احتياط. وحول مشاركة الجيش السوداني في حرب اليمن، يقول: "الجيش السوداني اعتاد على الحروب في المناطق السهلية المكشوفة، واليمن لديها تضاريس جبلية معقدة، لذلك تحتاج القوات المشاركة لتدريب على الحروب الجبلية والعمليات الخاصة، بجانب معرفة المنطقة، لأنهم يقاتلون قوات الحوثيين، وهم يعرفون منطقتهم جيداً". \\\\\\\\\ عملية الكويت.. قصة اللواء الزيبق من المشاركات التي يرصدها التاريخ للجيش السوداني مشاركته ضمن القوات العربية ضد الاجتياح العراقي، في زمن الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم أوائل الستينيات، وهدد بغزو الكويت، وأرسلت الجامعة العربية قوة عربية مشتركة ضمت كتيبة من القوات المسلحة السودانية للمساعدة في صد الغزو إذا وقع، وعندما انتهت مهمتهم واصطفوا في المطار ليستقلوا طائرتهم عائدين، تقدم أحد أمراء أسرة الصباح وسلَّم كل عسكري ظرفاً ضخماً محشواً بالمال والساعات الفاخرة، فانتظر قائد القوة اللواء أ.ح صديق الزيبق حتى انتهى سمو الأمير من توزيع الظروف وعندها صاح بأعلى صوته موجهاً النداء لضباطه وجنوده: «طابور صفا.. انتباااااه» «أرضا ظرف» - أي ضع الظرف على الأرض - ونفذوا جميعهم الأمر ووضعوا الظروف على الأرض دون أي تذمر.«معتددددددل مارش»، وتحركوا وركبوا طائرتهم تاركين الظروف والساعات على الأرض، ووقف كل من حضر هذا الموقف العجيب مشدوهاً!! هذه القصة التي أصبحت إحدى الصفحات الناصعة للجندي السوداني، ما تزال الذاكرة العربية تحتفظ بها، والفضل لهؤلاء الجنود خريجي الكلية الحربية السودانية. \\\\\\\\\\ الجيش السوداني بلبنان.. بطولات كتيبة المظلات السودانية في أعقاب الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان عام 1975 أرسلت جامعة الدول العربية قوات للمساعدة في حفظ السلام هناك، حيث كانت المملكة العربية السعودية والسودان الدولتين الوحيدتين اللتين أرسلتا قواتهما إلى هناك. وكان يطلق على هذه القوات في ذاك الوقت قوات الأمة العربية. شارك السودان في هذه القوات بكتيبة مظلات قادها العقيد أ.ح. مهدي عثمان، وذلك في عام 1976، وكتيبة أخرى في عام 1977 قادها العقيد أ.ح السر دقق، بحسب موقع وزارة الدفاع، وفي هذا العام اشتد تدخل إسرائيل في جنوبلبنان، حيث تم تغيير اسم القوات العربية إلى قوات الردع العربية وانضمت لها وحدات عربية أخرى من الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج. في فبراير 1978، أرسلت كتيبة أخرى لغيار الكتيبة الموجودة بلبنان، وكانت مدعمة بعناصر من المدرعات والمدفعية والمهندسين والإشارة وعناصر طبية، وكانت هذه الكتيبة تختلف في تشكيلها وواجباتها، وذلك بحكم التطورات التي حدثت في لبنان، وكان قائد هذه الكتيبة العقيد أ.ح. مصطفي الزين صغيرون، وقد أوكلت له مهام استراتيجية وحيوية، منها الحفاظ على الأمن والفصل بين الفئات اللبنانية المتحاربة، بجانب حراسة مطار بيروت الدولي، وحراسة كل من السفارة السودانية والمصرية والأمريكية. ============= الفريق بلية: ننتظر مشاركة فاعلة للجيش في "عاصفة الحزم" لتحليل مشاركة قوات من الجيش السوداني بعاصفة الحزم باليمن، يقول الخبير العسكري الفريق (م) عثمان بلية، إن الجيش السوداني متمرِّس وإنه من أقوى الجيوش في العمليات، ولفت إلى أن مشاركة الجيش السوداني خارجياً كانت حاضرة بقوة في أكثر من جولة، وقال: (الجيش السوداني حارب لمدة تفوق الخمسين عاماً، وإنه يمتلك قدرات قوية جداً وخبرات في المنطاق الصحراوية والغابية والجبلية). وأشار عثمان إلى أن الجيش السوداني شارك من قبل في الكنغو، وفي مصر، وزاد: (الجيش السوداني جيش معروف في المنطقة وصاحب سمعة جيدة جداً والآن يشارك مشاركة فعالة في عملية (عاصفة الحزم) وله مهام هجومية). أما عن دور الجيش السوداني في الأرض اليمنية التي تتسم بالوعورة سيما في المناطق الجبلية، يقول عثمان ل(السوداني) إن الجيش السوداني حارب في السودان لفترة طويلة، والسودان بلد شاسع وواسع، ويشمل الجبال بغرب السودان، وبلا شك حقق الجيش السوداني نجاحات في تلك المناطق، وسوف يحقق نجاحاً منقطع النظير في مناطق العمليات اليمنية. ويمضي عثمان قائلاً: (لا يعاني الجيش السوداني من ضعف في بنيته التحتية، ويمتلك أنواعاً متقدمة من الطائرات والمقاتلات وحاملات الجنود ودبابات متطورة). \\\\\\\\ قائد القوات السودانية في لبنان العميد "م" صغيرون: الجندي السوداني لم يكن ينظر لامرأة ولا يمد يده لممتلكات غيره قائد القوات السودانية لحفظ السلام في لبنان أحمد المصطفى صغيرون قال ل"السوداني" أن الجيش السوداني لديه قدرة عالية على القتال في مختلف المواقع، وأن فترة الجنوب تعتبر فترة غنية جداً للجيش، ونوه صغيرون إلى أن الجيش السوداني يستطيع االقتال في الجبال والمرتفعات والأغوار، كما كان في مناطق توريت وجبل مرة، وهو من المؤكد أن ينجد في القتال في اليمن. وأضاف في حديثه ل(السوداني): "عندما كنا في لبنان كان هنالك ملحق العسكري سعيد جداً من الجيش السوداني ولا يخشى مرور زوجته عبر الحواجز السودانية لأن أفراده كانوا يتسمون بالأخلاق الرفيعة والانضباط، وكان الجندي السوداني لا ينظر إلى امرأة ولا يمد يده على ممتلكات غيره"، وزاد: "سمعة الجيش السوداني في الخارج سمعة من ذهب، وكان رمزاً للانضباط والوفاء والشجاعة والإيثار". ويمضي صغيرون قائلاً: (فترتنا في لبنان كانت مدتها عامين والكتيبة الواحدة تفوق ال1000 جندي، وكنا في مناطق في غاية الخطورة ويكفي أننا كنا نحرس وزير الداخلية البناني).