قالت نيروب نايوال التي تنحدر أصولها من قبيلة "دينكا نيقوك" بلهجة يكسوها الحزن وهي ترنو بنظرها نحو الشمال أن جنود الجيش الشعبي هاجموا منزلها واصطحبوا ابنها بقوة السلاح وأغلب الظن أنهم يريدون تجنيده للقتال في المناطق الحدودية المشتعلة بين الشمال والجنوب، وقالت نيروب وهي أم لثمانية أطفال نزحت لقرية "أقوك" هرباً بأطفالها من منطقة أبيي المتنازع حولها بين الشمال والجنوب في حديثها ل(وكالة الأنباء الفرنسية) إن جنود الجيش الشعبي يهاجمون المنازل ويجبرون الأطفال على التجنيد ويضربون كل من يتردد في الذهاب معهم ويستخدمون السلاح لإجبار المواطنين للنزول من المراكب العامة للانخراط في التجنيد الإجباري. تجنيد بقوة السلاح وأشارت نيروب في حديثها للوكالة إلى أن الحملات بدأت صباحاً عندما كان الناس نيام وقالت وهي تنظر بقلق لابنها الذي لا يزيد عمره عن ثلاثة عشر عاماً "إنهم يأخذون الجميع حتى الأطفال إنه كان مختبئاً عند حضورهم"، وأضافت وهي تغالب دموعها إنها كانت تأمل في أن يتمكن ابنها دابير الذي أجبره جنود الجيش الشعبي للذهاب للقتال ولم يكمل عامه السابع عشر أن يتمكن من اكمال تعليمه ليصبح طبيباً أو معلماً لتحسين ظروف أسرته الصعبة التي أرهقتها سني الحرب وتساءلت بخوف عن مصير ابنها الذي لا يعلم شيئاً عن فنون القتال واستخدام السلاح. من جانبه قال المسؤول المحلي كات كول في حديثه لذات الوكالة إن هنالك استنفار للدينكا نيقوك الذين فروا من منطقة أبيي للدفاع عن أرضهم، فيما قال مدير مدرسة أقوك سيمون مانيوال إن جنود الجيش الشعبي أثاروا الفوضى بالسوق وطاردوا الرجال في الشوارع وأغلقوا المحلات التجارية، وأشار سيمون لندبة تعلو عينه اليسرى يبدو أنها نتيجة لمقاومته الذهاب معهم إنهم يضربون كل من يعترض على الذهاب معهم ويأخذونه عنوة، مشيراً إلى أن بعض الجنود لا يرتدون الزي العسكري وأغلبهم من المتمردين السابقين الذين انضموا حديثاً للجيش الشعبي، مضيفاً أنه قضى يومين بعد أن تم إجباره للذهاب للمعسكر برفقة ثلاثمائة شخص آخرين إلا أنه أفرج عنه بواسطة مسؤولين من وزارة التربية والتعليم ولكنه يشعر بالأسف لفقد ثلاثة من زملائه لم يتم العثور عليهم بالإضافة لبعض الطلبة. في الأثناء نفى الناطق الرسمي للجيش الشعبي فيليب أقوير في حديثه للوكالة وجود تجنيد على نطاق واسع وقال إنه لا علم له بالأمر. مخاوف الحرب وتساءل الكاتب بصحيفة "ساوس سودان نيشن" جيمس أوكوكو عن مقدرة حكومة دولة الجنوب على مقابلة متطلبات الحرب من دفاع جوي في ظل التقشف الذي أعلنته الدولة التي تمر بضائقة مالية منذ إيقافها لإنتاج النفط والذي كان يمثل معظم دخلها من عملات صعبة، ووصف أوكوكو الدعوة للحرب في ظل الظروف الحالية بأنها دعوى للانتحار، وقال إن الخرطوم فعلت ما بوسعها لتلقين الحركة الشعبية الحاكمة بالجنوب بعض دروس الإذلال حيث يصعب تبرير التعدي على ممتلكات الغير إذا لم يكن نوع من التعدي، مضيفاً هل ينبغي للحركة الشعبية الحاكمة بالجنوب اقتراض الدولارات وتحميل أعباء الديون للأجيال القادمة من أجل شراء أسلحة الدفاع الجوي الباهظة الثمن من طائرات مقاتلة وصواريخ؟، أم ينبغي لها أن تتعاقد مع مرتزقة للقيام بهذه المهمة القذرة نيابة عنها ضد حزب المؤتمر الوطني بالخرطوم الذي لا يرحم؟، لافتاً لأن الأوضاع بكلا الدولتين تتجه للأسوأ وربما تستمر إلى أن يستشعر القادة بالدولتين الخطر من استمرار هذه الحرب، وانتقد أوكوكو عملية التجنيد القسري بالجنوب وقال إن الدفاع عن الأرض يجب أن يكون مسؤولية الجيش الشعبي – المهمة - التي يتقاضى جنوده عليها رواتبهم، مشيراً إلى أن الحرب لا تصب في مصلحة أي من البلدين وأنها يمكن أن تؤلب الرأي العام ضد قادتها.