جاء احتفال هذا العام بيوم البيئة العالمي في الخامس من يونيو تحت شعار (سبعة مليارات حلم.... على كوكب واحد...... فلنستهلك بعناية ) في رسالة واضحة للبشرية التي تستهلك كميات من الموارد الطبيعية أكبر بكثير مما يستطيع الكوكب توفيره !!!! وهذا يعني ضغطاً على الموارد الطبيعية واذا عكسنا شعار هذا اليوم على بلدنا ومحدودية مواردنا الطبيعية خاصة بعد أن انفصال الجنوب بموارده الطبيعية البكر نجد انفسنا مطالبين بأن نحضر ورقة من دفتر وقلم رصاص ونجرد كنتين الموارد الطبيعية التي تبقت لنا لنعمل على وضع خطط وبرامج تنموية في حدود مساحة الكنتين وان لا ننشغل بالكلام الاجوف امثال نحن نملك ثروات طبيعية كثيرة!!! وان الله حبانا بكذا وكذا نعم الله حبانا!!! ونحن ضيعناها !! والباقي في كف سياسات تنموية لا تراعي البعد البيئي ولا تعلم عنه!! ولا تكترث بما يقال حول قضايا البيئة وتغير المناخ من الكلام الذي يصدح به خبراء البيئة لدينا في قاعاتهم المرطبة!!! ونحن الآن على الصقيعة موارد محدودة غير مستدامة!! نمط استهلاك عالي غير مرشد!! تنمية تسير على خطي بطيئة تعتمد في جلها على موارد منهكة!!! وعي بيئي مفقود!!! احلام اكثر من واقع ماثل مستقبل مناخي غير واضح المعالم وليس لدينا اي استعداد او معرفة للتكيف معه!!!! ومستويات الاستهلاك لدينا اعلى من الإنتاج مما يعني أنه أننا نقضي على رأس المال الطبيعي لبلدنا بمعدلات مخيفة فاذا كان الهدف من التنمية المستدامة هو تحسين نوعية الحياة لجميع الناس دون زيادة تدهور البيئة، ودون المساس باحتياجات الأجيال المقبلة من الموارد فلماذا تنميتنا خصماً على مواردنا!!!! لا شك في أن سياسة قيام مشروعات تنموية دون دراسة جدوى بيئية في السنوات الماضية شهد تدهورا سريعا في علاقتنا مع الموارد الطبيعية – التي كانت أكثر مما كانت عليه – وللأسف رغم كل هذا الاسراع والتعجل في قيام المشروعات كانت النتائج مخيبة للآمال فلا تنمية حصدنا ولا موارد ابقينا!! وتحول نمط الإنتاج الى الاستهلاك ، ولا زال المواطن يفتقد الضروريات الأساسية، مثل الغذاء، والماء النظيف، والرعاية الصحية!!!وادئ هذا إلى تزايد الصراعات الاجتماعية!!! أن أنماط الاستهلاك غير المستدامة التي اصبحت واضحة في تعاملنا مع مواردنا او حتى على مستوى حياتنا اليومية مسؤولة بشكل رئيس عن ظهور وتفاقم العديد من المشكلات البيئية، كتزايد النفايات وحالات التلوث والاستنزاف وخسارة التنوع البيولوجي بقيام مشروعات صناعية وخدمية هرب منها البشر والشجر والطير!! وادت إلى تغير المناخ، وزيادة حدة التنافس عليها بين السكان والقطاعات التنموية المختلفة!!! وحتى على مستوى الافراد تزايدت النزعة الاستهلاكية بصورة واضحة، وتحول المجتمع إلى مجتمع استهلاكي من الدرجة الأولي و تحول الاستهلاك من عملية ترتبط بالإنتاج ومكملة لها, ومرتبطة بالمنتج الوطني إلى حالة تشبه الإدمان، حيث أصبحت تعبر عن ثقافة مفروضة على الجميع بدلا من ثقافة اختيارية تخضع لمعايير عقلانية من أجل إعادة الإنتاج واستمراريته لصالح المجتمع, واصبحنا سوقا كبيرا لكل منتج خارجي من ارقى المنتجات إلى زبالة العالم