نزلت في حي (ترانسيت) في بورتسودان للمشاركة في ختام مهرجان السياحة والتسوق الخامس (إيتانينا 5) .لم تواجهني مشكلة مياه كما كنت أتوقع ولكن بعد ونسة مع صاحب مجموعة (باير) للشقق الفندقية (باير: فنار بحري قديم لإرشاد السفن) كشف لي أن المياه تأتي كل شهر مرة واحدة مثلها مثل الماهية، وأن المياه تكلفه قرابة الخمسين جنيه يوميا هي حمولة (التانكر) الذي يعبئه من خزان أربعات بمبلغ 40 جنيه ثم يملأ به خزان تحت الأرض لتضخه المضخة إلى الخزان الأعلي وتتوفر المياه للزبائن. حديث مجموعة باير فسّر لي منظر كارو المياه في طرقات ترانزيت المسفلتة الجميلة والتي اشتهرت مثل غيرها في بورتسودان بالأنترلوك الذي يكسوها ويغيب كل معالم القبح والتخلف. مع هذا حمير الكارو تركض يوميا فوق الزلط لتوفر المياه لسكان الحي الراقي. بالتأكيد صاحب الشقق الفندقية يستطيع شراء تانكر وتخصيصه لعماراته لأنه يجني منها مالا خاصة بعد أن صارت بورتسودان قبلة للسياحة الداخلية وبداية لإنعاش سمعة السودان في السياحة الخارجية. الشقق بعضها صغير للعرسان وآخر كبير للأسر. ذكر لي أحدهم أن المتزوجين يضعون أبناءهم في الشقة الكبيرة ويأخذون الشقة الصغيرة المنفصلة في ذات الطابق ويحققون بذلك فسحة للعيال و(الكبار)، النزلاء قبلي في الشقق كانوا لواءات في الشرطة. وهذا يدل على أن السياحة في بورتسودان سياحة أسرية محترمة ومسئولة وشرعية. تذكرت فقرة من حوار السوداني مع الوالي الدكتور محمد طاهر إيلا والذي أجراه الزملاء ضياء الدين بلال والصحفي المناضل عبدالقادر باكاش: س: أين وصل العمل في مشروع مياه النيل ج: المفترض توصيلها إلى بورتسودان؟ هذه من القضايا المحورية وقد دفعت الحكومة المركزية للشركة المنفذة 47 مليونا مقدم، فقط تبقى إصدار خطاب الضمان من بنك السودان ونتوقع إصداره في يناير الحالي. عزيزي القاريء ... مضى يناير وفبراير ولم يصدر الخطاب العبقري من وزير المالية. والتقيت بالوالي في حفل عشاء أقيم على شرف ضيوف المهرجان الرسميين. جاء للحفل بعد أن انهى ليلة غنائية في الإستاد وقد تحلل من البدلة والكرفتة واكتفى ببنطلون وقميص ليشارك الحضور في الرقص مع الفنان (سيدي دوشكا) ... وبعدها جلس مع الصحفيين وتقاطرت الأسئلة. وجهت له ذات السؤال فأجابني بذات الإجابة وحذف يناير ووضع الشهر القادم بكل ديبلوماسية مع نظرة فاحصة فهمت منها أنه يؤكد صحة باقي الكلام. لم يسيء الرجل للمركز والوزير علي عبدالرسول وهو الشخص الذي يطوقه الفشل في تأخير الخطاب. ولو كان لوزير المالية حجة فليأتنا بها وإلا فإنه الآن يذكرنا بالحديث: يا ابن آدم استسقيتك ولم تسقني! مع الفارق بأن أهل البحر الأحمر لا يطلبون صدقة منه إنما حقهم المشروع في التنمية ولسان حالهم يردد ... البحر الأحمر والميناء ثروة قومية لكن (النيل) خاص بأهل النيل يشربون ولا نشرب معهم ... يحكمون ولا نحكم معهم! خارطة خط الانابيب من النيل لبروتسودان جاهزة والدراسة مكتملة والتمويل جاهز ... بقي فقط توقيع وزير المالية. أ