من قتل إسراء؟ * ذوو الضحايا يتهمون لجنة الشكاوى بمحاباة الأطباء * الشكاوى ارتفعت من (90) إلى (148) حالة في 2011م * اللجنة تشكو من ضعف الإمكانيات وصعوبة الوصول للبينات تحقيق : إنعام محمد الطيب أثبتت دراسة علمية اجرتها منظمة الصحة العالمية عن الأخطاء الطبية في السودان أن المضاعفات الخطيرة التي تسببت في الاعاقة أو فقدان الحياة كانت بنسبة 40%. واكدت الدراسة أن 86%من تلك الحالات كان يمكن تفادي حدوثها. في هذه الدراسة التي كانت تهدف إلى تقدير حجم الأخطاء الطبية في السودان تمت مراجعة 3977 مريضا تم اختيارهم عشوائيا من بين 80119 دخلو ستة مشافٍ سودانية اربعة منها عامة وواحدة للاطفال واخرى لأمراض النساء والتوليد. واستخدمت الدراسة عينة غير احتمالية وكانت نسبة الأخطاء الطبية 5و5 % 30%منها بسيطة. لقد تفاقم موضوع الأخطاء الطبية وبصورة ملفتة والجهات المسئولة لم تحرك ساكنا. * من قضى نحبه؟ ومن ينتظر؟ ثلاث قصص حقيقية كانت كافية وكفيلة بكشف ما يدور من مآسٍ داخل مؤسساتنا العلاجية. ولسوء الحظ أو لحسن الصدف ابطالها اطفال لم تتجاوز اعمار اكبرهم العاشرة، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، بل منهم من اصبح في عداد المعاقين اعاقة دائمة بسبب اخطاء أو اهمال.. حفيت اقدام ذوي المرضى وجفت مآقيهم جيئة وذهاباً من وإلى مكاتب المجلس الطبي وما زال الامل يراود الكثيرون من (محروقي الحشاء) لعل وعسى يجدوا إنصافاً في ردهات المحاكم التي دخلوا ساحاتها مُدجَّجين بحزمة من الاوراق والمستندات التي تُعضِّد مواقفهم.. استمعنا لرواياتهم التي (حكوها) لنا وأكملوها بدموعٍ من دم. في حلقة الامس ولا زالوا ينتظرون الإنصاف في المحاكم بعد أن فقدوا الامل في المجلس الطبي الذي وصفوه بعدم العدالة في الأحكام التي تصدر منه ومحاباة الأطباء زملاء المهنة اكثر من المواطنين فما هي دفوعات المجلس الطبي؟. * الرقابة والمحاسبة المجلس الطبي السوداني مهمته الاساسية هي حماية وصحة المجتمع ويتم ذلك عن طريق ضمان الممارسة الطبية الجيدة وهو جهاز رقابي يتلقى الشكاوى من عدد من الجهات رسمية أو شعبية أو إعلامية، في الفترة الاخيرة ازدادت نسبة الأخطاء الطبية بصورة ملحوظة وبالتالي ازدادت عدد الشكاوى التي تتلقاها لجنة الشكاوى بالمجلس إلا أن هناك اصابع اتهام تشير إلى أن الجزاءات الصادرة من لجنة المحاسبة التي تعمل وفقا لنتائج التحقيق التي تقوم بها لجنة الشكاوى غير رادعة و لا تتناسب وحجم الخطأ الذي قد يكون سببا في الوفاة أو الاعاقة اضافة إلى أن اللجنة تعمل ببطء يجعل المواطن المتضرر ينصرف إلى جهات اخرى كأن يطرح القضية أمام القضاء. وهناك حديث يدور عن عدم فعالية المجلس وعدم جديته في حسم القضايا لصالح المواطن اى هناك (لوبي) لمحاباة الاطباء وزملاء المهنة مما يزيد من زعزعة الثقة في الاطباء ومجلسهم الطبي. كان لابد من الجلوس مع مسئول لجنة الشكاوى بالمجلس الطبي البروفسور محمد عثمان عبد المالك للإجابة على التساؤلات المطروحة حول هذه الاتهامات التي أثارت الغبار حول المجلس واداء لجنة الشكاوى. الخطأ الطبي قصور وقلة كفاءة جاء في تعريف الخطأ الطبي انه يعني القصور في تشخيص