من النفايات المصنعة !!! وبدلاً من نعمل في صنع الحضارة والتنمية اصبحنا منتجيين للتخلف وهدر الموارد وتهريب عقول ومقدرات المواطنين وسط دول العالم !!! ولا زلنا نومى!! وظهرت إشكالية اخرى، باننا لم نعد قادرين على المساهمة فى الإنتاج العالمي بعجزنا عن تصنيع ما يتم تسويقه!! وتشكلت ثقافة الاستهلاك وتغلغلها بين الجماهير على اختلاف أوضاعهم ومستوياتهم الاجتماعية فالكل يريد أن يقتني!!! والاعلانات تغرق بلدا لا لمشروعات تنموية تستوعب آلاف الشباب العاطلين عن العمل ولا لبرامج تدريب تنظمها الدولة لزيادة المعارف والمهارات للشباب بل لتشتري من الكلام إلى الستائر الالكترونية إلى اغراء الشباب للسهر على شارع النيل!!! ويتساءل الناس لماذا النسيج الاجتماعي واه!!! إن ترشيد الاستهلاك شرط ضروري لاستمرارية عملية التنمية و يتطلب هذا تشجع الاستثمار في التنمية الخضراء من المأكل والمشرب إلى المسكن . وهذا يحتاج إلى عمل حثيث في التربية والتوعية وان تضع الجهات المسؤولة القدوة الحسنة!!! ووضع سياسات حكومية واستراتيجيات ، ومبادرات من المجتمع المدني والمؤسسات التربوية ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام. وذلك من أجل تعديل أساليب الحياة والأنماط الاستهلاكية لدى الحكومة و الأفراد وصولاً إلى تصرفات أكثر استدامة. فالفرد المسؤول بيئياً يستهلك كمية أقل من الطاقة والمياه، ويختار أنواع الغذاء الملائمة للطبيعة والظروف المحلية، ويخفف من الهدر وإصدار الانبعاثات!!! فنحن مهدّدون بندرة المياه، نظراً لقلّة مواردنا المائية بالمقارنة مع ارتفاع عدد سكاننا المتزايدة ولا نملا سوى نيل واحد وامطار عجزنا عن حصادها!!! بالإضافة إلى تنامي أخطار تغيّر المناخ يأتي ذلك إلى جانب معلومة أساسية يجب ان ترسخ في عقولنا نحن بلد مناخه جاف حار في معظم شهور السنة فالنسيم والامطار الغزيرة رحلت مع اتفاقية نيفاشا!!! إن التنمية الاقتصادية ذات البعد البيئي والتي تستند إلى مفهوم التنمية المتجددة أو ما يسمى بالتنمية المستدامة التي تعني (التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتهم، والتي تحقق التوازن بين النظام البيئي والاقتصادي والاجتماعي وتساهم في تحقيق أكبر قدر ممكن من الارتقاء في هذه الأنظمة الثلاث) من خلال هذا الشعار يجب أن نطالب بالاقتصاد الأخضر ويجب أن يلغي الاهتمام الذي يجده مفهوم الأمن القومي دون الأمن البيئي !!! لقد ارتبط مفهوم الأمن القومي للدولة في الماضي بالأمن العسكري، ولذلك كان التركيز على بناء قوة قادرة على التعامل مع الأخطار الخارجية باستخدام الأعمال العسكرية، ولكن التفسير الشامل للأمن القومي في الوقت الراهن هو قدرة الدولة على تأمين استمرار مصادر قوتها في كل المجالات بما فيها المجال الاقتصادي لمواجهة المخاطر التي تهددها وتأمين متطلبات الحياة الأساسية لأبنائها في الحاضر والمستقبل، ويرتبط هذا التأمين بالمحافظة على الموارد الطبيعية من الاستخدام الجائر الذي قد يؤدي إلى خلل داخلي وانهيار عناصر قوة الدولة!!! د. نوال حسين عبدالله هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته