انتهيت أمس إلى أن مقال الوزيرة سناء بمثابة زرقاء اليمامة مثلما دعونا قبلها منذ بداية الإنقاذ في منابرها ومؤتمراتها المتعددة بل داخل المجلس الوطني الانتقالي فلم يسمع لقصير رأي بل كان الاستهزاء بالآراء الناصحة ديدن حتى الذين أسسوا ثم انفصلوا من الإنقاذ وصاروا اليوم دعاة للديمقراطية! السؤال الجوهري الآن: هل قرارات المؤتمر حول الحريات والممارسة الديمقراطية والرغبة في دستور جديد للبلاد بمشاركة كل أبناء السودان وتعديل النظام الأساسي لحزب المؤتمر ليواكب المستجدات والتحديات التي تواجهه رغبة حقيقية والقدرة على التغيير المطلوب والانتقال إلى جمهورية مدنية ديمقراطية حقيقية وصادقة وشفافة تواكب تطورات الربيع العربي أم هي مجرد (دعوة مراكبية) وتكتيك جديد (قديم) لكسب الوقت للمزيد من القبضة؟ هذا هو جوهر القضية. ولكنني افتقدت أي إشارة في توصيات المؤتمر ما يشير إلى تلك المراجعات والملاحظات وربما دار في النقاش ولم نسمع به فلم يتكرم علينا أمين الإعلام البروف غندور بالدعوة! هل ذلك متعلق بما نسمع من اتجاهات أو خلافات حقيقية داخل مؤسسات الحزب خاصة العليا منه؟ أم لسان حالهم يقول: من معي فهو قديس ومن ليس معي فهو إبليس؟ الحقيقة لقد افتقدت في مقال الوزيرة سناء عدم تقديم مقترحات محددة لما يجب أن يتخذه المؤتمر الوطني تجاه الوضعية السياسية الخطيرة التي ذكرت فكأنها ترد ولا تقتحم العقبة بفك رقبة الخروج من المأزق الذي وضعت فيه الإنقاذ نفسها بنفسها وتعلق المشاكل والإخفاقات على شماعة المؤامرات الخارجية، وكأني بها لا تقتنع بجوهر نظرية المفكر الجزائري مالك بن نبي حول (القابلية للاستعمار) التي قالها لنا في محاضرته القيمة في القاعة 102 بكلية الآداب عام 1968 وحضرها معظم قيادات الإنقاذ الحالية عندما كنا طلابا بالجامعة، إن نظرية مالك بن نبي تنطبق على الوضعية الحالية من حيث إن سياسات الإنقاذ وقراراتها وأفعالها تجاه القضايا الحيوية للبلاد هي التي جعلتها قابلة للاختراق والإخفاق عندما جعلت الشعارات والهتافية تعلو على التخطيط الحكيم واستعدت جميع القوى داخل وخارج السودان، ورغم بعض الإنجازات والتطورات السياسية والدستورية بعد دستور 1998 وأخيرا اتفاقية نيفاشا فانفصال الجنوب يعكس فشل منهج الحكم الحالي وما تبعه من إخفاق اقتصادي واضح مثل الخلل الهيكلي في الاقتصاد السوداني وطريقنا إلى كساد تضخمي ومزيد سوء المعيشة واحتمال صدمة مالية وضعف واضح في القطاع الصناعي والصادرات والفشل الزراعي رغم (نفرته ونهضته المزعومتين) وفي أهم المؤسسات الإنتاجية والخدمية في البلاد مثل مشروع الجزيرة، والناقلين الوطنيين كالسكة الحديد والخطوط الجوية السودانية والخطوط البحرية والنقل النهري، ماذا بقي لنا؟ بل أهم وأكبر وأنجح شركة اتصالات بيعت في ظروف غامضة فيها شبهة فساد مثل الخصخصات (المدغمسة). الحلول واضحة أيتها الوزيرة النجيبة الصادقة، هو مؤتمر قومي سياسي ودستوري جديد وجاد وصادق وشفاف لا تعزل فيه جهة خاصة ممثلين للأغلبية الحيوية الصامتة المستقلة وقرارات سياسية واضحة لوضع البلاد في عقلية ومنهج جديد عبر حكومة محايدة وفترة انتقالية يحل فيها البرلمان الحالي تنقلنا لانتخابات حرة وصادقة وشفافة ليختار الشعب نظامه وممثليه وحكومته. وإذا كان أهل الحكم يرددون أنهم يمثلون غالب السكان فلم يخشون من نظام ديمقراطي حقيقي؟ أتوقع وحسب مراقبتي أنهم سيحصلون على نسبة لا تقل بل تزيد عن الإسلاميين في دول الربيع العربي، طبعا إذا أحسنوا التصرف قبل فوات الأوان، بغير ذلك ليس هناك ضمان ألا يصيبنا ما أصابهم. السجود لصورة بشار! هل بقي للنظام البعثي الظالم المستبد القاتل الدموي من احترام حتى للمقدسات؟ تصوروا قتل الشبيحة مواطنا سوريا لأنه لم يسجد لصورة المجرم بشار؟ ماذا بقي لكم يا دعاة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وما يطلق عليه زورا حزب الله حتى ترفعوا أيديكم عن هذا النظام السوري المجرم الذي تجاوز حتى أعظم مقدس؟