إن الهدف الاسمى والأعظم من المؤتمر القومي للتعليم، كان من المفترض أن يتناول معالجة كل سلبيات التعليم من الغاية التي تحقق من أجلها الإنسان خليفة في الأرض ليعبد الله سبحانه وتعالى، والعمل الصالح لتقوى الله، والتي تتطلب إعداده الإعداد المناسب لمكانته ووجوده في الكون ليمارس فيه تلك القدرات وتطويره ليسائر العالم في التطوير، والابتكار. وتربيتنا السودانية وفقا لفلسفة التربية السودانية وتكوين المجتمع السوداني بخصوصياته الثقافية والعقدية المتعددة تحتاج منا للوقوف حاليا حول ما يدور في الساحة التعليمية والتربوية الراهنة في التعليم الخاص، والعادات التي تمارس حاليا في رياض الاطفال من احتفالات للتخريج تبالغ فيها هذه الرياض وهذه المدارس التي تحمل بعض الاسماء الاجنبية من عادات وممارسات واحتفالات لاتتماشى مع تقاليدنا السمحة ومجتمعاتنا هذه الممارسات السائدة حاليا في تخريج الرياض ممارسات غير تربوية، وهناك فوضى تسود بين هذه الرياض لارقيب فيها، وهذه الممارسات تغرس في نفوس هؤلاء النشء خصالا قبيحة، وتعمق في أذهانهم مفاهيم غير تربوية ومعيبة يدفع ثمنها هذا المجتمع مستقبلاً. على هذه الرياض أن تغرس في نفوسهم القيم النبيلة والفاضلة حتى يشبوا وهم مشبعون بهذه القيم الفاضلة والتي سوف تفيدهم في مستقبل الأيام. شاهدت في إحدى الأحياء السكنية حفلة تخريج الأطفال الذين قضوا السنتين ولاعدادهم للتسجيل لمرحلة الاساس، حشد كبير من الاسر والامهات والاباء مشاركين في تخريج أطفالهم ولكن ما يمارس فيها من عادات يشيب لها الولدان، ايادي هذه الاطفال مخضبة بالحناء والمبالغة في تكاليف الاعداد بصورة مبالغة في قاعات المناسبات التي تكلف مبالغ باهظة، ومايدور في احتفالات الخريجين في التعليم العالي مبالغ فيه أيضا هناك شركات تقوم باعداد هذه الاحتفالات ويسبق ذلك (قيدومة) كأن هؤلاء الخريجون (عرسان) حنة ولبس خاص لهذه المناسبة وتمارين ليوم الاحتفال بالموسيقى الذي سوف يختارها الخريج للرقص والدخول للمسرح. هذه الافرازات تعتبر جديدة على المجتمع السوداني ولم تكن هذه الظواهر موجودة بهذا الصورة القبيحة... تخرج آلاف الخريجين من المدارس الابتدائية والثانوية والجامعات بدون هذا الضوضاء. الاحتفال لذلك اليوم كانت تقوم به الجمعيات الادبية بالمدارس وبمشاركة التلاميذ والطلاب أنفسهم كان في السابق يتم الاحتفال بالدفعة في كل نهاية العام الدراسي بالنشاط الممارس بالمدارس من نشاط رياضي- قدم، سلة، طائرة منافسة بين الداخليات واليوم الختامي تقوم به الجمعية الأدبية بالمدرسة المعنية بمشاركة بعض المدارس الموجودة في المدينة المعنية. يقول تعالى: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)سورة الشورى. أما يوم الامتحان الذي يكرم فيه الأمر أو يهان فحدث ولاحرج. أكيد للأسرة دور كبير في قيادة أبنائها للنجاح وذلك من خلال توفير وتهيئة الجو المناسب لهم للمذاكرة والمراجعة اليومية لدروسهم ولابد أن يستمر البرنامج للإعداد من بداية العام الدراسي ومراجعة درس اليوم باليوم ولكن ما يتم حالياً في أيام الامتحانات لهؤلاء الصغار في امتحانات مرحلة الأساس فيه نوع من المبالغة والرهبة للتلاميذ. يتحرك بعض التلاميذ لمدارسهم من الساعة الخامسة والنصف صباحاً