أو علاج حالة مرضية بسبب ضعف الخبرة أو قلة الكفاءة من قبل الطبيب الممارس مما قد يؤدي إلى بطء علاج المريض أو التسبب في إحداث اعاقة دائمة له أو تكون سببا في وفاته مما يؤدي إلى زعزعة ثقة المريض في الجهات التي تقدم الخدمة، ما هو اذن دور المجلس الطبي في استعادة هذه الثقة؟. * اعترافات وتبريرات رئيس لجنة الشكاوى بالمجلس الطبي البروفسير محمد عثمان عبد المالك يقول مهمة المجلس الطبي هي حماية صحة المجتمع وضمان الممارسة الطبية الجيدة. ولأداء هذه المهمة كانت لجنة الشكاوى واحدة من لجان المجلس التي تتلقى الشكاوى ضد اي خطأ أو تقصير أو إهمال طبي لتحقق فيه. المجلس الطبي جهاز رقابي ولجنة الشكاوى تقوم بدور الرقابة على الاداء وتتلقى الشكاوى من عدد من الجهات افرادا أو منظمات المجتمع المدني والجهات الرسمية ومن الإعلام أيضا وهناك قنوات وحق التظلم مفتوح ولدينا مواد عديدة جدا تتعلق بالجهاز الرقابي والمحاسبي فالمادة ( 14) تنص على أن المجلس يختص بتنظيم ومراقبة مزاولة مهنة الطب وتطويرها وتوقيع الجزاءات المنصوص عليها في القانون اذ نحن لا نتعامل مع الطبيب فقط انما مع كل الكوادر الطبية. ولم نتوقف عند هذه المقدمة التعريفية بل وضعنا أمام رئيس لجنة الشكاوى بالمجلس الطبي السوداني حزمة من الأسئلة عن ازدياد الشكاوى وإحصائياتها وآليات الفصل فيها فقال إن مهمته الأساسية هي حماية حياة وصحة المجتمع وذلك يتم عن طريق ضمان الممارسة الطبية الجيدة لذلك يقوم المجلس بدور رقابي ومحاسبي ويتلقى المجلس الشكاوى ليس فقط من الافراد وانما من جهات مختلفة والمجلس نفسه لديه لجنة لمراقبة اداء المستشفيات والمؤسسات الصحية. الاخطاء الطبية فعلا في ازدياد وقد وردت إلى المجلس عدد من الشكاوى لا يستهان بها حيث ارتفعت من 90 شكوى إلى 148 في العام 2011 هناك شكاوى تم تحويلها إلى لجنة المحاسبة واخرى تم شطبها وثالثة ما زال التحقيق جاريا حولها. اما عن اللجان فهناك لجنة للشكاوى التي تنظر الشكوى ضد الاطباء المسجلين في سجل المجلس الطبي وتقوم بتقصي الحقائق حول الاخطاء الطبية اما اللجنة الاخرى فهي لجنة مراقبة المؤسسات الصحية وهي تنظر في الشكاوى ضد المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات وهي تتقصى الحقائق وترفع الأمر إلى لجنة المحاسبة وهناك لجنة اخرى تسمى لجنة السلوك المهني هذه اللجان تحقق حول أي شكوى وترفع نتائج تحقيقاتها إلى لجنة المحاسبة التي تصدر القرار وتوقع الجزاءات اذا ثبت أن هناك خطأ طبيا فعلا ولكي يكون الامر اكثر انصافا هناك لجنة للطعون من حق المشتكى أن يلجأ اليها ويقدم استئنافا على القرار الصادر وله الحق بعد كل ذلك في أن يذهب إلى المحكمة. * جدل البينات ورداً على الاتهامات التي تلاحق المجلس بمحاباة الاطباء وإيقاع عقوبات مخففة عليهم يقول دكتور عبد المالك يقول إن لجنة الشكاوى تتكون فعلا من ستة اطباء الا أن هناك ممثلين للمجتمع المدني وباللجنة ايضا اعلاميون. ولتحقيق المزيد من الحيدة فإن لهؤلاء الاعضاء من غير الاطباء نفس الحقوق المتاحة للاطباء كحق التصويت والحق في الحوار والنقاش كما أن اللجنة بها مستشار عام وكبير مستشارين وهم قانونيون