الاتفاق الذي توصل اليه المعتصمون المناصير وحكومة ولاية نهر النيل يجب أن نثمنه جميعا ونتوجه بالشكر لكافة الأطراف من لجنة وساطة بقيادة صديقي حسن عثمان رزق ود.إبراهيم الأمين كما يجب ألا ننسى الجهود المضنية لوالي ولاية نهر النيل وحكومته منذ نشوء المشكلة وتعاملها الحكيم والحضاري مع المعتصمين .. أما أنتم يا أهل المناصير وقيادتهم الحكيمة التي أثبتت قدرة فائقة في ادارة قضيتهم العادلة بكفاءة عالية وأمانة وصبر نبيل حتى نالوا ما يريدون ويبقى فقط الالتزام بالتنفيذ من جهات الاختصاص كما ورد في الاتفاق.. ولا شك أن كل من وقف مع قضية المناصير من كافة الشخصيات ومنظمات المجتمع المدني بكل ألوان الطيف يستحق الشكر من المناصير على تلك الوقفة وتكبد المشاق. عندما ذهبنا الى المعتصمين قبل عدة أسابيع أعطتني اللجنة مشكورة فرصة مخاطبة المعتصمين فقلت لهم إن أهم ما يميز المعتصمين هو سلوكهم الحضاري في كيفية عرض شكواهم بالطريقة السلمية وليس بالعنف مما يعكس سلوكا حضاريا راقيا ولا شك عندي أن ذلك سيؤدي يوما الى إجبار الحكومة الاتحادية والولائية لتنفيذ مطالبهم، وبالعكس فالعنف خاصة بالوسائل العسكرية سيؤدي حتما الى العنف المضاد، الأمر الذي سيجعل القضية تضيع في دوامة العنف والعنف المتبادل. وضربت لهم مثلا بأسلوب مواطني اقليم كاتالونيا في اسبانيا السلمي في مقابل اسلوب مواطني الباسك الأسبان كما كتبت سابقا ولا بأس من التكرار طالما كان مفيدا، فمواطنو كاتالونيا وعاصمتهم برشلونة رأوا أن يواجهوا تهميش المركز وعاصمته ريال مدريد بالتعليم ورفع القدرات والتنمية الاقتصادية فصار اقليم كاتلونيا الأقوى اقتصاديا مما أدى لقوته رياضيا وصار فريقه الكروي برشلونة أقوى فريق عالمي وذلك بسبب الدعم المالي والإنفاق الهائل في كرة القدم الذي وفره لهم اقتصادهم القوي مما مكنهم من التمويل لاستجلاب أفضل اللاعبين والمدربين العالميين وذلك بعكس اقليم الباسك الذي اتخذ من العنف العسكري وسيلة لمواجهة التهميش فكانت النتيجة أن تخلف اقليم الباسك وتحولت منظمة ايتا الى مجرد منظمة ارهابية تبتز السياسيين وتقتل مخالفيها. الآن يتعين على أهل المناصير شيئان الأول هو المتابعة اللصيقة من أجل تنفيذ الاتفاق ثم العمل بكل همة لتطوير منطقتهم ورفع قدرات سكانها واكثار الإنتاج والإنتاجية حتى نبرهن أن العمل السلمي هو أقصر طريق لنيل الحقوق.. وفقهم الله وتحية لهم جميعا. من ناحية أخرى نتمنى ألا تخلف حكومة الولاية العهد مع المناصير بهذا الاتفاق والا فمن المؤكد سيعود المناصير الى الاعتصام اذا لم ينفذ الاتفاق ذلك أن أسوأ التصرفات في السودان التى قادت للمزيد من الصراعات هي – كما ذكر أبيل ألير (كثرة نقض الاتفاقيات والعهود). شرطة النظام.. كتبت أمس عن شرطة النظام العام فقال لي أحد المختصين في علم النفس والاجتماع إن من أكبر العوامل والأسباب التي تسبب في تعسف وتهور بعض ضباط الشرطة الذين يستخدمون العنف تجاه الآخرين ما أطلق عليه (سيكلوجية الإنسان المقهور) وهو سلوك عنيف سببه تلقيهم تدريبا عنيفا أثناء دراستهم خاصة وهم يأتون للالتحاق بالشرطة وهم صغار السن لم يتعودوا على تلك الحياة القاسية في التدريب العنيف فينتقلوا فجأة من حياة عادية ربما هادئة الى قساوة التدريب دون تلقيهم جرعات كافية في علم النفس أو تهيئتهم، الأمر الذي يدفعهم للشراسة والتعسف وعدم القدرة على مواجهة المواقف الصعبة والفجائية.. فهلا وضع المسؤولون هذه الملاحظة في الاعتبار خاصة عندما يواجه الضباط الصغار مواطنين كانوا يوما رجال قوات نظامية..؟ الخبرة والفهم لسيكلوجية المواطنين أمرا أساسيان لرجل الأمن.