لعل المتابع لمباريات الدوري الممتاز، وبطولة كأس السودان التى تقام حالياً على مستوى العاصمة القومية، وحواضر ومدن الولايات، يجد أنها لعبت دوراً كبيراً وملموساً في تفعيل وتنشيط حركة كل المنشآت السياحية على مستوى البلاد، من وسائل نقل بري سياحي، وفنادق ومطاعم وكافتيريات، وحدائق عامة، ومسارح، وعربات أجرة، ومراكز تسوق، ومكاتب اتصالات، وأسواق شعبية، ومكتبات توزيع الصحف السياسية والرياضية وغيرها، فالسياحة الرياضية تتصدر- في عصرنا الحاضر- أولويات السياحات الجماهيرية، وهي تشمل البطولات والدورات الرياضية، والسباقات المختلفة، والمعارض، والمؤتمرات، والمهرجانات، والمناسبات الدينية، وأعياد الحصاد والإنتاج، وجميعها أحداث جماهيرية تؤمها أعداد غفيرة من المشاركين والمنظمين والجمهور ووسائط الإعلام المختلفة. لذلك فهي تحقق مردوداً اقتصادياً كبيراً وسريعاً في نفس الوقت لأن جمهورها يدفع مقدماً مقابل أية خدمة تقدم إليه، ولا تدخل في ذلك سلحفائية السداد المتعلقة بالأنشطة والصادرات الأخرى التى تخضع لعمليات شراء، وتخزين، وشحن، وتفريغ، وفحوصات معملية، وإجراءات مصرفية لسداد قيمتها إضافة لطبيعة البعد الإعلامي الكبير الذي تلعبه السياحات الجماهيرية في التعريف بالبلد المضيف، ولهذا السبب وغيره من الأسباب نجد أن بلدان العالم باختلاف مشاربها ونظمها السياسية ظلت تتسابق وتتنافس من أجل إستضافة السياحات الجماهيرية سالفة الذكر. لقد سبق أن أشرنا في مقالات سابقة إلى ضرورة الاهتمام والتركيز على السياحات والأحداث الجماهيرية وذلك من خلال قناعة تامة بأن البلاد تذخر بإمكانات وموارد سياحية كثيرة ومتنوعة تلبي احتياجات ومتطلبات الكثير من أنواع السياحات الجماهيرية، خاصة بعد أن شهدت البلاد خلال الفترة الماضية تطوراً كبيراً وملموساً في مجال البنيات التحتية والفوقية المرتبطة بالتنمية السياحية، مثل الطرق الحديثة، والمطارات المؤهلة، والاتصالات والجسور، وخدمات الطاقة والمياه، ومنشآت الايواء, والمحلات العامة، وقاعات المؤتمرات، والاستادات الرياضية..الخ، مما يجعل السودان مؤهلاً تماماً لاستقبال، وإستضافة الكثير من السياحات والأحداث الجماهيرية. حتى تتحقق هذه الغايات، فالأمر يتطلب أحكام التنسيق والتعاون التام بين كل الأجهزة والجهات على مستوى المركز والولايات، والاتحادات الرياضية والفنية والثقافية والمهنية، والقطاع الخاص السياحي، ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال النشاط السياحي وهذا يتطلب ما يلي: أولاً: الإسراع بتكوين مجالس تنمية السياحة في الولايات المختلفة إنفاذاً لتوصيات الاجتماع التنسيقي الخامس للسادة الولاة الذي إنعقد بمدينة ملكال في منتصف التسعينات، وكذلك توصيات مؤتمر أركويت الاقتصادي الثاني عشر الذي إنعقد في نفس الفترة تقريباً ديسمبر 1996م، وذلك للقيام بوضع السياسات والخطط والبرامج الخاصة بتنمية وتطوير النشاط السياحي على المستوي الولائي، على ان تضم مجالس الولايات ممثلين للجامعات الولائية والاتحادات الرياضية المحلية والفنية والثقافية والمهنية، والقطاع الخاص السياحي، والجهات الولائية كافة ذات الصلة بتنمية وتطوير السياحة. ثانياً: عقب تكوين مجالس الولايات يتم تشكيل المجلس الأعلى للسياحة كآلية قومية عامة تضم ممثلين لمجالس الولايات، والاتحادات العامة الرياضية والفنية والثقافية والمهنية، والسياحية على المستوى القومي، وذلك لوضع السياسات والخطط والبرامج الخاصة بتنمية وتطوير النشاط السياحي على المستوي القومي. ثالثاً: بعد قيام المجلس الأعلى للسياحة، ينبغي إنشاء الهيئة القومية لتنشيط السياحة على المستوى القومي على أساس أن تضم في عضويتها ممثلين للناقل الجوي الوطني والاتحادات السياحية ووزارة السياحة الاتحادية ووزارة الإعلام وغيرها من الأجهزة ذات الصلة للقيام بالترويج والتسويق للسياحة السودانية في الأسواق المصدرة لحركة السياحة الدولية، كإقامة أيام وأسابيع سياحية، ومعارض، وندوات وملتقيات، ودعوة كبار منظمي الرحلات في الخارج لزيارة البلاد، لتضمين السودان ضمن أجندتهم، والإعلان عن السياحة السودانية بالتركيز على عناصر الإستقطاب السياحي، وفرص الاستثمار المتاحة في قطاع السياحة، من خلال القنوات الفضائية الدولية، والصحف والمجلات في الأسواق المصدرة والعمل على توفير كل مقومات الترويج والتسويق السياحي كإصدار الأدلة والخرائط السياحية، والتقويم السياحي والمطبقات والاقراص الممغنطة وغيرها، التى تساعد منظمي الرحلات على معرفة طبيعة ومكان وتاريخ الحدث السياحي الجماهيري، على أن يساهم القطاع الخاص السياحي وشركات الطيران الوطنية والصناعات الغذائية في ميزانية الهيئة وسياساتها وخططها وأنشطتها باعتبار أنه المستفيد الأول عند إزدهار النشاط السياحي في البلاد. رابعاً: ضرورة إعادة النظر في التشريعات السياحية من أجل إيجاد وكالات سياحية مؤهلة وقادرة على إنعاش حركتي السياحة الداخلية والوافدة مع تكريم وتحفيز الوكالات النشطة أثناء الاحتفال باليوم العالمي للسياحة في سبتمبر من كل عام مع استكمال التشريعات السياحية المفقودة كلائحة تنظيم الإرشاد السياحي ولائحة النقل البري السياحي ولوائح خدمات الطرق البرية والصناعات التذكارية وقانون حماية المناطق السياحية وغيرها من التشريعات السياحية التى تؤطر وتقنن النشاط السياحي بالصورة المطلوبة. ختاماً نأمل أن تكون الشهور القادمة مرحلة إعداد وتجهيز لاستقبال وإستضافة مختلف أنواع السياحات والأحداث الجماهيرية، وتكوين الآليات التنسيقية المذكورة، وأن يكون العام القادم 2013م، بمشيئة الله عام للسياحة في البلاد ونقطة إنطلاق لتحقيق الأهداف والغايات التى تستهدفها السياحات والأحداث الجماهيرية والله الموفق. خبير سياحي عضو الاتحاد العربي للمرشدين السياحيين