يطبقون مواد القانون. اذن فالشاكى محميٌّ والمشكو ضده محمي ايضا وطبيعة اللجنة تقتضي أن يكون اغلبية اعضائها اطباء الا أن التحقيق في اي شكوى مقدمة يستوفي كل المراحل التي تبرئ اللجنة من هذا الاتهام. يشتكي الشخص لجبر الضرر أو حتى لا يتكرر الخطأ مرة أخرى والشكاوى يتم التعامل معها وفقا لاجراءات تبدأ بإفادة مكتوبة من الشاكي يفتح لها ملفا، هذا الملف يعتبر وثيقة قانونية ثم نقوم باستدعاء الشاكي والمشكو ضده ويتم الاستماع لهما معا وبشفافية كاملة ويمنح كل منهما الحق في احضار محامٍ يساعد الشاكي أو المشكو ضده ونستدعي جميع الشهود الذين يمكن أن يدلوا بشهاداتهم كمدير المستشفى أو المدير الطبي أو احد الكوادر الطبية التي حضرت الواقعة موضوع الشكوى كما واننا نستعين بخبير مستقل ونبعث فريقا من اللجنة لمعاينة مكان أو موقع أو مسرح الحدث كغرف العمليات حتى نستوفي كل اركان التحقيق ويتم كل ذلك في سرية تامة بعد أن يكتمل ملف المعلومات من افادات مكتوبة واخرى شفهية وزيارات ميدانية يتم التداول في الموضوع أو الشكوى وبعد النقاش والتداول بين الاطباء وكل اعضاء اللجنة هناك بيانات تؤكد المخالفة ويتم رفعها إلى لجنة المحاسبة بكل مستنداتها وحيثياتها مع ملخص لها اما اذا لم تكن هناك بينات كافية فانه يتم شطب القضية. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو مدى قدرة المجلس على الوصول للبينات والشهود بما يمكنه من تحقيق العدالة؟. رئيس لجنة الشكاوى يعترف أن هناك صعوبة شديدة تواجه عمل اللجنة للحصول على هذه البينات كمعرفة اسباب الوفاة الحقيقية والتأكد من أن هناك خطأ من الطبيب ادى لذلك. والامر هنا لا يثبت الا بتشريح الجثة التي لا تتوفر بسبب ضعف الإمكانيات وبعض المفاهيم الاجتماعية التي تعرقل هذا الاجراء بل استعجالهم لستر الجثمان. كذلك فإن هناك نقصا مريعا في عدد الاطباء المتخصصين في التشريح وأطباء علم الامراض وفي غياب التشريح لا يمكن ولا نستطيع أن نحدد تحديدا قاطعا سبب الوفاة وبالتالي هل كان هناك خطأ طبي ام أن الوفاة كانت طبيعية؟ واذا حاولنا استنتاج ذلك من شهادة الوفاة فإن الطريقة التي تكتب وتستخرج بها شهادة الوفاة لا تعطي اي مؤشر لأن هناك ثلاثة شروط اساسية ومهمة لكتابة هذه الشهادة والتوقيع عليها أولها الكشف على الجثة للتأكد من الموت وسببه، هذه الشهادة لا يتم تحريرها بالصورة التي تمكننا من استخدامها أثناء التحقيق كبينة لأن الطبيب يجب أن يتأكد من هذه الاشياء ثم بعد ذلك يقوم بالتوقيع على شهادة الوفاة واحالتها إلى العدالة ثم إلى المشرحة وفي غياب التشريح لا يمكننا أن نحدد اسباب الوفاة ولا نستطيع بالتالي أن نحدد اذا كان هناك خطأ طبي ام لا. الملف الطبي للمريض وهو ملف يمكن أن يعتمد عليه كثيرا في تقدير الاهمال أو الاهتمام من قبل المؤسسة الطبية أو الطبيب نفسه والتأكد من حجم الخطأ الطبي وإذا كان هناك خطأ طبي فعلا ام لا. هذا الملف لا تتوفر فيه الكفاءة المطلوبة وهو وثيقة قانونية يمكن أن تدين الطبيب وتكشفه أو يمكن أن يكون طوق نجاة له في حالة الشكوى التي يتقدم بها المريض التعامل معه يتم بإهمال شديد ولا يساعدنا في اثبات البينة أو عدمها.