قال تعالي{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)}"سورة الشوري" العفو هو تنازل الإنسان عن حقه طواعية وصفحه عمن اساء إليه. والعفو إسم من أسماء الله الحسني فعفا عن الذنب أي محاه وإزاله وهو بذلك أبلغ من إسم الله الغفور إذا الغفران هو الطمس والتغطية فالأول محا الذنب وإزاله من اساسه. أما الثاني فقد غطاه وستره فحسب وربما لهذا السبب صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نصح السيدة عائشة رضي الله عنه وعن أبيها أن تدعو بهذا الاسم في دعاء ليلة القدر المشهورة "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" وهو من الصفات التي يحبها الله، سبحانه وتعالي من عباده أن يتصفوا بها تماماً مثلما يحب أن يتصف عباده بالكرم والرحمة والصبر والعفو فضيلة كبرى ونعمة عظمي تقي صاحبها براثن الغضب وتحميه من نيران الثأر وتتنوع مضاعفات الغضب بين أعراض عضوية يشعر بها الغاضب ويمكن قياسها وتحديدها مثل ارتفاع الدم والسكر والتعرض لنوبات الذبحة الصدرية وأعراض أخرى نفسية مثل القهر والاكتئاب وفضيلة العفو قد يتحلي بها البعض وهم أقلية { وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)}"سورة الشوري". أما غالبية البشر فهم يفتقدون هذه الصفة وهم يعانون كثيراً ويواجهون صعوبات جمة في تعاملهم حيال من يسئ إليهم، ولقد انتبه كثير من علماء النفس لهذه المجموعة فأجروا عليهم الابحاث والفوا لهم النظريات وحلقات ودورات تدريبية بل إخترعوا أجهزة وبرنامج كمبيوتر تعينهم على تعلم العفو وإتخاذه فضيلة وصفه يواجهون بها الغضب ويحمون أنفسهم من تبعاته وحتي يعلموهم العفو يعرفوهم أولاً مراحل التي يتولد الغضب وكيف يشعر الإنسان بالاساءة وكيف يضخمها حتي تتحول إلى مأساة. لأنهم أكثر حساسية من غيرهم وهذا الذي يقودهم للاحساس بالظلم والإساءة والآلام الشعور بالحساسية المفرطة يجب ندرك ان العفو اختياري فلست مرغماً على من إساء إليك ولكنه أيضاً لا يحدث بمحض الصدفة، إذ لابد من ان نتخذ قرار العفو. وللعفو ثلاثة شروط يجب أن تتوفر فيمن يريد أن يعفو وهي أعرف مشاعرك نحو الحدث الذي مر بك كن واضحاً عند تحديد الحدث الذي أضر بك. اشرك معك في تجربتك شخصاً واحداً أو اثنين ممن تثق بهم. وجائزة العفو هو ما أخبر نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وأروع المثل في التحلي بهذه الخصلة الحميدة فموقفه يوم فتح مكة حينما عفا عن كل الذين اساءوا إليه وأذوه وأخرجوه وقال لهم أذهبوا فأنتم الطلقاء. وعفا الله عما سلف.