قبل صلاة الفجر وهذا شرط وصولهم للمدرسة للمراجعة لامتحان اليوم. الحضور يشمل كل أفراد الأسرة شفقة على أبنائهم وهذا يجعل بعض التلاميذ في حالة (تنشن) لأنه يرى بأن أسرته تبالغ في الاهتمام بهذا اليوم. هذا التنافس بين هذه المدارس الخاصة خلق هذا النوع من الرهبة والمبالغة في الاهتمام وهنالك بعض الممارسات من بعض المدارس غير مسموح لأي تلميذ بإحضار الفطور معه، عليه أن يشتري الوجبة من بوفيه المدرسة السندوتش بتاع الطعمية من الدكان المجاور للمدرسة بمبلغ خمسمائة قرش ويشتريه التلميذ من المدرسة بمبلغ واحد جنيه وخمسمائة قرش- قلم الرصاص في الدكان بمبلغ (100) قرش ويباع للتلميذ بالمدرسة بمبلغ خمسمائة قرش. هذا الكلام غير مقبول وهذا التلميذ يعرف تماما هذه الاسعار وغير كريم من إدارات هذه المدارس هذا التصرف الذي سوف يؤثر على سلوك الاطفال مستقبلا. فلسفتنا مستمدة من عقيدة وقيم واخلاقيات وسلوك هذا المجتمع الذي يختلف تمام الاختلاف عن المجتمعات الاخرى في عاداته وتقاليده ولابد لنا أن نحافظ عليها. اهتمام الاسر في متابعة ابنائهم في دروسهم في المدارس المختلفة شيء جميل وهذا هو الاستثمار الحقيقي. العلم يرفع بيتا لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف على إدارات المدارس الحفاظ على هذه التقاليد السمحة، وعلى وزارات التربية والتعليم المتابعة اللصيقة بما يدور في هذه المدارس. ويقول المولى في كتابه العزيز: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) الشورى. إن المؤتمر القومي للتعليم الذي كان ينتظر مخرجاته من التوصيات الهادفة كل المواطنين والمعلمين بصفة خاصة توصيات تشمل واقعهم المعاش المالي في تحسين أوضاعهم المعيشية والمهنية حتى تلك التوصيات التي خرجت سوف تشكل لها آليات للفحص- التوصيات خرجت عن آلاف التربويين والعاملين في حقل التعليم وبخبرات متراكمة سوف يكون لها آليات مرة أخرى حسب حديث السيد/ النائب الأول لرئيس الجمهورية الذي خاطب الجلسة الختامية في المؤتمر القومي. الشكل النهائي للمؤتمر لم يكن بالصورة المرضية وقد كانت توصيات التعليم العالي طاغية بصورة واضحة للجميع وخوفاً من هذه تطرقنا من قبل في موضوع آخر للمؤتمر بأن قضايا التعليم العام تختلف تمام الاختلاف وبكل من التعليم والعالي قضاياهم المنفصلة والمختلفة، ومن أهم هذه التوصيات قضية السلم التعليمي لمرحلة الاساس والافرازات الخاصة بالسلم من تفاوت في الاعمار والرجوع الى السلم القديم:4-4-4- أساس- متوسط- ثانوي. وقد وجد قبولا من كل مؤتمرات الولايات وقضايا تحسين أوضاع المعلم، المنهج، البيئة المدرسية. كل هذه القضايا كانت سببا في تدهور التعليم العام على دراية تامة لكل هذه القضايا وعليهم والمتابعة اللصيقة وهناك وعد من السيد رئيس الجمهورية من قبل عشرات السنين لمعالجة قضية المعلم واعتبار راتبه أعلى راتب في الدولة وهذا معمول به في معظم دول العالم المتقدمة والذي يجعل من التعليم استثمارا بشريا يعتمد عليه وعلى مخرجاته في تنمية البلاد. الكاتب خارج هذه الدائرة حاليا ما عانيناه من عمل متواصل في حقل التعليم ننتظر اصلاحا لحال المعلم واصلاح المعلم في إصلاح التعليم هذا شعار طرح من قبل. والله من وراء القصد... عبد الغفور سملتوت المنتدى التربوي