امتداداً لثورة التعليم العالي، وزيادةً في محتوى مواعينه بما يُناسِب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والعلمية لطالبي التعليم العالي، ورغبةً في تحرير التعليم العالي من كافة القيود الزمانية والمكانية، كان لابد من توفير هذا النوع من التعليم المفتوح، ذلك للمميزات العديدة التي لا تتوافّر في غيره من نُظُم التعليم، وتكاملاً مع الدور الذي يقدمه التعليم المُقيم فقد أصدر مجلس الوزراء الموقر قراره رقم (164) في أبريل 2002م الموافق 2 صفر 1423ه بإجازة مشروع جامعة السودان المفتوحة. ثم تلا ذلك إجازة قانون الجامعة من قِبل المجلس الوطني في جلسته رقم (11) من دورة الانعقاد السابع بتاريخ 9 ربيع أول 1425ه الموافق 28 أبريل 2004م. ومنذ ذلك التاريخ بدأت الجامعة في استخدام التقنيات الحديثة من حيث انتهى الآخرون . ولذلك ظلت جامعة السودان المفتوحة تعمل على تطوير العملية التعليمية من خلال أساليب ووسائل تقنية تعليمية تقوم على فلسفة واستراتيجية التعليم المفتوح التي تستخدم عدة وسائط وأساليب ومكونات التعليم والتعلم التي تمكَن الطلاب على اختلاف ميولهم وقدراتهم فرصاً مرنة ومناسبة مع متطلبات الدراسة بالجامعة، فالمواد المطبوعة المصممة تصميماً خاصاً للتعلم المفتوح الذاتي والمواد المساندة التى تتمثل في وسائط متعددة (الهاتف ، الحاسوب ، الانترنت ، الإذاعة) واللقاءات التعليمية المباشرة وغير المباشرة عبر الانترنت (تجربة التعليم الالكتروني في منطقة الشرق وشمال كردفان) وأساليب التقويم المتبعة في الواجبات الدراسية كل هذه الأساليب والوسائط مكَنت الجامعة من توفير عملية تعليمية متميزة تناسب الدارس الذي يلتحق بأحد برامجها وبما يمكنه من تعليم ذاتي دون التقيد بالزمان أو المكان وهذه المزاوجه التي استخدمتها الجامعة بين أساليب التعليم التقليدي والمفتوح أثبتت كفاءتها في المخرجات بل أصبحت تجربة غير مسبوقة في التعليم العالي المفتوح في السودان . ونخلص أن تجربة جامعة السودان المفتوحة رغم عمرها القصير إلا أنها تمكنت من تحقيق نجاحات في معظم أهدافها وذلك من خلال توظيف أجهزتها الإدارية والأكاديمية والفنية في هذا الاتجاه وكذلك من خلال أنشطتها وعملياتها التعليمية المتعددة الوسائط والأساليب التعليمية تمكنت من ترسيخ وتوطين تجربة متميزة للتعليم العالي المفتوح في السودان فضلاً عن أنها أسهمت في زيادة فرص التعليم العالي لعدد كبير من المحرومين منه بسبب ظروفهم العملية أو الجغرافية أو الأسرية بل اتاحته للجميع ايماناً بتعاليم ديننا الإسلامي الذي يدعو إلى عمل مستمر ومستقبل أفضل والشاهد في الأمر تجربتها في إعداد وتدريب المعلمين والأجهزة الأمنية والعاملين في دواوين الحكومة، أي غيرت مفهوم التعليم في السودان بدلاً من أن يقطع الدارس الأميال للتعليم، أصبحت جامعة السودان المفتوحة تذهب للدارس ليتعلم. بالإضافة إلى أنها أثرت المكتبة السودانية بعدد من المصادر المعلوماتية التي تتضمن قواعد البيانات المتمثلة في المكتبة الالكترونية لدعم التعليم المفتوح، والمقررات المتاحة على موقع الجامعة، والبرامج الاذاعية التعليمية والثقافية. وأخيراً الحمد لله بدأ بث البرامج التعليمية عبر القناه الفضائية التعليمية التي تعد الاولى من نوعها في السودان. وسنفرد لهذا الحدث كتاباً آخر. وبهذا تكون جامعة السودان المفتوحة تستشرف المستقبل ارتكازاً على بنية تحتية قويمة علماً بأن المستقبل من علم الغيب عن البشر وعلمه عند الله وحده لقوله تعالى : ) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) لقمان 34. الا أنَّ البشر مع توكيلهم وتسليمهم لله مأمورين بالاجتهاد والتخطيط للمستقبل وهذا ما يدعو إليه ديننا الحنيف الوارد في قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) الأحزاب:21 وقد خطط رسول الله صلى الله عليه وسلم لبناء دولة إسلامية وأعد العدة لها وسار على نهجه خلفاؤه من السلف الصالح. وبناء على هذه الموجهات التي يدعو بها ديننا الحنيف تتجه جامعة السودان المفتوحة بكل امكاناتها التعليمية (بيئة تعليمية مفتوحة على شبكات المعرفة، والتعلم الذاتي ، وابتكار المعرفة، والتعليم لعالم متغير، ومشاركة مجتمعية فاعلة) نحو اقتصاديات المعرفة برؤية مستقبلية متميزة وواعية للمتغيرات العالمية مستفيدة من الخبرات العالمية واتساق الخطة مع الموارد المالية وهذه مؤشرات لنجاح الرؤية المستقبلية والشاهد في ذلك انها انطلقت من حيث انتهى الآخرون، وبذلك تكون جامعة السودان المفتوحة هي جامعة المستقبل التي تشير الدلائل اليها من خلال توظيف تقنية المعلومات في تقديم افضل خدمة معرفية معلوماتية للمجتمع عبر وسائل الاتصال القليلة التكلفة وأثيرها المفتوح للبث المرئي والسمعي والانتشار الواسع في جميع أنحاء السودان بصفة خاصة وإفريقيا والعالم العربي بصفة عامة. وما يعزز تحقيق هذه الرؤية المستقبلية أنَّ تطوير التعليم في السودان أصبح قضية كل فرد في المجتمع ومن أولويات التنمية المستدامة فضلاً عن أنه يحتل حيزاً كبيراً في الخطاب الرسمي والسياسي في برامج النظام الحاكم وبرامج أنشطة المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، والشاهد في ذلك هنالك إجماع تام على أن التعليم هو الوسيلة الأساسية لاستثمار الموارد البشرية التي تمثل العمود الفقري للتقدم الاقتصادي والمعرفي والمعلوماتي والعنصر الفاعل في التحول الى مجتمع المعرفة المعلوماتية والدليل على ذلك يشهد السودان اليوم حراكا معلوماتيا (حلقات نقاش- جلسات علمية ) تمهيداً لقيام المؤتمر القومي للتعليم في السودان في يوم 19/2/2012م. ونختم بأن نذكر أنَّ جامعة السودان المفتوحة احتلت المرتبة الأولى في الجامعات المفتوحة العربية، والمرتبة الثالثة بين الجامعات السودانية، والمرتبة التاسعة والستين في إفريقيا، والمرتبة 4488 عالمياً حسب تصنيف Webometrics بتاريخ 8/2/2012م جامعة السودان المفتوحة